#########

أبحاث

انتهاكات لا تحصى بحق الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا


تجسدت أنواع الانتهاكات التي تعرضت لها الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا ضمن آلاف الأمثلة وتنوعت بين الانتهاكات الجسدية والنفسية، فمن قتل الكوادر الطبية واعتقالهم وتعذيبهم إلى مضايقتهم ومنعهم عن العمل وإجبارهم عليه ببعض الأحيان وخطفهم

24 / كانون أول / ديسمبر / 2018


انتهاكات لا تحصى بحق الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا

 

 

*فراس العلي – مع العدالة

 

سوريا البلد الأكثر خطورة لمن يعمل في الميدان الطبي، عشرات المنظمات تدين قصف المشافي واعتقال الكوادر الطبية في سوريا، اعتصامات وتظاهرات لكوادر طبية خوفاً من هجوم محتمل من نظام الأسد على إدلب، دراسة تؤكد هجرة ثلث الأطباء وخمس الصيادلة بسوريا للخارج.

 

بعض العناوين التي تؤكد كمّ الانتهاكات الهائل التي اُرتكبت من جهات عديدة بحق الكوادر الطبية والمنشآت الصحية في مختلف مناطق سوريا، حيث رصدت منظمات حقوقية محلية آلاف حالات الانتهاك التي حصلت في سوريا خلال السنوات السبع الماضية، ووصلت إلى قصف المشافي والمراكز الطبية واعتقال الكوادر الطبية من أطباء وممرضين ومسعفين وصيادلة.

ولم تتجاوز ردود ومواقف المنظمات الدولية حاجز القلق والتنديد فيما تستمر الانتهاكات بحق الكوادر والمنشآت الطبية إلى الآن رغم توقف القصف والاشتباكات في معظم أنحاء سوريا.

 

وأثر التضييق على قطاع الخدمات الطبية من قبل نظام الأسد وميليشياته وهيئة تحرير الشام إلى خلق أزمة طبية في الكثير من الأحيان الأمر ليكون المدني المتضرر الأول من ذلك.

 

وباتت أبسط حقوق المواطن السوري والتي تتجسد بالاستفادة من الرعاية الصحية مفقودة خلال السنوات الماضية، بينما تنتظر آلاف الملفات والقضايا الموثقة لانتهاكات حصلت ضمن القطاع الصحي محاسبة مرتكبيها.

 

بالأرقام

لم تخلُ تقارير المنظمات الحقوقية والهيئات العاملة على توثيق الانتهاكات في سوريا الشهرية من حالات انتهاكات وصلت للقتل والتدمير بحق الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا.

خلال الاطلاع على التقارير الشهرية لبعض المنظمات الحقوقية السورية مثل مركز توثيق الانتهاكات في سوريا والشبكة السورية لحقوق الإنسان والمعهد السوري للعدالة والمساءلة والمرصد السوري لحقوق الإنسان وهيئات حقوقية محلية أخرى، تبين أن هناك آلاف الانتهاكات ضمن القطاع الطبي.

واستشهد أكثر من 228 طبيباً في المناطق المحررة، بينما تجاوز عدد الممرضين والمسعفين حاجز الـ 200، أما ضحايا متطوعي الهلال الأحمر فوصل إلى 49 بينما شهداء الدفاع المدني تجاوز 121 متطوعاً وزاد عدد ضحايا الكوادر الطبية الأخرى على 167 شهيداً.

 

 

   وعن المنشآت الطبية فوفق ما هو موثق يوجد 342 منشأة طبية و290 مركز دفاع مدني و33 مركزاً تابعاً للهلال الأحمر بالإضافة إلى 155 سيارة إسعاف تعرضوا للتدمير الكلي والجزئي في سوريا، وفق إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ولم تكن التوثيقات هذه تمثل جميع الانتهاكات الحاصلة بحق القطاع الطبي في سوريا بل زاد العدد عنها بكثير بسبب اعتقال آلاف الأطباء وهجرة آخرين من سوريا بسبب المضايقات الأمنية وحال البلاد، كما رصدت آلاف حالات التعدي على حرم المشافي الميدانية من قبل مسلحين.

في دراسة صدرت مؤخراً عن مركز مداد للأبحاث والدراسات، أكدت أن القطاع الصحي فقد نسبة كبيرة من كوادره وهي كانت أحد أسباب نقص الخدمات في القطاع الصحي خلال السنوات الماضية.

ووفق التقديرات فإن ثلث الأطباء وخمس الصيادلة هاجروا من سوريا نحو بلاد أخرى، فيما تقول منظمة الصحة العالمية إن نسبة 75% من العاملين بمجال القطاع الصحي هاجروا سوريا بحثاً عن فرص أفضل للحياة بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

وحسب الدراسة، فإن القطاع الصحي شهد ارتفاعاً في متوسط عدد السكان لكل طبيب بشكل كبير، ووصل إلى 730 مواطناً لكل طبيب عام 2015 بسبب الهجرة الواسعة للأطباء من سوريا.

وفي عدة تصريحات من مسؤولين لدى النظام اعترفوا فيه بخسارة سوريا للعقول البشرية بعد هجرتهم، حيث كان النظام الطرف الأبرز من بين الأطراف الفاعلة بسوريا المسبب لهجرة أصحاب المؤهلات العلمية الذين هُجروا من سوريا فبدأوا بالبحث عن مستقبل معيشي أفضل في غير دول.

 

أنواع الانتهاكات

تجسدت أنواع الانتهاكات التي تعرضت لها الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا ضمن آلاف الأمثلة وتنوعت بين الانتهاكات الجسدية والنفسية، فمن قتل الكوادر الطبية واعتقالهم وتعذيبهم إلى مضايقتهم ومنعهم عن العمل وإجبارهم عليه ببعض الأحيان وخطفهم.

وتكثر الأمثلة على ذلك، ففي أوائل الشهر الحالي، أكد ناشطون استشهاد الطبيب لؤي ثلجي إثر التعذيب بعد اعتقاله من قبل النظام، فيما هناك أطباء مختفين قسرياً مثل الطبيب محمد بشير عرب الذي شوهد آخر مرة في سجن صيدنايا عام 2013.

ومنذ نحو أربعة أشهر اختطف الطبيب خليل آغا الذي كان يعمل في مشفى بريف إدلب وطالبوا زوجته بفدية قدرها 100 ألف دولار، فيما أضرب أطباء وصيادلة في إدلب حزيران الفائت عن العمل لمدة ثلاثة أيام احتجاجاً على حالة الفوضى وانعدام الأمن وحوادث الخطف.

ولعل أبرز الانتهاكات هي حالات القتل والتصفية الميدانية لكوادر طبية من عدة جهات أبرزها نظام الأسد وهيئة تحرير الشام وتنظيم داعش، بالإضافة لحالات القصف المتعمد على المشافي والمراكز الطبية والذي أدى في الكثير من الأحيان لاستشهاد أطباء وممرضين ومرضى وجرحى.

ومن هذه الانتهاكات، تصفية العميد الطبيب معتز حتيتاني على يد قوات النظام بعد أن احتجز في مراكز الإيواء بالغوطة الشرقية، فيما أكدت شبكة “ممارسات الأسد في المناطق المهجرة” تصفية الطبيب حتيتاني بعد تحويله من مراكز الإيواء إلى الأفرع الأمنية في دمشق.

 

 

في المقابل، تعرضت العديد من المشافي والمراكز الصحية للقصف من قبل طيران النظام والطيران الروسي، مثل مشفى معرة النعمان ومشفى السلام ومشفى النور في ريف إدلب ومشفى القدس ومشفى الهدى ومشفى الدقاق ومشفى الحكيم وبنك الدم المركزي ومشفى للتوليد في حلب وريفها، إضافة لعشرات المشافي والمراكز الطبية بالمناطق الأخرى.

بالإضافة لذلك، رصدت الكثير من حالات الاعتداء على حرم المشافي والمراكز الطبية بالسلاح وإطلاق النار لإثارة الرعب بنفوس العاملين بالمشافي والمراجعين إليها، هذا عدا اضطرار الكثير من المرضى والجرحى إلى الهجرة من أجل تلقي العلاج في دول أخرى.

وداهم عناصر هيئة تحرير الشام مشفى كفرنبل واعتقلوا أحد الجرحى، كما داهموا مشفى معرة النعمان ومبنى صحة حماة الحرة واعتقلوا عدداً من الكوادر الطبية وحراس المشافي، هذا بالإضافة للكثير من حالات انتهاك حرمة المشافي من قبل عناصر وشبيحة الأسد بمناطق النظام.

في السياق، تشير تقارير حقوقية إلى وجود آلاف حالات الاعتقال والتوقيف القسري دون أسباب أو بناء على اتهامات صورية لأطباء وممرضين وعاملين بالقطاع الصحي لدى عدة جهات في سوريا أبرزها نظام الأسد.

بالإضافة لذلك رصدت عدة انتهاكات ارتكبتها دول حليفة لنظام الأسد بحق الكوادر والمنشآت الطبية في سوريا، من بينها روسيا وإيران عن طريق الميليشيات التي انتشرت في عدة مناطق بسوريا والطيران الروسي الذي قصف بآلاف الغارات الجوية المناطق المحررة.

 

تأثيرات وكوارث

عندما لايمكن للمواطن السوري أن يستفيد من أقل حق تكفله له مواثيق حقوق الإنسان وهو الرعاية الصحية بسبب عوامل كثيرة، فإنه يضطر في غالب الأحيان لاختيار طريق الهجرة أو البقاء والتعايش مع الواقع المفروض على السوريين في البلاد.

ويمكن معرفة حجم الكارثة الصحية التي يعاني منها السوريون عبر إحصائيات الدول المستضيفة لهم، ففي تركيا وحدها قدمت مشافي تركيا أكثر من 35 مليون خدمة صحية على مر السنوات السابقة، ومن بينهم مليون و300 ألف عملية جراحية وتوليد أكثر من 380 ألف سيدة.

ولا تمثل الإحصائية السابقة الذكر سوى جزء قليل من عدد السوريين في الداخل، بينما هناك ملايين السوريين المستقرين في دول الجوار الأخرى ودول أخرى مثل لبنان والأردن، لكنها تظهر حجم حاجة السوريين الكبيرة في الداخل والخارج على حد سواء لتوفير الرعاية الصحية لهم.

 

اليوم، غابت أدنى مستويات الرعاية الصحية بمعظم أنحاء سوريا، لا تتوفر رعاية طبية متكاملة سوى في بعض المناطق مثل شمال حلب بعد تأسيس العديد من المشافي والمراكز الصحية بإشراف تركي.

كما بات هناك العديد من أنواع الأدوية غير المتوفرة في سوريا ما اضطر ذوي المرضى للبحث عنها في دول أخرى.

في المقابل، لا تزال هيئات ومنظمات صحية وحكومات دول تهتم بدعم القطاع الصحي في سوريا، وشهدت عدة مناطق سورية على تشييد المشافي والمراكز الطبية وخلقت فرص عمل للكوادر الطبية كما زودت بسيارات إسعاف وأجهزة طبية بتقنيات حديثة.

 

 

لكن رغم محاولات دعم القطاع الصحي بسوريا، إلا أن الرعاية الصحية باتت ضحية الصراع المستمر في سوريا، وحذرت منظمة الصحة العالمية مراراً من تدهور الخدمات الصحية وتأثير وصول المدنيين إليها، بينما باتت الرعاية الصحية من الحقوق المفقودة للكثير من المدنيين في سوريا.

وبين حجم الكارثة التي ألحقت بالقطاع الصحي خلال السنوات الفائتة ومحاولات توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية، يوجد مجلدات ضخمة توثق حجم الانتهاكات التي ألحقت بهذا الجانب، هذا عدا الانتهاكات التي لم يتم توثيقها بسبب صعوبة الوصول إليها من قبل المنظمات الحقوقية.

 

اقرأ المزيد للكاتب ⇐ هنا 

.

.