في قراءة للقرار بلغته الأصلية الإنكليزية الذي يتحدث عن المفقودين بشكل عام ولم يحدد سوريا أو دولًا أخرى، بدا واضحًا أن جميع بنود القرار تبدو عامة، وليست مبشرة بالنسبة لوضع المعتقلين لدى نظام الأسد أو لعائلاتهم
19 / حزيران / يونيو / 2019
المصدر: عنب بلدي _ منصور العمري
في 11 يونيو/حزيران 2019، نشر موقع أخبار الأمم المتحدة التالي: “بالإجماع اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2474، الذي قدمت الكويت مشروعه، حول المفقودين نتيجة النزاعات المسلحة.. وأعرب المجلس عن القلق إزاء الزيادة الهائلة في عدد الأشخاص الذين أبلغ عن فقدهم نتيجة الصراعات”.
في أساسيات الخبر الصحفي يكاد يكون الخبر في هذه العبارة هو “إجماع مجلس الأمن” لا ما أجمع عليه، رغم أنه أول قرار أممي من نوعه بشأن المفقودين في النزاعات المسلحة تحديدًا.
عندما نسمع أن مجلس الأمن اعتمد قرارًا بالإجماع، يجب أن نتساءل: كيف وافقت دول قمعية مثل روسيا والصين على قرار أممي بالتوافق مع دول تُعتبر ديمقراطية؟ وخاصة على قرار قد يُطبّق في سوريا.
أصبح من البديهي أن أي مشروع قرار أممي قد يؤذي النظام السوري، تمنعه روسيا، إلى حد أنها تمنع حتى البيانات الصحفية إن أشارت بأي شكل إلى مسؤولية نظام الأسد عن أي جريمة.
فكيف وافقت روسيا على تمرير هذا القرار؟
في قراءة للقرار بلغته الأصلية الإنكليزية الذي يتحدث عن المفقودين بشكل عام ولم يحدد سوريا أو دولًا أخرى، بدا واضحًا أن جميع بنود القرار تبدو عامة، وليست مبشرة بالنسبة لوضع المعتقلين لدى نظام الأسد أو لعائلاتهم.
ليست مبشرة لأن سوريا وهي الدولة الموقعة على اتفاقيات سابقة للأمم المتحدة مثل “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، و”العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، لم تُظهر أي التزام بهذه الاتفاقيات بل على العكس، انتهك النظام السوري جميع هذه الاتفاقيات، وارتكب جرائم التعذيب بشكل ممنهج، وحرم المواطنين من حقوقهم كافة المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات.
ليست مبشرة لأن القرار متعلق بالمفقودين في النزاعات المسلحة، وجميع بنوده تشير إلى المفقودين نتيجة النزاع المسلح، أي لا يشمل من اعتقلهم نظام الأسد في المرحلة السلمية للثورة، أو أن القرار يعتبر الثورة من بدايتها نزاعًا مسلحًا وهو ما يزوّر الحقائق.
ليست مبشرة، لأن القرار يحوي بنودًا قد تكون مدخلًا ومبررًا لمزيد من التمويل للحكومة السورية والتعاون معها من قبل الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، وهيئات ودول أخرى. ففي البند 11 يدعو القرار إلى “تعزيز دور وقدرات الآليات الوطنية… القائمة التي تساعد في معالجة مسألة الأشخاص المفقودين، لتقديم المشورة والدعم إلى الدول الأعضاء والمنظمات الوطنية والدولية والإقليمية الأخرى، وتبادل أفضل الممارسات بالتعاون الوثيق مع جميع المنظمات ذات الصلة”.
وفي البند 13: “يدعو جميع الدول الأعضاء المشاركة في التواصل وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات والتوصيات التقنية، وغيرها من وسائل التعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة، وعند الاقتضاء، مع اللجان الوطنية المعنية بالمفقودين، والمنظمات والآليات الإقليمية والدولية المختصة”.
ليست مبشرة لأن البند 6 يطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الإخفاء القسري، أي أن القرار يطلب من نظام الأسد التحقيق في جرائمه، وهو الذي يمنح حصانة لأفراد مخابراته ويمنع محاسبتهم بالقانون.
البند 6: “يدعو الدول، في حالات الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاع المسلح، أن تتخذ التدابير، حسب الاقتضاء، لضمان إجراء تحقيقات شاملة وفورية ونزيهة وفعالة، ومحاكمة الجرائم المرتبطة بالأشخاص المفقودين نتيجة للنزاع المسلح، وفقًا للقانون الوطني والدولي، بهدف المساءلة الكاملة”.