بقيت ما يقرب من سنة أتعالج نفسياً وجسدياً، عقبها أرسل الأمن الجنائي برقية لمراجعة الفرع كي يطرحوا عليّ بعض الأسئلة كما يزعمون!
19 / كانون أول / ديسمبر / 2019
*مع العدالة
في مقابلة مع منظمة مع العدالة تقول غالية محمود الصباغ، وهي من مواليد دمشق 1987 – 8 -7 ،خريجة كلية اقتصاد وتجارة جامعة دمشق: عملتُ قبل الثورة بجمعية سكنية اسمها” جمعية البشر” للدكتور عمار النحاس لمدة خمس سنوات، وبعدها انطلقت الثورة السورية عام 2011 . بعدها تركتُ العمل والتحقتُ بوظيفة جديدة في جمعية “طوبى” الكائنة في منطقة الجمارك ومديرها أمجد طرابلسي ابن وزير الصناعة علي طرابلسي، وبقيت أعمل لمدة عامين، حتى قدّمت استقالتي بسبب فشل الجمعية وضغط العمل علي بين السكرتارية والمحاسبة.
خلال عام 2013 تم اعتقالي عند حاجز “روتانا” فوق “جسر الرئيس” في دمشق، حينما كنت بصحبة فتاتين شقيقتين من السودان (من صديقاتي المقربات)، قامتا بتسليمي للحاجز، حيث اكتشفتُ بعدها أنهما تعملان لصالح أجهزة النظام السوري الأمنية، في كتابة التقارير والتجسس على المدنيين.
اقتادوني إلى فرع الــ40″ بعد أن جاء رئيسه شخصياً برفقة خمس سيارات دفع رباعي كبيرة، وعناصر مدججين بالسلاح، وبقيت هناك يومين دون تحقيق، بعد أن قاموا بتفتيشي جيداً، ومن ثم تم نقلي إلى فرع الخطيب (251) لأبقى خمسة أيام بلا استجواب، وبدأت بعد ذلك رحلة التحقيق من قبل شخص اسمه “جهاد الأشقر“ ضمن الطابق الأول من الفرع؛ حيث بدأ بأسئلة اعتيادية وهي حول الدراسة والانتماء الحزبي والعمل، وأسماء الأهل والأقارب وسبب قدومي إلى هنا، وأخذ يتهمني بالإرهاب والعمل مع الثورة، وأنا بدوري نكرتُ كل التهم ونفيتها، حينها قاموا بنقل ملفي لضابط آخر لا أذكر اسمه، لم تعجبه أجوبتي، فأشرف على استجوابي من جديد وتعذيبي.
تضيف السيدة “غالية الصباغ” : كان يتواجد هناك أيضاً ضابط برتبة مقدم اسمه “ممدوح حميدوش“ قام بتعذيبي أيضاً؛ انتزعوا أظافر قدميّ، وقاموا بحرق وجهي وعنقي بالسجائر، وصدمي بالكهرباء في صدري عند الغدد، وحرقوا شعري، فضلاً عن الضرب والركل والشتائم القبيحة والإهانات، وإيداعي في منفردة ضيقة جداً لترويعي.
وهكذا.. بقيتُ أربعة أشهر في فرع الخطيب، بين الموت والنجاة، والعذاب المستمر والتعذيب الوحشي، ومن ثم نقلوني إلى سجن عدرا المركزي لشهرين، إلى أن قام الجيش الحر بالهجوم على سجن عدرا، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلات السياسيات، وفي وقتها كانت هناك مفاوضات بين النظام السوري والجيش الحر وتبادل أسرى في صفقة “راهبات دير معلولا”. تم إدراج أسمائنا في الصفقة هذه، وقاموا بنقلنا إلى محكمة الإرهاب عند القاضية الثالثة “عبلة”، فقالت لي إنه تم الإفراج عني بعفو من (الرئيس بشار الأسد)، فأجبتها إن اسمي مدرج ضمن قائمة صفقة التبادل، لكنها نفت أن هناك صفقة أو أي شيء من هذا القبيل.
وعن رحلة الشقاء الأخرى تقول السيدة “الصباغ” : بقيت ما يقرب من سنة أتعالج نفسياً وجسدياً، عقبها أرسل الأمن الجنائي برقية لمراجعة الفرع كي يطرحوا عليّ بعض الأسئلة كما يزعمون! فرفض والدي ذهابي، وقام بتهريبي إلى لبنان، ويلي ذلك عملتُ بدار الفتوى في قرية “مجدل عنجر” – قضاء زحلة، لدى المفتي ” خليل الميس” داخل قسم المحاسبة والأرامل والأيتام، حتى حصلتُ على الإقامة بعد عام، فاستصدروا لي جواز سفر، وتوجهتُ إلى بيروت بعد أن استقرت أموري قليلاً. ذهبتُ إلى المحامية “زينة المصري” ومكثتُ عندها حتى قام رجل تركي بطلب الزواج مني، فقدمَ إلى لبنان من تركيا، وشرع بتجهيز أوراق الزواج، وقمنا بعقد الزواج في المحكمة الشرعية وتسجيله في القنصلية التركية، ومن ثم سافرتُ بصحبته إلى ولاية “أضنة”، وخلال فترة، اكتشفتُ أن “زوجي هذا” من أصحاب السوابق، ولديه ميول شاذ، وأخذ يضربني ويعنّفني كل يوم، وازدادت المشاكل، حتى وصلت إلى المحاكم فقام بطلاقي، وكنت قد حصلتُ على الإقامة في تركيا.. أنا الآن أدرس اللغة التركية، ودون عمل؛ أعتمد على بعض المساعدات العينية من قبل أهلي وبعض المعارف.