في فرع المنطقة، تم تعذيبنا عن طريق نساء سجّانات بأساليب وحشية، وكأن السجّانات يطلبن ثأراً من المعتقلات، لدرجة قيامهن بتعريتنا بوضعيات مهينة وسكب المياه الباردة على أجسامنا، مع الشتائم والكلمات النابية
29 / تشرين أول / أكتوبر / 2019
*مع العدالة
“وصلت درجة السادية لديهنّ- أي السجّانات، بنزع الثياب عنّا بشكل كامل، وذلك بحسب مزاج أيّ سجّانة، ونستلقي على الأرض الباردة، ويقمن بالسير فوقنا، مع إجبارنا على ترديد الشعار الصباحي أو المسائي الذي يعظّم “بشار الأسد” ويضعه بمكانة الله!”
حليمة عبد الرحمن عباس، من مواليد 17/2/1971 مدينة القصير في محافظة حمص/ تحمل شهادة ثانوي علمي ودرست في كلية الحقوق لمدة سنة واحدة ولم تكمل دراستها. كانت تقطن في دمشق – شارع دعبول / مخيم اليرموك – أرملة وأم لولدين – شاب وفتاة.
تروي السيدة حليمة قصة اعتقالها لــ”مع العدالة” كونها شاهدة على الانتهاكات التي حصلت أثناء تواجدها في سجون النظام السوري وأقبيته الأمنية بحق السوريين، فتقول:
اعتقلت في 14 / 1 / 2014 بكمين أمني لأنني كنت أريد أن أوصل مبلغاً من المال لابنة أخي المحاصرة في مخيم اليرموك الذي شهد حصاراً ممنهجاً، كانت تبعاته بأن أفتى شيوخ الجوامع في المخيم للناس بأكل القطط من شدّة الجوع وهول الحصار الذي فرضته قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الطائفية وحزب الله.
الشخص الذي اعتقلت بسببه كان ضمن الكمين الأمني، وأنا لم أدرِ حينما تواصلت معه كي يأخذ المال لمخيم اليرموك أنه كان متواجداً في فرع أمني تابع لأجهزة المخابرات السورية!
-
في (سورية الأسد) لربما يكون ظلكَ مخبراً وجاسوساً عليك يتبع لأي فرع أمني أو جهاز مخابرات!
تكمل السيدة حليمة عن مرحلة الشقاء التي جاءت عقب اعتقالها قائلة:
بعد اعتقالي اقتادوني إلى فرع الأمن العسكري (215) وبدأ التعذيب بشتى الوسائل القاسية؛ منها، الصدمات الكهربائية و(الشَبِح – تعليق الضحية للأعلى) والضرب بــ” الأخضر الإبراهيمي – وهو أنبوب بلاستيكي لونه أخضر”!.. وكان الأمر الفظيع والمؤثر جداً في أنفسنا، أصوات الرجال وقت تعذيبهم، وصرخاتهم وأنينهم!
وهكذا.. بقيت شهرين تحت سياط الجلادين مع غيري من نساء ورجال وأطفال؛ وبعدها، وحين أمروا بتحويلي إلى سجن عدرا، رأيتُ مشهداً دموياً في ساحة الفرع، وهو عبارة عن حافلة كبيرة مليئة بالجثث، وأغلبهم كانوا قد دفنوا سابقاً، وأخرجوهم لينقلوهم إلى مكان آخر!
-
“من المستحيل أن أنسى هذا المشهد، لقد نُحتَ في داخلي حتى الآن !”
في سجن عدرا المركزي، قابلت هناك الكثير من النساء والفتيات، ومنهن – فاطمة رجب، أماني عبود، رانيا وهبة، وظلال صالحاني. وكان مدير سجن عدرا، شخصاً انتهازياً وقذراً هو العقيد “عدنان سليمان”.
السجّانون في أفرع الأمن، وخاصةً الأمن العسكري، كانت أسماؤهم وهميّة، لا ينادون بعضهم البعض إلا بالألقاب؛ وأتذكر منهم – أبو عبدو، وأبوعلي.
كنت أعمل قبل الثورة في الخياطة، وحين اندلاع الثورة عملت في الإغاثة؛ أوزّع المواد الغذائية للمحتاجين وأبناء الشهداء، والعوائل المنكوبة جرّاء القصف والتهجير.
“صورة للسيدة حليمة عباس”
وتضيف السيدة حليمة: ” تم إخلاء سبيلي من سجن عدرا بتاريخ 12 / 5 / 2016 بعد دفع مبلغ كبير من المال، ورغم هذا، خرجت تحت محكمة، فحضرتُ جلستين، وبعد خروجي بأسبوع تماماً، قمتُ بتجهيز أوراق السفر كي أخرج من سورية، وأثناء ذلك، اعتقلوني من دائرة الهجرة والجوازات، وقاموا بتحويلي إلى فرع المنطقة (227) – بموجب مذكرة اعتقال كانت صادرة بحقي وأنا في سجن عدرا، بحسب زعمهم!
في فرع المنطقة، تم تعذيبنا عن طريق نساء سجّانات بأساليب وحشية، وكأن السجّانات يطلبن ثأراً من المعتقلات، لدرجة قيامهن بتعريتنا بوضعيات مهينة وسكب المياه الباردة على أجسامنا، مع الشتائم والكلمات النابية.
إضافة إلى ذلك، كان الجلوس ممنوعاً، نبقى واقفين ووجوهنا إلى الجدار، ونرفع ساقاً واحدة؛ وقد كان هناك “مكيّف تبريد” يعمل على الهواء، يتم توجيهه نحونا مع رشّ الماء علينا، حتى تكاد أجسامنا أن تتجمّد !
وأيضاً، “وصلت درجة السادية لديهنّ- أي السجّانات، بنزع الثياب عنّا بشكل كامل، وذلك بحسب مزاج أيّ سجّانة، ونستلقي على الأرض الباردة، ويقمن بالسير فوقنا، مع إجبارنا على ترديد الشعار الصباحي أو المسائي الذي يعظّم “بشار الأسد” ويضعه بمكانة الله !”
-
“تعذبنا كثيراً في هذا الفرع؛ لقد عاملونا بشكل وحشي ودموي! “
بقيت 15 يوماً في فرع المنطقة (227) ومن ثم تم إخلاء سبيلي، وبعد فترة، على الفور، أخذتُ ابنتي وهربت إلى تركيا حيث كان ابني ينتظرنا هناك.