#########

الضحايا

أسماء تُفضل “الموت” على “الاعتقال”.. فتاة سورية تروي جزءًا من معاناتها


بحزن وألم تقول أسماء إن "اختياري الابتعاد عن عائلتي هو خطأ ارتكبته في حياتي، لكن اختياري البقاء في ظل النظام السوري هو الجريمة الأكبر التي يمكن أن يفعلها الإنسان خلال حياته".

07 / تشرين ثاني / نوفمبر / 2018


أسماء تُفضل “الموت” على “الاعتقال”.. فتاة سورية تروي جزءًا من معاناتها

 

سالم مدللة / المصدر: أنا برس 

 

عينان زائغتان تملؤهما الدموع، ووجه شاحب يبدو عليه الألم والمعاناة، وقصة يفيض منها الأسى واليأس الذي زرعته الحرب خلال السنوات الأخيرة في كل شبر من أراضي سوريا.

 

تروي أسماء، تلك الشابة السورية البالغة من العمر 22 عامًا، والتي تنحدر من ريف دمشق، مأساتها مع النظام السوري وضباطه ابتداءً من عملية التهجير في شهر أبريل/ نيسان الماضي حتى يومنا هذا، في ظل ما تعرضت إليه من تحقيقات واتهامات، عدا عن الإهانات و”العيشة السوداء” بحسب وصفها، التي لقيتها وعائلتها. (اقرأ/ي أيضًا: “إرادتي أقوى من أن أخسر أحلامي”.. قصة فتاة سورية تتحدى الصعاب).

أسماء تحفظت عن ذكر تفاصيل أكثر عن شخصيتها؛ خوفًا على باقي العائلة التي لا تزال حتى الآن في مناطق سيطرة النظام السوري.

 

بدأت القصة عندما اختارت الشابة أن تثق باتفاقية النظام وروسيا التي تم طرحها على المعارضة لنقلهم من الريف إلى مناطق الشمال السوري في إدلب، فغادرت حافلات المعارضة وخرج من تبقى من الأهالي إلى مخيمات الإيواء في حرجلة وما حولها، وأغلق النظام عليهم القبضة الأمنية، وبدأت رحلة الاعتقال والتحقيق مع هذا وذاك. (اقرأ/ي أيضًا: معاناة فتاة سورية بين دمشق واسطنبول).

لم تفكر أسماء يومًا أن “وقاحة الضباط ستصل إلى التحقيق معها ومحاولة إهانتها وإدانتها بتهم ملفقة ليست صحيحة أمام عائلتها، أو أفعال كانت في سياق الحياة كالعمل في المشافي أو أي عمل آخر داخل الغوطة، فقد اعتبره النظام أنه عمل إرهابي ولو كنت تساعد قطة في شربها للماء”، كما تصف أسماء في حديثها مع “أنا برس”.

أسماء اليوم بعد أن واجهت المصاعب واستطاعت الوصول إلى شمال سوريا هربًا من اعتقالها من جديد دون إخراجها، تروي تفاصيل أحد أيام التحقيق لـ “أنا برس” فتقول إن “الضابط وصل مع العساكر إلى خيمتنا واختارني ليحقق معي وأذهب معه إلى الفرع فرفضت في ذلك الحين.. أجبرنا على التحقيق في خيمتنا.. بدأت هنا تفاصيل الإدانة.. فعلتي كذا وكذا وعملتي في المكان الفلاني وكنتي مع الإرهابيين”.

 

وتابعت: “تمتلكه نفسي واستجمعت كل قواي؛ فالخوف يرافقني فقط من منظره المرعب والعساكر الذين من حولنا والسلاح الذي يحملونه.. أنا عملت في التدريس وعملت كممرضة في أحد المشافي حتى نستطيع الحصول على المال للعيش كعائلة أنا وإخواتي ووالداي”. (اقرأ/ي أيضًا: صرخة امراة سورية.. أين حقي؟! أطفالي باتوا بلا طعام).

 

“لحظات رعب زادت عن الساعة ردد فيها المُحقق كلمات مسيئة حاول من خلالها إجباري على القبول والاعتراف بالتهم التي يلقيها علي زورًا.. منذ ذلك الحين بدأت أفكر كيف لي أن أتخلص من ورطتي هذه.. مرت الأيام والشهور حتى استطعنا الخروج من مخيم الإيواء والوصول إلى دمشق المدينة.. مبالغ هائلة وضعتها بينما استطعت الوصول من دمشق إلى الشمال السوري”. بينما لا تفضل أسماء رواية تفاصيل حبسها والتحقيق معها ومن ثم الخروج والهروب إلى الشمال، مكتفية بما روته، خشية تعرض أهلها لأية ضغوطات داخلية.

بحزن وألم تقول أسماء إن “اختياري الابتعاد عن عائلتي هو خطأ ارتكبته في حياتي، لكن اختياري البقاء في ظل النظام السوري هو الجريمة الأكبر التي يمكن أن يفعلها الإنسان خلال حياته”.

 

لم تكن الحياة هنا في الشمال السوري مع أقربائها بحال أفضل، بل هي مفعمة بالخوف، لكن من الموت وليس من الاعتقال، فالفرق كبير، ذلك أن “قوة الإنسان أن يموت بكرامة لا أن يعتقل بلا شرف” على حد وصفها.