#########

الضحايا

أيمن عقاد: كانوا يرمون الجثث من سطح فرع الجوية بحلب ويحرقونها !


كان يستمر في ضربي خلال حديثه معها وكنت أصرخ مع كل ضربة توجه إلي. فقال لي أنا أتحدث مع الفتاة و لا أريد أن أسمع صوتك، إذا صرخت سأضربك مئتي سوط.. أما إذا لم تصرخ سأضربك مائة.

13 / آب / أغسطس / 2020


أيمن عقاد: كانوا يرمون الجثث من سطح فرع الجوية بحلب ويحرقونها !

 *مع العدالة | ضحايا 

المعتقل السابق أيمن عقاد يروي قصة اعتقاله من قبل المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري في حلب، قائلاً:

عندما دخلت المعتقل وأثناء مروري في الممرات، لشدة العتمة فأي مكان يصدر منه الضوء كنت ألتفت نحوه بشكل طبيعي، فرأيت أشخاصاً معلقين من أقدامهم وآخرين معلقين إلى السقف وآخرين مطويين مثل الكتب.

 

وبعض الناس المرميين والمنسيين. فعند الدخول إلى المكان لا يمكن أن تتوقع إن كان هذا الإنسان على قيد الحياة أم لا، وأعتقد أنهم يتقصدون أن يرى المعتقل في بداية دخوله هذه الحالات كي يعرف أين هو ويتوقع ما الذي سيتعرض له.

تم اعتقالي الساعة 10 ليلاً، وكان أول تعذيب الساعة 4 صباحاً، طرقوا الباب وقالوا أيمن عقاد، لكنني لم أكن أتوقع أن يكون التعذيب بهذه السرعة، حينما دخلت إلى الزنزانة قال لي المعتقلين يجب أن تكون جاهزاً للتحقيق، لكن لم يقل لي أحد إنني سوف أتعرض للتعذيب. وقالوا لي لا تصرخ كثيراً ولا تزعج السجان بصوتك كي لا يسوء الأمر أكثر. هذه نصائح المساجين فيما بينهم.



خرجت من الزنزانة ووضعوا العصابة على عيني ثم ضربوني على رأسي بعصا خشبية فلم أعد أرى شيئاً. وقاموا بسحبي في ممرات البناء وعلى الدرج، فشعرت أن وقتاً طويلاً مضى حتى أدخلوني إلى غرفة باردة جداً.

وأول شيء سمعته هناك صوت (شحاطة ) المحقق على الأرض، ثم شعرت بجسده على جسدي، ومن اللمس توقعت أنه يرتدي شورتاً وليس بنطلوناً.

فحاولت أن أبتعد قليلاً عنه، فقام بضربي بكبل رباعي، ثم أزال عني ثيابي وتركني بالثياب الداخلية فقط، ورن هاتفه، واستمرت مكالمته نحو خمس دقائق ، كان يتحدث خلالها مع فتاة، وقال لها:”لدي شاب من جماعة العرعور”.

 

  • وكان يستمر في ضربي خلال حديثه معها وكنت أصرخ مع كل ضربة توجه إلي. فقال لي أنا أتحدث مع الفتاة و لا أريد أن أسمع صوتك، إذا صرخت سأضربك مئتي سوط.. أما إذا لم تصرخ سأضربك مائة .

لذلك قررت عدم الصراخ لأني لا أريد تلقي مئتي ضربة بالسوط، فأطرقت برأسي واستمر بضربي حتى صارت مئة ضربة.

وفيما بعد، كنت أنتظر دوري في التعذيب، وأنا أسمع صوت صراخ المعتقلين الآخرين، والذي يدخل من أذني ويحفر في قلبي. أثناء تلك اللحظات كان فقط الصراخ، فالصراخ هو أكثر ما يعذب حقاً.


وبرأيي بعد عشر دقائق من التعذيب الجسدي لا يمكن أن يكون هناك شيء أكثر من الصراخ المحيط.

وفي كل دورة تعذيب نسمع صوت جثث، كل جسد يسقط على الأرض يصدر صوت هزة، وبعد هذه الهزة يتلوها سكون.


وكان هناك غرفة تسمى المصيف، وهي الغرفة الوحيدة التي تدخلها الشمس، يوضع فيها المرضى فقط، وخاصة آهات الآلام، وهذه الآهات تدخل في حياة المعتقل اليومية، وفي النهاية هذا المصيف هو مجرد مكان للتعذيب تحت الشمس.

وأنا متأكد أنه لم يكن هناك أي سبب واضح للتعذيب، فعندما تدخل 7 دورات من التعذيب المتتالي ولا أحد يطرح عليك سؤالاً، فهذا إثبات أن لا سبب لذلك التعذيب.

أما الديدان التي تخرج من الجروح المتقرحة، فكنت مختصاً بإخراجها من أجساد المغتقلين الآخرين.

وهي ذاتها الديدان التي يقولون إنها تأكل الجسد بعد موت الإنسان ب72 ساعة، وهذه الديدان تفرخ آلاف البيوض على الجرح وتتغذى على الدم النازف من الجرح، ولا وسيلة هناك لعلاجها سوى استئصالها فقط، فكنت أدخل يدي في جرح المعتقل لأخرج تلك الديدان، والتي أدت إلى موت اثنين من المعتقلين معي حينها.

 

  • وهناك أحد المعتقلين الذي ظهرت الديدان في جرح برأسه وظلت تأكله حتى توفي نهاية.

وفي أحد الأيام فتح باب الزنزانة، وقالوا لنا من كان قرب إبراهيم الخطيب عندما مات؟ فأجبنا أنه كان جالس هنا، وأخذوا أربعة من الموجودين ومن بينهم أنا، وصعدنا أدراجاً كثيرة وسرنا في ممرات ثم دخلنا إلى غرفة فيها جثث عديدة بعضها موضوع بأكياس وبعضها ملفوف بسجاد، وأمرونا بحمل إبراهيم الخطيب و صعدنا إلى سطح فرع الجوية.

ورأينا معتقلين غيرنا، أيضاً يحملون الجثث إلى سطح الجوية، وقمنا جميعاً برمي الجثث من السطح إلى الساحة الخلفية للجوية، وهناك كانوا يكدسون الجثث ثم يقومون بحرقها.

وعندما خرجت من المعتقل كانت أمي تحدثني أنهم كانوا يبحثون عني بين الجثث المحروقة، والمرمية في منطقة الزهراء في حلب الجديدة. وأخبرني أحد أصدقائي أنه وجد مرة بين الجثث المحترقة شخصاً يشبهني وأبلغ أهلي بأنه وجدني أخيراً، وذهبوا وصوروا تلك الجثة ظناً منهم بأنني ميت.


  


مواد شبيهة