#########

الضحايا

إعدام الإعلام على يد نظام الأسد.. ضحايا الحقيقة


ومما لا شك فيه أن الإعلاميين كانوا من أبرز الذين تعرضوا للانتهاكات في سوريا، وإذا كانت مختلف الأطراف قد استهدفتهم، إلا أن النظام بقي منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة وحتى الآن الطرف الأكثر ارتكاباً للانتهاكات بحقهم

09 / تشرين ثاني / نوفمبر / 2018


إعدام الإعلام على يد نظام الأسد.. ضحايا الحقيقة

 

 

أحمد طلب الناصر

 

صُنّفت سوريا من بين أسوأ الدول بمقياس حرية الصحافة في العالم منذ ما قبل انطلاقة الثورة فيها، منتصف آذار/ مارس 2011، واستمر نظام الأسد بعد ذلك التاريخ بسعيه إلى تزوير الحقائق وطمسها أمام الشعب السوري والمجتمع الدولي، متخذاً من إعلامه الرسمي منبراً لبث الإشاعات الكاذبة وقصص المؤامرات الكونية التي يحيكها المحتّجون (المخرّبون) بالتعاون مع أطراف دولية معادية للنظام السوري، حسب ادّعائه.

ولم يمضِ الشهر الأول من الاحتجاجات حتى كان النظام قد أغلق معظم مكاتب قنوات التلفزة والصحف العربية والعالمية العاملة في دمشق، وأجبر مراسليها، الذين رصدوا ونقلوا وقائع الحراك وما حصل من انتهاكات جسيمة بحق المتظاهرين، على مغادرة البلاد.

كان النظام السوري يدرك جيداً مدى فاعلية الإعلام المهني في نقل الأحداث التي شهدتها دول الربيع العربي قبيل انتقالها إلى البقاع السورية؛ فعمل جاهداً على محاصرته وإنهاء دوره خوفاً من ملاقاته للمصير الذي لحق بأنظمة تونس ومصر وليبيا..

 

–      “نشطاء” في غياب الإعلام:

ونتيجة الحصار الذي أطبقه نظام الأسد على وسائل الإعلام، نشأت حالة من التعتيم الإعلامي لم تشهده أية دولة من دول الربيع العربي، بل لم تشهده دولة قبل ذلك الوقت.

فلم يكن أمام الثوار في داخل المدن السورية سوى الاستعانة بأبسط الوسائل والأدوات المتاحة لنقل أخبار ووقائع التظاهرات والاحتجاجات إلى الجهات الإعلامية الدولية التي قامت بدورها بنشر ما يصلها منهم على العالم الخارجي وكشف حقيقة ما يجري داخل سوريا أمام المجتمع الدولي.

 

فبرزت منذ ذلك الحين ظاهرة “الناشط الإعلامي” أو “المواطن الصحفي” كما يحلو للبعض تسميته، ليحلّ محلّ المراسل الإعلامي المهني، فحمل على عاتقه مهام تغطية الأخبار وتصديرها رغم ما تحمله تلك المهام من خطورة على حياته وحياة من يحيطون به، فغدا بذلك مصدراً رئيسًا للمعلومات حول الثورة السورية.

 

وشيئاً فشيئاً راحت وكالات الإعلام الدولية تتعاقد مع العديد من أولئك النشطاء، ليمثّلوا بذلك تهديداً رئيساً لنظام الأسد الذي راح يستهدف كل ما له علاقة بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، دون تفريق بين نشطاء سوريين وصحافيين أجانب تابعين لوكالات دولية مختلفة.

وعلى الرغم من تصنيف سوريا من أخطر بلدان العالم على الصحفيين، استمر هؤلاء في عملهم، غير آبهين بآلة الموت المحيطة بهم من كل حدب وصوب، فقتلت وأصابت منهم المئات.

 

–      ضحايا الإعلام.. فوق الأرض وفي أقبية الاعتقال!

تعددت الوسائل التي اتبعها النظام للتخلّص من الإعلاميين في سوريا. فمنهم من قضى تحت التعذيب داخل المعتقلات، ومنهم من لقي حتفه داخل المدن من خلال القصف المباشر، ومنهم من طالته نيران عناصر النظام أثناء الاشتباكات وعلى الجبهات.

وقد وثّق المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين مقتل 435 إعلامياً منذ آذار 2011 ولنهاية تشرين الأول 2018 في سوريا دون أن تتم محاكمة أو محاسبة أحد من مرتكبي هذه الجرائم.

ومما لا شك فيه أن الإعلاميين كانوا من أبرز الذين تعرضوا للانتهاكات في سوريا، وإذا كانت مختلف الأطراف قد استهدفتهم، إلا أن النظام بقي منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة وحتى الآن الطرف الأكثر ارتكاباً للانتهاكات بحقهم. حيث كانت نسبة 92% من جرائم قتل الصحفيين قد تم ارتكابها على يد نظام الأسد وحده.

 

 

أما الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد أشارت بتقرير صدر عنها في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، إلى أن  قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية) قتلت 543 من العاملين في الحقل الإعلامي، بينهم خمسة أطفال وسيدة واحدة، وخمسة صحفيين أجانب.

وبالنسبة للمعتقلين، فقد تم توثيق 346 معتقلاً لدى النظام، منهم 31 صحافياً لقي حتفه تحت التعذيب؛ وقد توزعت حالات قتل الإعلاميين تحت التعذيب في سجون النظام على عدد من المحافظات السورية، فقد شهدت ريف دمشق التي يقع فيها سجنا صيدنايا “المسلخ البشري” وسجن “عدرا” حصول 11 حالة، بينما شهدت مدينة دمشق التي تحوي عدداً كبيراً من سجون الأفرع الأمنية والمخابراتية وقوع 8 حالات، أما سجون ومعتقلات حلب فقد شهدت 5 حالات، وحصلت 3 حالات في سجون الأجهزة الأمنية في محافظة حمص، في حين كانت هناك حالة واحدة في كل من إدلب ودرعا.

 

  • لوائح وأسماء ودماء!

تمكنت بعض المنظمات والجمعيات الحقوقية من إجراء عمليات إحصاء وتوثيق لأسماء الضحايا خلال السنوات السبع الماضية، كالمنظمة السورية لحقوق الإنسان ورابطة الصحفيين السوريين، واللجنة الدولية لحماية الصحفيين (Committee to Protect Journalists).

فقمنا بإعداد قائمة تضم بعض أسماء لصحافيين ونشطاء، سوريين وأجانب، لقوا حتفهم على يد النظام السوري، بطرق وأشكال مختلفة، خلال مراحل متفاوتة من الثورة السورية:

 

  • محمد بديع القاسم (الملقّب سيمون)، مصوّر مستقلّ: قتل في مدينة دير الزور على يد قوات النظام السوري أثناء تغطية الاشتباكات جراء اقتحام الأخير للمدينة صيف 2012. تاريخ الوفاة 4- 9- 2012
  • علاء كريم (محمد القابوني)، المركز الإعلامي في القابون- دمشق، 4- 5- 2017.
  • أحمد أبو الحمزة، مراسل لشبكة سمارت/ مركز حماة الإعلامي، 6- 11- 2015.
  • عبد السلام كنعان، مراسل لقناة الجسر التلفزيونية، 31- 10- 2016
  • أحمد سليمان الضحيك، مصور: قتل في تلبيسة بحمص برصاص رشاش الدبابات بتاريخ 29-5-2011.
  • محمد حسان المسالمة، ناشط إعلامي: تم استهدافه في مدينة درعا- المحطة، طريق السد بتاريخ 20- 8- 2013.
  • فرزات يحيى الجربان، تقني بث فضائي ومصور: تم اعتقاله في بلدة القصير بحمص من قبل أفراد من المخابرات السورية ثم عثر على جثته في اليوم التالي مرمية في شارع عام وقد فقئت عيناه كما كانت آثار التعذيب واضحة على جسده. بتاريخ 20- 11-2011.
  • زكريا الإبراهيم، مراسل الجزيرة: قتل أثناء اشتباك بتاريخ 7- 12- 2015.
  • نزار عدنان حمصة مصور: اعتقلته الاستخبارات السورية لمدة شهر ونصف في حي البياضة بحمص ثم سلمته لذويه جثة هامدة بعد أن فارق الحياة بتاريخ 26- 11- 2011.
  • بشار العطار، ناشط في مركز عربين الإعلامي- الغوطة الشرقية: قضى بنيران النظام السوري بتاريخ 12- 3- 2018.
  • فراس برشان، مصور: قتل برصاص الأمن السوري في مدينة حماة بتاريخ 7-12-2011.
  • بلال جبس مصور: قتل برصاصة قناص أصابته في الصدر في بلدة كفر تخاريم في مدينة إدلب بتاريخ 16-12-2011.
  • همام نجار (أبو يزن الحلبي)، مراسل حلب اليوم: قتل أثناء أداء عمله بالتغطية بتاريخ 16- 4- 2015.
  • حمزة خالد العامر، مصور: قتل بعد استهدافه بقذيفة “آر بي جي” وهو يصور اقتحام الجيش لبلدته شمسين بحمص بتاريخ 15-12-2011.
  • معتصم الصالح، تقني بث مباشر: قتل في مدينة حماة بتاريخ 27-12-2011.
  • معاوية إبراهيم أيوب، مصور: قتل برصاص قوات الأمن ، في الرستن بحمص بينما كان يقوم بتصوير اقتحام قوات الأمن للرستن، بتاريخ 28-12-2011.
  • جيل جاكييه، مصور فرنسي من قناة “فرانس 2” التلفزيونية الفرنسية: قتل إثر انفجار قذيفة مدفعية أو صاروخ في حي عكرمة بحمص خلال زيارة لتغطية أخبار حمص بتصريح من الحكومة السورية بتاريخ 11- 1- 2012.
  • أسامة برهان إدريس، مصور: قتل خلال قصف لحي الإنشاءات في حمص. بتاريخ 27-1-2012.
  • مظهر طيارة، مصور ومواطن صحفي: يرسل لقطات عالية الدقة للقنوات الفضائية: قتل في الخالدية بحمص نتيجة سقوط قذيفة. بتاريخ 4-2-2012.
  • صلاح سميح مرجان، مصور: قتل برصاص قناص، في كرم الزيتون بحمص، بتاريخ 5-2-2012.
  • رامي السيد، مصور: قتل خلال قصف عشوائي على حي باب عمرو بحمص، بتاريخ 21-2-2012.
  • أنس الطرشة، مصور: قتل خلال قصف عشوائي على حي الملعب في حمص بتاريخ 24-2-2012.
  • عبدالله خالد عوض، مصور: قتل نتيجة القصف العشوائي على مدينة القصير في حمص، بتاريخ 24-2-2012.
  • عمر كعكة، مصور: قتل برصاص الأمن السوري في دوما بريف دمشق، بتاريخ 9-3 -2012.
  • ماري كولفن، صحفية أمريكية: قتلت خلال القصف على حي باب عمرو ، بتاريخ 22-2-2012.
  • ريمي أوشيك، مصور فرنسي: قتل خلال القصف على حي باب عمرو، بتاريخ 22-2-2012.
  • وليد بليدي، ونسيم أنتبري، صحفيان جزائريان مستقلان: قتلا قرب قرية “عزمارين” السورية القريبة من الحدود التركية. بتاريخ 26-3- 2012.
  • أحمد محمد جميل الرحمون، ناشط صحفي: قتل خلال تصويره لقصف تعرض له التل الجنوبي لبلدة جرجناز في محافظة إدلب. بتاريخ 29- 03- 2012.
  • أنس الحلواني، ناشط إعلامي: تم إطلاق النار عليه من قبل قناص في مدينة حمص. بتاريخ 06-04-2012.
  • خالد محمود قبيشو، مصور: اعتقلته قوات الأمن السورية من منزله، وأعدمته ميدانياً ثم دهسوا رأسه بدبابة تابعة للجيش السوري في إدلب بتاريخ 17-04-2012. عمل قبيشو على تصوير المظاهرات وتوثيق قصف قوات الجيش السوري لإدلب وريفها، وإنشاء قناة خاصة على “يوتيوب” تبث ما يصوره، كما تعامل مع عدة وسائل إعلام.
  • سمير شلب الشام، مصور: توفي متأثرا بجراحه إثر إصابته بقذيفة أثناء تصويره قصف المنطقة المحيطة بالمستشفى الوطني بحمص بتاريخ 14-04-2012.
  • أحمد عبد الله العبد الله، مصور: قتل أثناء اقتحام الجيش لمدينة الضمير في ريف دمشق بتاريخ 14-04-2012.
  • عبد الرحمن إسماعيل الياسين، ناشط إعلامي في مركز حمورية الإعلامي- الغوطة الشرقية: قتل بقصف النظام السوري بتاريخ 20- 2 -2018.

 

ختاماً، ونظراً لعدم التمكن حتى اللحظة من محاسبة الجناة، يجب علينا المساهمة بشكل فعال في مكافحة سياسة الإفلات من العقاب عبر العمل عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة على تأسيس محكمة خاصة تنظر في الجرائم التي ارتكبت في سورية، والعمل بأقصى جهد ممكن لمنع العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، ومحاسبة أركان نظام الأسد، المرتكبين الفعليين لهذه الانتهاكات.

 

هامش: للاستزادة والاطلاع على أسماء غالبية ضحايا الإعلام خلال الثورة السورية، من خلال الرابط التالي:

CPJ

(تمت كتابة الأسماء جميعها باللغة الإنكليزية حسب لغة الشبكة).

المزيد للكاتب