#########

الضحايا

“اغتصاب الأطفال” في معتقلات الأسد “جريمة شنيعة يقابلها صمت مريب”


"كانت ابنة عمي ومعها حوالي 20 فتاة تحت عمر 18 سنة مجموعات بإحدى غرف السجن: في مساء كل يوم يتم سحب فتاتين أو ثلاث من قبل العناصر، ومن ثم يتم إرجاعهن عقب ساعة من الزمن بعد تعرضهن خلال هذه الفترة لشتى أنواع التعذيب والاعتداءات الجنسية"

28 / شباط / فبراير / 2019


“اغتصاب الأطفال” في معتقلات الأسد “جريمة شنيعة يقابلها صمت مريب”

 

 

 

*فراس العلي – مع العدالة

 

في سورية، تنوعت الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق المدنيين من عدة أطراف أبرزها نظام الأسد، الذي بدأ بالاعتقال والضرب والاغتصاب وانتهى بالمجازر والقصف والتصفيات الميدانية بالإضافة للعديد من الجرائم التي وثقتها سجلات المنظمات الحقوقية.

ومن بين هذه الانتهاكات استخدام الأطفال كوسيلة ضغط على أهاليهم كي يسلم أحد أفراد العائلة نفسه إلى نظام الأسد. هذا ما حصل في العديد من القصص التي رواها معتقلون وأشخاص مطلوبون للنظام بتهم عديدة؛ إذ لم يتردد ضباط النظام في استخدام الأطفال وتعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي منذ بدايات الثورة؛ أبرز هذه الأمثلة عند احتجازهم مجموعة أطفال حين انطلقت الثورة في مدينة درعا للضغط على أهاليهم.

لم تنشر الكثير من التوثيقات التي تخصّ موضوع “اغتصاب الأطفال واستغلالهم في معتقلات نظام الأسد” لأسباب كثيرة، أهمها، كثرة أنواع الانتهاكات اليومية الحاصلة بحق المدنيين في سورية، واستحالة الوصول إلى معتقلات نظام الأسد لتوثيق هذه الانتهاكات، بالإضافة إلى عدم تقبّل بعض من العائلات التجاوب مع الموثقين لحساسية الموضوع.

تشير التقارير الحقوقية إلى وجود أكثر من 4500 طفل سوري دون سن 18 اعتقلوا في سورية من قبل أطراف النزاع الفاعلة، وأكثرهم يقبعون في معتقلات نظام الأسد؛ بينما تؤكد أن المعتقلين الأطفال تعرضوا لانتهاكات كثيرة في السجون من بينها التعذيب الجسدي والاغتصاب.

 

تعرضوا للاغتصاب

تعدّى تعذيب الأطفال السوريين الضرب واستخدام وسائل التعذيب بحقهم في معتقلات النظام إلى اغتصاب المعتقلات الصغيرات من قبل عناصر نظام الأسد.

سعاد إحدى الفتيات السوريات روت خلال حديث معها ما حلّ بعائلة عمها بعد اعتقال اثنين من أولاده من قبل نظام الأسد بسبب محاولة انشقاقه عن النظام، وتقول: “كان عمي عنصراً في فرع أمن الدولة، وفي عام 2012 قرر الانشقاق، لكنه قبل أن يعلن ذلك داهم عناصر الأمن منزله، واعتقلوا ابنته وابنه البالغين من العمر 12 و15 سنة، وتركوا زوجته”.

وتضيف “كان في ذات اليوم يحاول أن يجد مخرجاً دون أن يمر عبر الحواجز كي يصل إلى حلب؛ لتخبره زوجة عمي بما حصل وهي تبكي. حيث قالت له إن عناصر الأمن أخبروها بضرورة ذهابه للفرع حتى يتم إطلاق سراح الأولاد”.

 

 

وتتابع حديثها “بعد مرور قرابة سبعة أشهر وبعد وساطات عديدة، تمكن عمي من إخراج الأطفال من السجن، ومن ثم الهروب نحو حلب عن طريق المهربين مع ضمان عدم المرور بالحواجز العسكرية. وما ترويه ابنة عمي عن التعذيب الجسدي بحقها، والاعتداء الجنسي الذي تعرضت له رغم عمرها الصغير، ليست سوى أفعال شنيعة للغاية لا يمكن الحديث عنها”.

وتكمل “كانت ابنة عمي ومعها حوالي 20 فتاة تحت عمر 18 سنة مجموعات بإحدى غرف السجن: في مساء كل يوم يتم سحب فتاتين أو ثلاث من قبل العناصر، ومن ثم يتم إرجاعهن عقب ساعة من الزمن بعد تعرضهن خلال هذه الفترة لشتى أنواع التعذيب والاعتداءات الجنسية”.

 

حبوب “منع حمل”

في رواية أخرى نقلها تحقيق استقصائي نشر على “موقع انكفاضة”، ويحتوي على شهادات لفتيات تعرضن للاغتصاب في معتقلات نظام الأسد، ومن بينهن نورا التي تبلغ من العمر 16 سنة وتعيش مع والدتها فاطمة في العاصمة الأردنية عمّان بعد أن هاجرت قادمة من درعا.

وجاء في التحقيق على لسان والدة الطفلة فاطمة: “لا أستطيع رواية ما حلّ بابنتي أمامها، وإلا قد تؤذي نفسها، فقد حاولت أن تضع حداً لحياتها مرات عديدة– نورا كانت تتناول حبوباً مهدئة”.

وتتابع فاطمة” اعتقلت نورا وتم اقتيادها لقاعدة عسكرية، كان معها 45 أخريات يتقاسمن الزنزانة، في صباح اليوم التالي، وزّع على الفتيات حبوب منع حمل، أحياناً تعطى الصغيرات حقناً، وبعد مرور 40 يوماً يطلب من الأطفال الوقوف باستعداد، فتعتقد نورا أنه حان موعد الإفراج.

وتضيف الوالدة، اقتيدت نورا بعد ذلك إلى خارج زنزانتها، وتعرضت للاغتصاب في غرفة من قبل رئيس القاعدة العسكرية، كانت الطفلة تبكي وتصرخ، وحاولت أن تعاركهم كي يسمحوا لها بالخروج.

وتختم، بقيت الطفلة في المعتقل إلى حين قرر مجموعة من الجنود في القاعدة الانشقاق، ليطلقوا معهم سراح الأطفال الموجودين، ومن بينهم نورا التي تم تمكنت من الوصول لمنزلها ومن ثم نزحنا نحو الأردن.

وليس ما حلّ بالفتاة الصغيرة هي قصة فريدة من نوعها في سورية، بل هناك آلاف القصص الشبيهة لأطفال اعتقلوا وتعرضوا للاغتصاب والتنكيل والتعذيب الجسدي، لعل أبرزهم الطفل حمزة الخطيب البالغ من العمر 13 سنة والذي اعتقل في نيسان عام 2011 بعد إحدى المظاهرات، ولم يمر سوى شهر حتى أعيد جثة هامدة، علامات التعذيب الشنيعة عليها واضحة، إضافة إلى بتر عضوه التناسلي.

 

الاعتقال للتحقيق

لجأت مخابرات نظام الأسد إلى اعتقال الأطفال دون سن 18، محققة بذلك غايات ومآرب أكثر، عن طريق استخدامهم في التحقيقات لسهولة جعلهم يعترفون بأفعال ذويهم، خاصة هم صغار، ولا يدركون عواقب الأمور. ففي إحدى الروايات التي وثقها “مركز أورنمو” الحقوقي جاء فيها: “أن الأجهزة الأمنية لدى النظام تستعين بالأطفال خلال التحقيقات لسهولة الضغط عليهم وعدم إدراكهم”.

وأضاف، أن أحمد وهو مواطن سوري اعتقلت شقيقته وتعرضت للتحقيق، لكنها أنكرت معرفتها بمكان زوجها المعارض، أو وجود أية صلة لها به، ليتم احتجاز ابنها حسين الذي يبلغ من العمر سبع سنوات ويتعرض للتحقيق. وتابع، كان المحقق يسأله عن والده إن كان لديه سلاح يلعب به كما يفعل هو – كان العنصر يشير لسلاحه-وبالفعل تحمس الطفل وبدأ يقلد والده وهو يطلق الرصاص والشتائم على نظام الأسد”.

ويقول حقوقيون استعرضنا آراءهم خلال إعداد المادة، إن عناصر المخابرات لدى نظام الأسد أصحاب عقليات شيطانية، يفعلون ما يحلو لهم، ويتصرفون بخبث وفق أهوائهم دون الاكتراث للقوانين، كي يحصلوا على ما يريدون من المعتقلين مهما كانوا نساءً أم أطفالاً.

بسام (21 سنة) أحد الشبان تعرض للاعتقال أثناء مشاركته في إحدى المظاهرات عام 2012 بحلب، ليتم نقله إلى سجن حلب المركزي. يروي شقيقه قصته قائلاً: “اعتقل أخي رغم عمره الصغير وتم نقله إلى سجن حلب المركزي، هناك تعرض لكافة أنواع التعذيب التي تعرض لها المعتقلون الآخرون؛ فعناصر الأسد في المعتقلات لا يفرقون بين شيخ مسن وطفل صغير”.

ويتابع “حينما خرج أخي من المعتقل بعد قرابة ثلاثة أشهر اندهشنا لما حلّ به، كان ظهره مليئاً بآثار التعذيب والضرب؛ ولو يأتي يوم وأقابل العناصر الذين ضربوه وعذبوه، سأقتلهم بأرضهم”.

 

توثيقات

يبرز ملف “الانتهاكات الجسدية التي تعرض لها الأطفال ضمن معتقلات النظام” توثيق عدة انتهاكات حصلت في آن واحد على الأطفال، من بينها حجز حريتهم رغم عدم اكتمال أهليتهم، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب والشتم، هذا عدا موضوع الاعتداءات الجنسية التي حصلت داخل أقبية المعتقلات.

خلال إعداد المادة بحثنا عن إحصائيات رسمية قد تكشف عدد الأطفال المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب والاعتداءات الجنسية في سورية، إلا أن أبرز المنظمات والهيئات الحقوقية لا تملك ما كنا نبحث عنه، ولعلّ ذلك يعود لأسباب عديدة، أبرزها، عدم تقبل الكثير من أهالي المعتقلين أن يتحدثوا لأي أحد عما حلّ بأطفالهم في المعتقلات، بالإضافة لصعوبة الوصول إليهم في بعض الأحيان.

رغم ذلك يبقى هذا الموضوع يحمل في طياته تفاصيل مهمة للغاية لابد من توثيقها ولو بعد وقت كي يتم تحديد هوية المسؤولين عنها ويُقدّموا للمحاسبة لقاء ما ارتكبوه من فظائع داخل السجون.

 

المزيد للكاتب

هنا