قاموا باغتصابهن أمام جميع المعتقلين، حتى أن أحدهم قام بضرب رأسه وبدأ يصرخ، فقاموا بقتلهم جميعاً بالرصاص !
28 / نيسان / أبريل / 2020
*مع العدالة | ضحايا
“كل يوم أطلب من الله أن أنسى ما حدث أمامي، لكنني لم أستطع النسيان”
رانيا عبد الحكيم العكش سيدة من حمص، متزوجة بشخص من الريف الشمالي في حماة، اعتقلت في 30 آذار 2011 وخرجت في عام 2017م
تروي السيدة رانيا قصة اعتقالها والرحلة القاسية التي تعرضت خلالها لشتى أصناف التعذيب والإهانة، قائلة: كنت قد ولدت ابنتي الصغيرة مريم حديثاً، وكان زوجي مريضاً، ذهبتُ إلى دمشق كي يتم علاجه، فذهبت وبقيت في دمشق عشرة أيام، وخلال طريق العودة توقفنا أمام “حاجز طيار”، طلبوا منا النزول وأخبرونا أننا سنبقى ساعتين فقط ونحصل على ورقة من الحاجز ونتابع طريقنا، عندها سألت العسكري “إذا كانت فقط ساعتين لماذا توجد دبابة خلفنا وكل هؤلاء الجنود يحيطون بنا؟”
فأجابني بسخرية: “سوف تعرفين لاحقاً!
وطوال الوقت كانوا يحاولون لمسي على وجهي ويحاولون مضايقتي، وقالوا لنا “هذا بسبب ما تفعلونه ضد النظام.”
نقلوني إلى سيارة مفيمة (نوافذها سوداء) فقال أحدهم للآخر اجعل الدبابة تتبعنا، هنا ازداد خوفي وسألتهم إلى أين تأخذونني، فقالوا لي ستعودين بعد ساعتين.
تم سوقي بداية إلى مركز “قدح”، ثم أخذوا بنتي مني وقاموا بضربي على ظهري، إلى أن أنهكنا تماماً من الضرب أنا ومعي شرطي إلى جانبي، ثم بدأ الاستجواب وسألوني أين كنت؟ فأخبرتهم أنني كنت في دمشق، فقالوا لي “كنت ذاهبة للتعامل مع فصيل أحرار الشام” فأنكرت معرفتي بهذا الفصيل.
معسكر الموت في دير شميل
وتضيف السيدة العكش حول نقلها إلى معسكر اعتقال: أخذوني إلى معسكر دير شميل وبقيت هناك ستة أشهر مع التعذيب والإهانة. سألت الموجودين عن هذا المكان فأخبروني بأنه معسكر لتدريب الشبيحة الخاصين بماهر الأسد وحزب الله.
كنت أطل من نافذة (مع أن ذلك كان ممنوعاً) وشاهدت رجالاً أشكالهم مرعبة، لدرجة أنني نطقتُ بالشهادتين! رجالاً يتدربون على القتال، لحاهم طويلة ويحملون سكاكين على خصورهم، والحمدلله أن الحارس لم ينتبه أنني شاهدتهم، حيث إنهم هددونا في حال تلصصنا عبر الشباك يتم قتلنا فوراً.
وعن أمنيتها حول نهاية للطاغية تقول السيدة العكش : أتمنى أن يقوموا بحرق بشار الأسد، لا أعلم لماذا تدرب هؤلاء الجنود بهذا الشكل، والأسوأ من ذلك هم مؤيدوه، والسؤال كيف تتلذذون هكذا بتعذيب الآخرين.. هذا غير معقول.
كانوا يسكبون علينا العَرَق (نوع من المشروب الكحولي) ويقولون لنا “هذا هو استحمامكم” ثم يقومون باغتصابنا، فأي فتاة تنال إعجاب الضابط يغتصبها دون أي رادع وخوف من المحاسبة!
“صورة قمر صناعي لــ معسكر دير شميل في ريف حماه الغربي” – أنترنت
كانت هناك فتيات أخريات، وأذكر “خديجة وحسنى”من حلب -منطقة صلاح الدين، قاموا باغتصابهما أمامنا، حينها طلب الضابط من العسكري إخراج كل السجينات وقال: “الآن سوف أجعلكم تعترفون” قاموا باغتصاب الفتاتين أمام الجميع، فقام أحد المعتقلين بالصراخ وضرب رأسه فقال له الضابط “الآن تفتعل الدفاع عن الشرف وأنتم معروفون بجهاد النكاح” و تم توجيه الكثير من الكلام المسيء لنا.
لم نكن نستطيع الرد بشيء، ولا حتى الصراخ أثناء التعذيب. كنا نتعرض لأقسى أنواع التعذيب ولا نتجرأ حتى على التعبير عن ألمنا، لأن التعذيب يزداد.
في إحدى جلسات التحقيق كان يحقق معي ضابط يدعى “باسل” فصرخت يا الله، فزاد من تعذيبي وكلما صرخت كان يزيد التعذيب أكثر.
كان التعذيب أبشع مما يمكن توقعه؛ فهم يجردوننا تماماً من ثيابنا، ويسكبون عليا العرق ويوجهون لنا أبشع الإساءات اللفظية.
قالوا أننا مطلوبون للفرع 215 ونقلونا إلى هناك ليستمر التحقيق والتعذيب بأبشع الأساليب، ثم نقلوني إلى فرع الأمن العسكري وبقيت هناك أكثر من عامين.
وبعدها تم نقلي إلى سجن صيدنايا بناء على انتظار صدور حكم بحقي، وبقيت هناك حوالي سبعة أشهر، ولم يكن معي سوى نساء، لكننا كنا نسمع أصوات تعذيب للرجال تصدر من جهة أخرى، ولم نعلم أين هم بالضبط.
سجن الجويّة في المزّة
أخبروني أنني مطلوبة لدى فرع الجوية من قبل جميل الحسن في المزة، وكانت معي فتاة من الرستن اسمها “حلا الشيخ” وامرأة من حلب تدعى”أم برهان” بالإضافة إلى “خديجة وحسنى”، وخلال التعذيب اكتشفت أن هناك قراراً من قادة كبار بتصفيتي بتهمة الإرهاب.
كنت أصلي كثيراً وأدعو الله أن ينجيني، حتى سألني أحدهم ما هي أمنيتك، فأخبرته أنني أريد رؤية أبي وأمي، فأخبرني بسخرية أنه تم ذبحهم في مجزرة الحولة، ولم أكد أصدق، فأكدوا ذلك لي، وأخبروني أيضاً أنهم قاموا بقتل إخوتي، ثم أخبروني بأنهم سوف يعدمونني.
مرةً في جلسة تحقيق ولشدة الضرب جرحتُ في رأسي جرحاً شديداً، وشعرت أنني سأفقد وعيي، فأحضروا لي دواء مالح حتى أنني فقدت الوعي تماماً، ثم وضعوني في أكياس سوداء، وربطوني بجنزير (سلسلة حديدية) ولا أعلم إلى أين أخذوني، وعندما سألت عرفت أنني في مستشفى ويتم علاجي.
أخبرتني امرأة أنني أعالج كي أنقل إلى فرع 248 لأنني مطلوبة حية أو ميتة، وطلب المحقق أن أذهب على قيد الحياة، وعندما حاولت أن أسأل أكثر طلبت مني أن أسكت.
بقيت فترة إلى أن تعافيت ثم أعادوني إلى المحقق وبدأ يسألني ويطلب مني اعترافات، فشعرت بأنني استسلمت وقلت له سوف أقول لك كل ما أعرفه، حتى أنني اعترفت بالمشاركة في تفجير جسر الشاغور فطلب مني ذكر اسم الضباط الذين تعاونوا معي فأخذت أذكر أسماء بشكل عشوائي، فعرف أنني أكذب، وأخذ يضربني، ثم سألني “من درب الفتيات على السلاح” أجبته “أنا” وطلب مني أن أظهر في قناة سما الفضائية التابعة للنظام لأقول كل تلك الاعترافات على الهواء، فوافقت كي يتوقف ذلك التعذيب، فطلبوا مني أن أعترف أيضاً بالتفجيرات التي حدثت في المزة ووافقت على ذلك، وطلبوا أيضا أن أعترف بأنني كنت أشتري السلاح.
بعد مرور فترة من الزمن طلبني رئيس الاستخبارات في حمص، فأخذوني إليه وعندما دخلت سألني:”هل تعرفين من أنا؟”
أجبته “لا”
قال :”أنا جميل الحسن، هل تسمعين بي؟”
قلت:”نعم..”
قال:”أنا حتى الله لا يهمني” بالحرف الواحد.
وسألني:” كم هو المبلغ الذي دفع لنا لتخرجي من المعتقل؟” ثم أخبرني هو أن المبلغ (38) مليون ليرة سورية، وقال هذا يؤكد تورطك مع الجيش الحر.
“صورة تعبيرية حول تعذيب الفتيات والنساء في سجون النظام السوري” – أنترنت
- ثم بدأ التعذيب، وأحضر فتاتين من “كفر بطنا” وقتلهما أمامي وقال لي سوف نقتلك أيضاً.
كان يوجد ضابط متعاطف معي وقال لي سوف أساعدك، وفعلاً قام بوضع اسمي أنا وكل الفتيات اللواتي في غرفتي في أسماء المبادلات ( صفقات تبادل أسرى).
بعد ذلك التقى مجموعة من النظام مع مجموعة من الجيش الحر وقاموا بمبادلة الفتيات، وجاء ضابط اسمه “فراس” قام بطلب تحريري بالاسم، وكان الحر حينها قد قام بخطف نساء لضباط، وكن ضمن المبادلة، وبعد التفاوض خرجت أخيراً.
كانت العملية في الأساس في دير شميل، حيث إن زوجة قائد كتيبة أحرار الشام كانت عائدة من تركيا، وهي تحمل نفس اسمي، وتتعامل مع مسلحين، وكي ينقذ زوجته قام بتبديل ملفي (اضبارتي) بملفها (اضبارتها) واكتشف فيما بعد الضابط “إياد خضر” أنني لست المطلوبة، لكن بعد فوات الأوان.
وجدت نفسي في الشارع، حافية القدمين، وشكلي مثير للشفقة، كنت أبحث عن أي مكان آمن أو أي شخص ألجأ إليه.
أتمنى أن تخرج كل المعتقلات بعد العذاب الذي رأيته في المعتقل، لأنه عذاب لا يوصف.