#########

الضحايا

سوريا: اعتقالات تعسفية تطال نشطاء بارزين في محافظة الرقة


أخفقت السلطات المحلّية في تقديم تصاريح عن الأسباب الموجبة لعمليات التوقيف التعسفي التي قامت بها

11 / أيلول / سبتمبر / 2019


سوريا: اعتقالات تعسفية تطال نشطاء بارزين في محافظة الرقة

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة 

مقدمة:

شهدت مناطق عدّة في محافظة الرقة التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات، عمليات دهم وتوقيف تعسفية طالت ما لا يقل عن 14 مدنياً، بينهم 6 نشطاء بارزون في منظمات المجتمع المدني؛ التي بدأت عملها مباشرة في المحافظة بعد دحر تنظيم الدولة الإسلامية–داعش. وقد تمّ تنفيذ هذه الاعتقالات من قبل أجهزة أمنية مختلفة تتبع للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية لأسباب غير معروفة حتى الآن، وذلك خلال الفترة الواقعة بين 1 و 23 آب/أغسطس 2019.


ولغرض هذا التقرير، قامت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بالتواصل مع العديد من الشهود وذوي المحتجزين ونشطاء محليين آخرين، من أجل الوقوف على أسباب وطريقة الاعتقالات التي تمّت، حيث طلبت المصادر عدم كشف هوياتهم لأسباب أمنية، وخوفاً من الاعتقال أو/و الانتقام. وتمّ إجراء جزء من اللقاءات عبر الباحثين الميدانيين وأخرى عبر الانترنت وشركاء محليين.

وأكدّ عدد من شهود العيان الذين كانوا متواجدين لحظة حدوث معظم عمليات التوقيف، أنّ الأخيرة حدّثت بدون إبلاغ الموقوف أو ذويهم لاحقاً بالأسباب التي دفعت إلى توقيفهم أو التهم التي تمّت بموجبها العملية، إضافة إلى ذلك، فلم يتمكن معظم أهالي المحتجزين من معرفة مكان احتجاز أولادهم من السلطات نفسها، ولم يستطيعوا توكيل محامٍ للدفاع عنه، كما رافق بعض عمليات الاعتقال اعتداء بالضرب على محتجز واحد على الأقل ومصادرة أغراض شخصية، فيما يدّل ذلك على أنّ السلطات التي قامت بعمليات الاحتجاز أخفقت في تقديم تصريح حقيقي عن الأسباب الموجبة للتوقيف والاحتجاز لاحقاً.

لا تستخدم الصكوك الدولية نفس المصطلح دوماً للإشارة إلى “الحرمان من الحرّية”، ويمكن أن تشير إلى “القبض” أو “الاعتقال” أو “الاحتجاز” أو “الحبس” أو السجن” أو “الحبس المشدّد” أو “التوقيف” أو ” الحبس التحفّظي” وما إلى ذلك. لهذا السبب اختارت لجنة حقوق الإنسان في قرارها 1997/50، “مصطلح الحرمان من الحرّية” الذي يلغي كل الاختلافات في تفسير مختلف المصطلحات.[1]

 

أولاً: اعتقالات تطال نشطاء محليين بارزين:

  • في يوم السبت 10 آب/أغسطس 2019، قامت دوريّة -تتبع للأمن العام[2] بحسب تصريح أحد أعضائها لأحد الشهود- بالذهاب إلى “مطعم البيت اليوناني” الواقع في قرية الكسرة قرب مدينة الرقّة، حيث قامت بتفتيش المكان وطلب البطاقات الشخصية من جميع الموجودين في المكان، وبعدها قامت بتوقيف كلٍ من؛
  1. صلاح الدين العبد القاطع؛ مسؤول المكتب الإعلامي وعضو مجلس إدارة منظمة “صناع المستقبل.
  2. أنس حسن العبو؛ مسؤول المراقبة والتقييم في منظمة “صنّاع المستقبل”
  3. خالد سعود السلامة؛ مدير مشروع السلامة المرورية في منظمة “صنّاع المستقبل”.
  4. إياس حسن العبو؛ أحد المسؤوليين الإعلاميين في منظمة “آفاق جديدة”.

وروى أحد شهود العيان الذين تواجدوا أثناء حدوث عملية الاعتقال، للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تفاصيل حادثة الاعتقال حيث قال:

 

“حوالي الساعة 09:30 مساءاً جاءت دورية مؤلفة من ثلاث سيارت من نوع بيك آب وسيارتان من نوع فان، نزل منها سبعة عناصر يرتدي بعضهم الزي العسكري وبعضهم لباساً مدنياً، ودخلوا المطعم، ثم بدأوا بطلب البطاقات الشخصية للمتواجدين في المطعم، وكان صلاح وأنس وخالد وإياس متواجدين في مكتب الإدارة وسألوا الدورية عن سبب قدوهم. بعد ذلك، طلب قائد الدورية من عناصره تفتيش المطعم وعند انتهاء عملية التفتيش قاموا باعتقال الشبان الأربعة مع عامل في الطعم وهو نازح من ريف حلب الشرقي.”

 

يتضّح من خلال الشهادة التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، من قبل أحد الشهود الذين تواجدوا في المكان لحظة التوقيف، أنّ الجهات التي قامت بالعملية، لم تصرّح بشكل فعلي عن سبب القدوم والتوقيف لاحقاً، أو بالتهم الموجّهة إليهم، وهو الأمر الذي قد يشكّل انتهاكاً للالتزام القاضي بوجوب “إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعاً بأية تهمة توجه إليه”[3]

وحتى لحظة كتابة هذا التقرير 29 آب/أغسطس 2019، لم تكشف السلطات الرسمية عن السبب الحقيقي وراء عملية التوقيف والاحتجاز، رغم ورود معلومات لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، من أقارب أحد المعتقلين، بأنّ السلطات أخذت الموقوفين إلى “سجن الأحداث” قرب محطة القطار في مدينة الرقة، قبل نقلهم إلى “سجن عايد” في مدينة الطبقة،  كما قام عدد من ذوي المعتقلين بمراجعة “الأمن العام” في مدينة الرقة والمحكمة القضائية فيها للسؤال عن المعتقلين والتهم الموجهة لهم، لكن، لم تبدِ الجهات أي تعاون ولم تدلِ بأي معلومة حول المعتقلين، وذلك بحسب ما أفاد أحد أقارب المعتقلين أيضاً.

 

  • وفي يوم الجمعة 16 آب/أغسطس 2019، قامت عناصر أمنية أخرى، بمداهمة منزل الناشط “حسن قصاب” من منزله الواقع في مدينة الطبقة في محافظة الرقة، دون معرفة سبب الاعتقال بشكل حقيقي. ويشغل “قصّاب” منصب منسق “مشروع فرات” ضمن منظمة “Creative” التابع لبرنامج “START” الممول بدوره من الخارجية الأمريكية.

وتحدث أحد أقارب المعتقل إلى الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة الذي روى بعض تفاصيل الحادثة قائلاً:

 

“عند قرابة الساعة السادسة مساءاً من يوم 16 آب، وبعد يوم واحد فقط من زفاف حسن، قام عدد من العناصر بمداهمة منزله والاعتداء عليه بالضرب أثناء مقاومته عملية اعتقاله، وقد كانوا أربعة عناصر؛ اثنان منهم كانوا يرتدون الزي العسكري، والآخران كانا يرتدان الزي المدني. لقد تشاجروا مع حسن وعلت أصوات الصراخ وتجمع سكان البناء أثناء عملية اعتقاله، ودخل عنصران من الدورية إلى المنزل وأخذوا حقيبة يد سوداء خاصة بحسن.”

وبحسب الشاهد فقد توجه ذوو حسن مع عدد من وجهاء مدينة الطبقة إلى مبنى “الأمن العام” أيضاً بعد عملية الاعتقال، ولكن لم يتم إبلاغهم عن سبب الاعتقال أو التهم الموجهة إليه أو مكان الاحتجاز، كما لم يقم الأهل بتوكيل محام للدفاع عنه بسبب عدم التمكن من معرفة مكان توقيفه.

 

  • وفي يوم السبت 17 آب/أغسطس 2019، قامت قوات أمنية أخرى -عرّفت عن نفسها أيضاً بكونها تابعة للأمن العام- بالذهاب إلى مقرّ منظمة“إنماء الكرامة في مدينة الرقة، حيث تمّ توقيف المدير التنفيذي للمنظمة “أحمد الهشلوم” من أمام المبنى نفسه.

وقال أحد أصدقاء المعتقل إنه سبق أن تم تحذير أحمد حول إمكانية اعتقاله قبل ذلك، حيث تلقى اتصالاً صبيحة يوم اعتقاله من أحد الأشخاص في قوات سوريا الديمقراطية وحذره فيه من اعتقاله وطلب منه التواري عن الأنظار لبعض الوقت، ولكن أحمد لم يستجب للتحذيرات وقال لصديقه “ليس هناك شيء ضدي ومن يريد اعتقالي فأنا موجود في المنظمة، لم أرتكب أي خطأ.”

وتحدث أحد شهود العيان الذين تواجدوا أثناء عملية التوقيف التي تمت، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

 

“في يوم السبت 17 آب، وفي حوالي الساعة 04:45 عصراً، جاءت دورية إلى مبنى المنظمة وطلبت من أحد الموظفين عند مدخل مبنى المنظمة أن يبلغ أحمد الهشلوم للخروج والتحدث مع الدورية، وخرج أحمد مع صديق له للتحدث معهم وكانوا ثلاثة عناصر واحد منهم فقط يرتدي الزي العسكري وكان سائق السيارة ملثماً، وكانت الدورية مؤلفة من ثلاث سيارات من نوع فان، وطلبوا من أحمد الذهاب معهم دون توضيح السبب، ولم يبرز العناصر أي مذكرة توقيف أو استدعاء بحق أحمد.”

وقد علمت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ ذوي أحمد قاموا بمراجعة “الأمن العام” في مدينة الرقة لمعرفة التهم الموجهة لأحمد وإمكانية توكيل محام له، ولكن السلطات لم تتعاون معهم.

ثانياً: مسؤولية التحالف الدولي عن عمليات التوقيف:

بتاريخ 25 آب/أغسطس 2019، وخلال اجتماع مع عدد من ممثلي المنظمات المدنية في الرقة، قال أحد الشهود الذين حضروا الاجتماع (لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة) نقلاً عن مصدر رسمي إن أمر اعتقال النشطاء جاء من التحالف الدولي، وأضاف الشاهد قائلاً:

 

“لقد حضر الاجتماع الشهري لمكتب المنظمات التابع للمجلس المدني لمحافظة الرقة، كلٌ من؛ مندوبي البرامج الأربعة التابعة لمنظمة (Creative) وهي (فرات–انجاز–وئام-رشاد)، إضافة إلى السيد (مشلب الدرويش/الرئيس المشترك لمجلس الرقة المدني) و (عبد السلام حمسورك/الرئيس المشترك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل)، والذي تحدث باسم المجلس المدني وطلب من المنظمات المحلية والدولية تركيز الدعم والمشاريع على المشاريع الزراعية والخدمية، وفي نهاية الاجتماع تحدّث الدرويش عن اعتقال الناشطين الذين يعملون في مجال المنظمات في الرقة وأن من قام بعملية الاعتقال هي قوات سوريا الديمقراطية، ولكن بأمر من التحالف الدولي، وأضاف أنه يعرف أحمد الهشلوم منذ صغره -بسبب رابطة القرابة بينهم- وأنه بعيد كل البعد عن تهمة انتماءه لتنظيم الدولة الإسلامية “الدعشنة”، ومع نهاية الاجتماع أكدّ حمسورك كلام الدرويش بأنّ عملية الاعتقال تمّت بطلب من التحالف الدولي.”

 

بدورهم؛ استبعد عدد من ذوي النشطاء وعاملين آخرين في المجال المدني في المحافظة، أنّ تكون العمليات قد تمّت بناء على قرار من التحالف الدولي، مستدلين بالطريقة التي تمّت بها والتي تختلف عن عمليات الاعتقال التي يكون فيها الأشخاص مطلوبين لقوات التحالف الدولي عادة، حيث تكون هنالك دوريات مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية وتستخدم الطيران المروحي في عمليات إنزل الجنود واعتقال المطلوبين لها في جنح الظلام.

وكانت إحدى الوكالات المقرّبة من الإدارة الذاتية، قد نشرت خبراً، أثار استهجاناً واسعاً من قبل نشطاء سوريين، نقلت فيه اتهامات -دون التحقق من صحتها من مصادر مستقلّة- على لسان “قوات مكافحة الإرهاب HAT التابعة لقوات الأمن الداخلي”، بعضوية بعض الموقوفين بإحدى خلايا الاغتيال النائمة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية – داعش.[4]

وقامت الوكالة نفسها بنشر خبر آخر بتاريخ 23 آب/أغسطس 2019، بعنوان “الأمن الداخلي يفكك أكبر خلية لتنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة” حيث ربط الخبر، ما بين الخبر الذي أعلنته قوى الأمن الداخلي في الرقة على صفحته على الفيس بوك بتاريخ 22 آب/أغسطس 2019، وما بين الخبر الأولللوكالة نفسها بتاريخ 19 آب/أغسطس 2019، حول حصولها على “وثاثق” من قوات مكافحة الإرهاب HAT تفيد بعلاقة موقوفين اثنين هما (أحمد الهشلوم وحسن قصاب) بتنظيم الدولة الإسلامية داعش. ذلك بالرغم من أنّ خبر الأمن الداخلي لم يشر صراحة إلى أشخاص أو مجموعات بعينها، فقط اكتفى بالقول أنّ “الخلية التي تمّ القبض عليها” هي من أكبر الخلايا النائمة التي تمكنت قواتنا من اعتقال عناصرها، في الآونة الأخيرة تعمل في مدينة الرقة.

 

 

صورة مأخوذة من صفحة الفيس بوك الخاصّة بـ “قوى الأمن الداخلي في الرقة” تُظهر الخبر الذي تحدّثت فيه عن اعتقال خلايا نائمة لتنظيم داعش في الرقة.

 

وكان مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية/قسد، مصطفى بالي، قد نفى لموقع “سوريا على طول” مسؤولية قواته عن عمليات الاعتقال التي طالت نشطاء الرقة، مبرراً بعدم اختصاص قواته لمثل هكذا عمليات.[5]

من جانبه، قال مرصد الرقة لحقوق الإنسان (وهي مجموعة محلّية تراقب حالة حقوق الإنسان في محافظة الرقة) إن عمليات الاعتقال تلك تمت دون الكشف عن أسباب الاعتقال أو مكان الاعتقال أوالسماح للأهالي بتوكيل محامين للدفاع عن أبنائهم، وطالب “المرصد” التحالف الدولي الكشف عن أسباب اعتقال النشطاء ومكان اعتقالهم والسماح للأهالي بتوكيل محامين لكي يتسنى للنشطاء الدفاع عن أنفسهم في أطر قانونية.

 

ثالثاً: اعتقالات متفرقة بحق أشخاص آخرين:

وثق الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عمليات التوقيف التالية التي نفذها عناصر أمنية تتبع للإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية/قسد وطالت 7 مدنيين آخرين، ويشير الباحثون الميدانيون إلى أن سبب معظم هذه الاعتقالات هو “تقارير كيدية” ولم يعرف مكان احتجازهم حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وجاءت كالتالي:

 

  • في الأول من آب/أغسطس 2019 قامت دورية تابعة للأمن العام التابع لقوات سوريا الديمقراطية باعتقال محمد صالح أحمد (تولد عام 1979 ويعمل مدرساً) من منزله في قرية الأندلس وتم إطلاق سراحه مؤخراً، وروى شاهد عيان تفاصيل الحادثة حيث قال:

“قرابة الساعة الـ11 ليلاً جاء عدد من العناصر إلى المنزل في قرية الأندلس وعرفوا عن نفسهم بأنهم عناصر من الأمن العام، وقاموا بتفتيش المنزل واعتقلوا محمد صالح أحمد، وقام ذوو المعتقل بسؤال الدورية عن سبب الاعتقال فقام العناصر بتهديدهم باعتقالهم أيضاً إن لم يكفوا عن طرح الأسئلة، وتم اقتياد محمد إلى سيارة من نوع بيك أب بيضاء اللون وانطلقت السيارة مع السيارة التي كانت رافقها وهي من نوع فان أيضاً بيضاء اللون إلى مكان غير معروف، العناصر الذين داهموا المنزل كانوا يرتدون لباساً مدنياً باستثاء اثنين فقط يرتدون الزي العسكري كما بقي عدد من العناصر داخل السيارة.”

 

  • في يوم 9 آب/أغسطس 2019 تم اعتقال “خالد العلالى” من منزله في قرية سلوك من قبل عناصر يتبعون لقوات سوريا الديمقراطية، دون توفر معلومات أخرى حول سبب الاعتقال ومكان الاحتجاز.
  • وفي يوم 11 آب/أغسطس 2019 تم اعتقال “زياد الناعس” من قبل الأمن العام من منزله في قرية العكيرشي.
  • وفي يوم 16 آب تم اعتقال “حميد العبار” من منزله من قبل الأمن العام.
  • وفي يوم 18 آب تم اعتقال “محمد الشيخ” و “خليل الشيخ” من منزلهما في قرية مشرفة العزو من قبل الأمن العام.
  • وفي يوم 23 آب تم اعتقال “ثائر موسى العساف” أثناء مروره على حاجز المنصورة في قريته السحل، وفي اليوم ذاته تم اعتقال “خلف درويش” السبع من منزله في رقرية حزيمة من قبل الأمن العام.

 

رابعاً: اعتقالات نفذها التحالف الدولي:

قال الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إن التحالف الدولي نفذ عملتي إنزال جوي في مدينة الرقة اعتقل خلالهما أكثر من شخصين يشتبه بتورطهما بالانتماء لتنظيم داعش، وجاءت العمليات كالتالي:

  • بتاريخ 9 آب/أغسطس 2019 تم اعتقال عمار العكوش -يعمل نجاراً- من منزله في حي النهضة بعملية إنزال جوي للتحالف الدولي.
  • وبتاريخ 19 آب/أغسطس 2019 تم اعتقال رجل بعد عملية انزال جوي للتحالف في حي الدرعية تزامنت مع عمليات مداهمة للمنازل من قبل قوات سوريا الديموقراطية، وأسفرت العمليات عن اعتقال مالايقل عن شخصين، دون توفر معلومات أخرى.

وتحدث الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى شخص (آخر) تم اعتقاله خلال عملية إنزال جوي للتحالف الدولي في وقت سابق وتم إطلاق سراحه مؤخراً، وأوضح الشاهد طريقة الاعتقال وظروفه حيث قال:

“كنا أنا وإخوتي في منزلنا في حي النهضة بمدينة الرقة، وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً سمعنا صوت الطيران المروحي وتمت مداهمة المنزل من قبل قوة مشتركة بين التحالف الدولي وعناصر لقسد، كانوا قرابة 15 عنصراً يرتدون ملابس سوداء بالكامل وبعضهم يرتدي الزي العسكري الأمريكي، طلبوا منا الالتفات نحو الحائط وقاموا بوضع عصابة على أعيننا وكبلوا أيدينا، وطلبوا منا التحرك وأمسك بكل واحد منا عنصران ووضعونا في السيارات، قطعنا مسافة طويلة بالسيارة وتبين لنا لاحقاً أننا كنا في قاعد عسكرية في بلدة عين عيسى، وضعوني في سجن فردي ولم أعرف أي معلومات عن أخوتي، وبعد أسبوعين بدأ التحقيق معي واستمر لنحو شهرين على عدة جلسات، لم أتعرض لأي ضرب أو أذى جسدي، كانت التهمة الموجهة لي هي الانضمام إلى داعش وبعد التحقيق تبين لهم أني كنت خارج البلاد وعدت مؤخراً وتم إطلاق سراحي بعد شهرين من الاعتقال.”

 

خامساً: خاتمة وتوصيات:

إنّ الحرية الشخصية حقٌ مكرّس بموجب الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 9 من كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[6]، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[7] ما يعني عدم جواز ممارسة الاحتجاز التعسفي بحق أي إنسان. ولا يُعدّ الاحتجاز، بذاته، انتهاكاً لحقوق الإنسان، ويمكن أن يكون مشروعاً، إلّا أنه يصبح تعسفياً عندما يصاحب الحرمان من الحرية انتهاكاً للحقوق الأساسية والضمانات المنصوص عليها في الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.[8] وقد عرّف الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي[9] في الأمم المتحدة الاحتجاز التعسفي وصنفه في عدة فئات:

  • إذا كان واضحاً أنه من المستحيل التذرّع بأي أساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرية (كأن يبقى الشخص قيد الاحتجاز بعد انتهاء مدة العقوبة المحكوم عليه بها أو على الرغم من صدور قانون عفو ينطبق عليه)؛
  • إذا كان الحرمان من الحرية ناجما عن ممارسة الحقوق أو الحريات التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مثل الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛
  • إذا كان عدم الاحترام التام أو الجزئي للقواعد الدولية المتصلة بالحق في محاكمة عادلة، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الصكوك الدولية ذات الصلة التي قبلتها الدول المعنية، من الخطورة بحيث يضفي على الحرمان من الحرية طابعاً تعسفياً ، على سبيل المثال إذا تم سجن الشخص دون تهمة أو حرم من استشارة محام؛
  • عندما يستند الحرمان من الحرية على أسس تمييزية، كأن يستند على أساس التمييز العرقي أو الديني أو التوجه السياسي أو الجنس أو غيره.

 

التوصيات:

  1. يجب على السلطات المحلّية شرح وإيضاح الأسس القانونية التي تتم على أساسها عمليات التوقيف والاعتقال، ونشرها بلغة واضحة ومفهومة لجميع المواطنين، خاصة تلك التوقيفات التي تطال المدنيين والنشطاء.
  2. يجب أنّ لا تتم عمليات التوقيف إلا من قبل سلطات مخّولة بذلك، استناداً إلى تصاريح رسمية صادرة من مكتب المدعي العام أو المخولين بإصدار هكذا أوامر.
  3. يجب منح الموقوفين حق التواصل مع ذويهم ومحامين دون إبطاء، وإخطارهم بأسباب توقيفهم وضمان سرعة العرض على قاض وتوجيه اتهام رسمي أو الإفراج عنهم فوراً.
  4. عند توجيه أي اتهام، يجب منح المتهمين محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة. على أنّ يتمّ السماح لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بمراقبة المحاكمات.

 

***

[1] “صحيفة الوقائع رقم 26″، الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الحملة العالمية لحقوق الإنسان. GE.99-46207. آخر زيارة للرابط 19 آب/أغسطس 2019. https://www.ohchr.org/Documents/Publications/FactSheet26ar.pdf.

[2] يتم استخدام تسمية “قوى الأمن الداخلي” أحياناً أخرى للإشارة إلى “الأمن العام”.

[3] المادة 9 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[4] “وثائق لـ نورث برس: اعتقال “خلية الاغتيال” التابعة لتنظيم الدولة في الرقة”. 19 آب/أغسطس 2019. (آخر زيارة للرابط 27 آب/أغسطس 2019).shorturl.at/gksI6.

[5]محمد عبد الستار، عمار ياسر حمو،  “غموض دوافع اعتقالات “قسد” لعاملين إنسانيين يثير أسئلة وقلقاً في الرقة”. 19 آب/أغسطس 2019. (آخر زيارة للرابط 27 آب/أغسطس 2019). https://syriadirect.org/ar/news/%d8%ba%d9%85%d9%88%d8%b6-%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%82%d8%b3%d8%af-%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%84%d9%8a%d9%86-%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86/.

[6] “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. الموقع الرسمي للأمم المتحدة. https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/index.html.

[7] للمزيد اقرأ “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. الأمم المتحدة. مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.https://www.ohchr.org/ar/professionalinterest/pages/ccpr.aspx.

[8] “الإحتجاز التعسفي”، مؤسسة الكرامة. (آخر زيارة 19 آب/أغسطس 2019). https://www.alkarama.org/ar/issues/alahtjaz-altsfy.

[9] للمزيد، انظر: “الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي”. الأمم المتحدة. مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.https://www.ohchr.org/ar/Issues/Detention/Pages/WGADIndex.aspx.

 

المادة من المصدر