#########

الضحايا

في أفرع الأمن ينسى الإنسان كل شيء من شدّة التعذيب..


كنت أتحمل التعذيب والإهانات وأرفض أن أبوح بأي شيء يريدون مني قوله. وكنا نسمع أصوات التعذيب حتى الموت آتية من كل مكان.

28 / أيلول / سبتمبر / 2021


في أفرع الأمن ينسى الإنسان كل شيء من شدّة التعذيب..

*مع العدالة | ضحايا 


تقول فاتن، وهي سيدة سورية، لم تكشف عن اسمها الكامل، إن تجربة اعتقالها كانت مريرة، ولم تشهد خلالها سوى الموت والنهاية المظلمة!

تروي قصتها قائلة: تم اعتقالي عند أحد الحواجز “الطيارة” وكان عبر كمين تم تجهيزه عن طريق فتاة كانت توصل لقاحات الأطفال لنا.

ذهبت لألتقي بها وأستلم منها اللقاحات، لكنني تفاجأتُ بوجود الكمين المجهز بهدف القبض علي.

كان سبب اعتقالي هو العمل في مشفى ميداني، وليس بصفتي طبيبة، بل بصفتي إنسانة ويجب أن أقوم بواجبي تجاه الآخرين.

كانت مدة اعتقالي 11 شهراً و 20 يوماً. في المعتقل تعرضت لأساليب تعذيب عدة (السير فوق الزجاج المكسر، الجلد، الكلام الجارح المؤلم أكثر من التعذيب، الصعق بالكهرباء).. وكانت الطريقة الأصعب هي الصعق بالكهرباء إضافة إلى برميل الماء، واغتصاب الفتيات أمامي.



كنت أتحمل التعذيب والإهانات وأرفض أن أبوح بأي شيء يريدون مني قوله. وكنا نسمع أصوات التعذيب حتى الموت آتية من كل مكان.

لم أكن أعلم لماذا تم نقلي من فرع إلى آخر من فروع الأمن، وفي كل فرع كانت الأسئلة ذاتها تطرح علي “لماذا تعالجين الناس، من أين تحصلون على المواد الطبية، من هو الداعم لكم، هل يعمل معكم أشخاص أجانب، هل معكم أفراد من داعش؟

وتابعت؛ كل هذا الكلام كذب لم يكن هناك سوى أهل البلد فقط، لكنهم كانوا يبحثون عن تهم غير موجودة أساساً.

اجتمعت مع والدتي وأختي في أحد المعتقلات، وكان السجانون يستخدمون أكثر أساليب التعذيب لإخضاعنا، وتعمدوا أن أرى والدتي تحت التعذيب

وعندما رأتني والدتي أصابتها صدمة وكانت تصرخ هذه ليست فاتن.. وكنا أنا وأختي ووالدتي كل واحدة منا في زنزانة منفصلة.

وخلال التحقيق، حاولوا الضغط علي لأقول بأن والدي لم يزل على قيد الحياة، رغم أننا استلمنا شهادة الوفاة!


جاء المحقق وضغط علي، وجعلني أرى والدي أنه على قيد الحياة، وأتى به مقيداً بسلسلة حديدية، وقال لي “إذا تكلمتي سوف أقتله أمامك“.

بعد الضرب والتعذيب يصبح الإنسان متبلد المشاعر؛ فأصبحت عنيدة، وبدل أن يذلوني أصبحت أنا أذلهم مما كان يزيد من غضبهم.

في الأفرع الأمنية من هول التعذيب ينسى الإنسان كل شيء..

بالنسبة لأطفالي، كنت أفكر بهم، لكنني أعود وأفكر أنني أنا صاحبة مبدأ وخرجت لهدف معين.

تعذبت أنا وعائلتي، لكن أيضاً كل سوريا تتعرض للتعذيب، لماذا أعطيهم ما يريدون!

ولكن هذا العذاب لا يمكن نسيانه أبداً.