#########

الضحايا

معتقلة سابقة تروي قصتها مع المجرم سهيل الحسن


في فرع الفيحاء قاموا بجمعنا أنا وأبي وأخي في جلسات التحقيق، وانهالوا على أبي بالضرب كي أعترف لهم بأن أبي كان إرهابياً بحسب تعبيرهم

17 / نيسان / أبريل / 2020


معتقلة سابقة تروي قصتها مع المجرم سهيل الحسن

 

*مع العدالة

 

حسنة محمد دبيس سيدة من ريف دمشق تروي قصة اعتقالها من قبل أجهزة النظام الأمنية في مطار المزة بدمشق، وتنقلها بين أفرع المخابرات وسجون الأسد؛ قائلة: كنت أعمل في مشافي ميدانية تابعة للجيش الحر، أعالج المرضى والجرحى، وأساعد من يحتاج معونة إغاثية وغيرها من مستلزمات طبية.

 

تم اعتقالي على أيدي عناصر جميل الحسن، وكان  أحد المحققين وقتها العميد “سهيل الحسن”، الذي أشرف على التحقيق معي في مراحل عديدة.. وكان يطلب مني الاعتراف بأنني كنت أعمل في “جهاد النكاح”.

 

 

في فرع المهام الخاصة، بمطار المزة، بقيت هناك ثمانية أيام، وخلال الأيام الأربعة الأولى لم يستجوبوني، ثم بعدها طلبوني إلى التحقيق، ومنذ تلك اللحظة بدأت أتعرض للضرب الشديد، ومن ثم ربطوني إلى كرسي، لا أعلم اسم هذا الكرسي، لكن ربطوني إليه جيداً، ثم بدأ التحقيق معي، حيث أراد المحقق  مني بإصرار الاعتراف على تهم لم أرتكبها، منها كما قلت “جهاد النكاح؛ مع ملاحظة أنني حين دخلت إلى المعتقل كنت عذراء غير متزوجة، فأخبرته أن عملي كان يقتصر على الشأن الطبي حيث كنت أسعف الشبان فقط، وقلت له إنني لم أتدخل في غير ذلك، فنهرني وأجاب مع الشتائم أن عليّ الاعتراف بالإكراه، وتم الضغط تجاهي بأساليب شتى!

 

وتضيف السيدة “دبيس”:  طيلة أربعة أيام كانوا يزدادون شراسة، مع التعذيب والضرب، وعقب ذلك، أحضر المحقق “لابتوب” وطلب مني أن أعطيه مواقع تخص الجيش الحر، فرفضتُ ذلك، فقال لي يبدو أنني لن أستفيد منك، وقام بتحويلي إلى فرع الجوية (الفرع الكبير).

بقيت هناك أربعين يوماً، تعرضت خلالها للتحقيق المتواصل؛ منذ اليوم الأول طلبني المحقق سهيل الحسن، وعندما دخلت إليه أزال الحجاب عن رأسي، وبدأ بالتوعد والزجر،  ومن ثم نادى على أحد عناصره ليجلب سكيناً وقام بقص شعري بها، ثم استدعى شخصاً   لقبه “أبو حيدرة” وطلب منه أن “يشبحني” (كلمة تستخدم للتعبير عن تعليق المعتقل من يديه) وعندما قام بشبحي قلت له جهز ورقة وقلم سوف أخبرك بكل شيء.

 

وتكمل السيدة “دبيس” حول مسار التحقيق وتنقلها بين الأفرع  والسجون : هنا بدأت بالتحدث عن أشياء لم أفعلها، وقلت إنني خطفت جنوداً وغير ذلك، وقد أضاف لتلك التهم الكثير مما لم أفعله.

 

ثم تم تحويلي إلى “فرع الفيحاء”، بقيت هناك فترة من الزمن لا أستطيع حصرها، لكن ضمن تلك الفترة قام النظام باعتقال أبي بعد 22 يوماً من اعتقالي.

في فرع الفيحاء قاموا بجمعنا أنا وأبي وأخي في جلسات التحقيق، وانهالوا على أبي بالضرب كي أعترف لهم بأن أبي كان إرهابياً بحسب تعبيرهم، وساهم في التفجيرات، وكنت أرفض ذلك، وفي الوقت نفسه طلبوا اعترافات من والدي ولشدة التعذيب اعترف أبي بما يريدون، وأخي كذلك الأمر، وخاصة بعد أن كسروا يديه الاثنتين من عند الكوع، وكانت تلك الأيام هي المرة الأخيرة التي أرى والدي وأخي فيها.

 

حولوني إلى فرع في “ركن الدين” لم أعرف ما اسمه، بقيت هناك يومين حتى تم تحويلي إلى الأمن العسكري، وطلبوا مني هناك معلومات عن والدي، وقاموا بإحضار شاب لا أعرفه وسألوه :”هل هذه، هي حسنة؟” فأجاب “نعم، هذه حسنة التي كانت تقف على الحاجز الخاص بالجيش الحر” ، أخبرتهم أن ذلك ليس صحيحاً، وعرفتُ أنهم يحاولون فقط إيجاد طريقة للإبقاء على أبي في المعتقل.

 

“صورة للمجرم العميد سهيل الحسن” – أنترنت

 

نقلوني إلى فرع في منطقة “كفر سوسة”، في هذا الفرع لم يتم تعذيبي جسدياً، بل عذبوني نفسياً، بداية عندما تركوني بين فتيات أجنبيات، لم أكن أتخيل في حياتي أن أجلس مع أمثالهن، ومرة قاموا بجلب فتاة مجنونة ادعت أنها “حلاقة نسائية” وقامت بقص شعري بطريقة سيئة، بالإضافة إلى الجرب الذي أصابني وانتشر في وجهي ورقبتي بشكل خاص، وكان ذلك طبيعياً لأنني بقيت أشهراً طويلة دون استحمام.

 

  • في الشرين الأخيرين من اعتقالي نقلوني إلى سجن عدرا وقضيت تلك المدة هناك، وعلمت بأنهم سيفرجون عني، وخرجت ضمن عملية مبادلة.

 

عندما خرجت من السجن لم يرضَ أحد استقبالي في بيته من أقربائي؛ فذهبتُ بيت عمتي، لكنها اعتذرت مني لأنها خشيت أن يلاحقها النظام أو يلاحق زوجها وأبناءها إذا استقبلتني.

والأصعب من ذلك أن النظام جعلني أوقع على تعهد بألا أدخل المناطق المحررة، فتوجهت إلى منازل “أخوالي” لكنهم رفضوا  أيضاً استقبالي لذات السبب.

أصبحت أخشى الصوت العالي، وأخشى من كل شيء، حتى الكلمة التي سأنطقها أخشى نطقها!

التغيير الكبير  في حياتي جاء بعد الخروج من المعتقل وهو خوفي المستمر من الصوت العالي، وخوفي من كل شيء حولي، حتى بعد أن دخلت المناطق المحررة ما زال الخوف يرافقني.



  

مواد شبيهة