#########

الضحايا

نظام الأسد يدعو اللاجئين للعودة إلى معتقلاته


يحاول النظام جاهداً أن يعيد ما أمكن من اللاجئين السوريين إلى سوريا محاولاً أن يقول للمجتمع الدولي أن "الحرب انتهت وبدأ الحديث عن إعادة إعمار سوريا مع بقاء الأسد على رأس السلطة"

29 / آب / أغسطس / 2019


نظام الأسد يدعو اللاجئين للعودة إلى معتقلاته

 

 

فراس العلي _ مع العدالة 

 

مرة يدّعي الإنسانية أمام المجتمع الدولي ويزعم أن الوطن يتسع للجميع ويسامح من حمل السلاح ضده ويعفو عنه، ويتيح له العيش في وطنه دون أي عقاب. ومرة أخرى يتوعده بالمعتقلات ويصفه بالقاتل المأجور ويدعو الدول المستضيفة له بالانتباه منه.

هو نظام الأسد الذي يناقض نفسه في تصريحات مسؤوليه وممثليه بين محاولات ترغيب اللاجئين بالعودة إلى سوريا كي يقول للمجتمع الدولي أن الحرب انتهت بسوريا وعمّ “الأمن والأمان” وتهديدهم باعتقالهم وإخضاعهم لشتى أنواع التعذيب إن عادوا لسوريا وسلب ممتلكاتهم والتضييق عليهم بكافة الأساليب المتاحة.

 

 الصورة لسوريين معتقلين في سجن “رومية” اللبناني

 

وتثبت التقارير الحقوقية الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد بحق اللاجئين السوريين الذين صدّقوه وعادوا إلى سوريا ظناً منهم أن النظام لن يفعل شيء حيالهم إلا أن الاعتقال كان مصيرهم بناء على تهم صورية يبرر من خلال النظام ما يرتكبه من فظائع.

وباتت دعوات مسؤولي النظام للاجئين السوريين مثاراً للسخرية خاصة أن أغلب اللاجئين باتوا يعرفون نوايا النظام الخفية من وراء دعواته المستمرة لهم بالعودة، فيما يكاد لا يتوقف مسؤولو نظام الأسد بالحديث عن ملف اللاجئين محاولين إنهاؤه طمعاً بإعادة الرسمية لنظامهم وإبقاء الأسد على رأس السلطة.

 

مفتي الأسد والعفو عن اللاجئين

لم تمر أيام على دعوات مفتي نظام الأسد، أحمد حسون، للاجئين السوريين من أجل العودة إلى سوريا، حيث ظهر في مقطع مصور بُث على قناة تابعة للنظام داعياً اللاجئين للعودة إلى ما أسماه الوطن الذي يحتاج لعمل وإخلاص أبنائه ومشيراً إلى العفو الذي أصدره النظام عن المدنيين العائدين سابقاً إلى منازلهم في كل من حمص ودرعا وحوران وشرقي حلب.

وقال أيضاً “يا من حملتم السلاح ضد وطنكم سوريا، أتريدون الغفران؟ تعالوا … تعالوا، كم عفو أصدر السيد الرئيس وكم مرة قلنا أهلاً وسهلاً بمن يريد العودة ومهما فُعل بكم في إسطنبول حيث طردتم فإن سوريا تستقبلكم فهي لن تتخلى عن أبنائها أبداً ولكن لابد من عطاء وتضحية، سوريا تنتظركم يا من طعنتموها”.

 

 

ودعا رجال الأعمال السوريين واللاجئين المقيمين في إسطنبول إلى العودة لسوريا مقابل العمل فيها والمساهمة في بنائها وما إلى ذلك.

ويؤكد ما سبق تناقضات مفتي النظام في تصريحاته الدورية حول اللاجئين السوريين. ففي أواخر عام 2018، ظهر ذاته في مقطع مصور وهو يدعو دول أوروبا للانتباه من اللاجئين السوريين واصفاً إياهم بـ “القتلة المأجورين” وشبههم بمنظمة “بلاك ووتر”.

والحسون هو نفسه الذي توعّد عام 2011 أوروبا بإعداد انتحاريين لافتعال تفجيرات في كل أنحائها، كما له عدة تصريحات متناقضة حيث أوضح في عام 2016 أن ما قاله عن إرسال انتحاريين لأوروبا نصيحة لهم وليس تهديداً.

كما يعتبر الحسون من أكثر الأشخاص دعماً لانتهاكات نظام الأسد وتبريراً لجرائم القتل بحق المدنيين واصفاً المدنيين والثوار بالإرهابيين، بالإضافة إلى أنه من داعمي التمدد الشيعي الذي بات سبباً في إحداث تغيير ديمغرافي على الأراضي السورية.

 

الصورة لمفتي النظام السوري القاتل أحمد حسون

دعوات متزايدة

لم تقتصر دعوة اللاجئين للعودة إلى سوريا على الحسّون فقط، بل تحدث الكثير من مسؤولي النظام وأولهم الأسد، فبراير الماضي، حيث قال إن “سوريا بحاجة لأبنائها” متهماً الدول المستضيفة للاجئين بعرقلة عودتهم، بينما في الحقيقة يفضّل غالبية اللاجئين البقاء في الدول التي استقروا فيها مؤخراً على العودة إلى سوريا تحت حكم نظام الأسد.

كما دعت خارجية نظام الأسد اللاجئين للعودة إلى سوريا، أواخر 2018، حيث قال وليد المعلم: إن “الأرضية باتت مهيأة لعودة اللاجئين الطوعية إلى سوريا”.

في المقال، توعّد مسؤولون لدى النظام اللاجئين بمحاكمتهم إن عادوا إلى سوريا، ففي تصريحات لوزير الإدارة المحلية، حسين مخلوف، أواخر 2018 قال: إن “اللاجئين السوريين سيتم إخضاعهم للمحاكمة بعد عودتهم إن كان عليهم أية أحكام قضائية، وبالنسبة للمتخلفين عن الخدمة العسكرية سيتم إلحاقهم بالثكنات العسكرية بعد ستة أشهر من مجيئهم”.

 

صورة للاجئين سوريين في لبنان 

 

وحديث المخلوف ليس بغريب، فالعديد من رموز النظام الأمنية والعسكرية، توعدوا بالانتقام من اللاجئين في حال عودتهم إلى سوريا.

ولم تقتصر دعوات اللاجئين للعودة إلى سوريا في ظل حكم نظام الأسد على رموزه بل امتدت إلى تيارات تصنف نفسها على أنها من المعارضة، حيث قال رئيس تيار بناء الدول، لؤي حسين: إن “كل من يريد الدخول لسوريا دون تغيير موقفه السياسي ودون أن يكون مضطراً لشكر أحد، أو التحدث لأحد، يمكنه التواصل معي وأنا أرشده للسبيل الآمن”.

ويحاول النظام جاهداً أن يعيد ما أمكن من اللاجئين السوريين إلى سوريا محاولاً أن يقول للمجتمع الدولي أن “الحرب انتهت وبدأ الحديث عن إعادة إعمار سوريا مع بقاء الأسد على رأس السلطة”.

ويؤكد ما سبق ورود أنباء عن إرسال نظام الأسد قوائم أسماء لاجئين زاروا سوريا إلى الاتحاد الأوروبي، محاولاً أن يثبت للدول الأوروبية المستضيفة للاجئين أن سوريا بلد آمن ولا معنى لطلبات اللجوء التي قدمها هؤلاء.

 

إخفاء قسري واعتقالات

يشكل وجود نظام الأسد على رأس السلطة خطراً كبيراً على اللاجئين السوريين الذين يفكرون بالعودة إلى سوريا، وما يثبت ذلك التقارير الحقوقية التي تتحدث عن اعتقالات حصلت بحق لاجئين عادوا إلى سوريا وتم إخفاؤهم بشكل قسري وتأكيد مقتل عدد منهم تحت التعذيب.

وفي تقرير صدر للشبكة السورية لحقوق الإنسان، آب الحالي، جاء فيه: “النظام لا يزال يشكل تهديداً عنيفاً على اللاجئين بعد توثيق اختفاء 638 لاجئاً عائداً ومقتل 15 منهم تحت التعذيب”.

وأكدت الشبكة، أن نسبة اللاجئين في لبنان والذين عادوا مقارنة بالمجموع الكلّي لا تتجاوز الـ 5%، أما بالنسبة للاجئين في الأردن فنسبة من عاد إلى سوريا لا تتجاوز 2% من المجموع الكلي، وهذا ما يدل على أن اللاجئين لا يثقون بالنظام وأجهزته الأمنية والميليشيات الروسية والإيرانية المساندة له والمتواجدة في أماكن متفرقة بسوريا.

 

 

وارتفعت أعداد اللاجئين السوريين الذين عادوا وتم اعتقالهم إلى 1916 حالة، من بينهم 219 طفلاً و157 سيدة، وهذا الرقم تم توثيقه من قبل الشبكة منذ عام 2014 حتى شهر آب 2019، وتم الإفراج عن 1132 لاجئاً عائداً بينما بقي 784 في معتقلات الأسد ومعظمهم تعرض للاختفاء القسري.

ووفق التقرير الحقوقي، فإن عمليات الاعتقالات للاجئين العائدين تركزت في حلب وريف حماة وريف دمشق وبشكل خاص الغوطة الشرقية.

ولم تبدُ نتائج عودة اللاجئين إلى سوريا والعيش في مناطق سيطرة النظام غريبة على من قرر البقاء في الدول المستضيفة للاجئين، خاصة أن لنظام الأسد سوابق إجرامية كثيرة بحق الشعب السوري، الأمر الذي يجعل أي لاجئ سوري يشكك في دعوات نظام الأسد لهم بالعودة لسوريا.

وخلال استطلاع مع عدد من اللاجئين السوريين حول مدى مصداقية نظام الأسد على دعواته للاجئين بالعودة، أجمع المستجيبون للاستطلاع على أن النظام يريد الانتقام من اللاجئين وسيزجّ بهم في المعتقلات مجرد وصولهم لسوريا؛ بينما قال أحدهم “كيف نثق بنظام استخدم الكيماوي ضد شعبه وقتل وهجر واعتقال الآلاف من السوريين”.

 

 

ويبدو أن مصالح نظام الأسد تتلاقى مع مصالح بعض الدول المستضيفة للاجئين السوريين والتي بدأت بالتركيز على ملف عودة اللاجئين لسوريا معتبرة أن ما حصل في سوريا اقتصر على ظهور تنظيم داعش والقضاء عليه ومتجاهلة في ذات الوقت إرهاب الدولة الذي يمارسه نظام الأسد على شعبه.

 

المزيد للكاتب