#########

الضحايا

“8 سنوات” في سجون الأسد.. بشير العبدو حارب النظام بالكاميرا!


لا يعني أنني خرجتُ من السجن أصبحتُ حراً، قد اعتقل بأي لحظة مرة أخرى، طالما أنا موجود في الأراضي التي يسيطر عليها الأسد، فأنا ضمن دائرة الخطر.

25 / شباط / فبراير / 2021


“8 سنوات” في سجون الأسد.. بشير العبدو حارب النظام بالكاميرا!

*مع العدالة | ضحايا


بشير العبدو معتقل سابق من محافظة إدلب يروي قصة اعتقاله من قبل أجهزة المخابرات التابعة لنظام الأسد قائلاً: كنتُ في محافظة اللاذقية، أعمل هناك في المرفأ وأكمل دراستي في “جامعة تشرين”. وعندما بدأ الحراك السلمي عام 2011، أصبح الناس يتكلمون بجرأة، ويعبرون عن انزعاجهم بضرب تمثال حافظ الأسد في منطقة الشيخ ضاهر، ويطالبون برحيل النظام وعلى رأسه “بشار الأسد”.

يكمل العبدو حول الحراك في اللاذقية والمظاهرات الشعبية الغاضبة نصرةً لمحافظة “درعا” – أرسلتُ مقاطع مصورة (فيديوهات) إلى بريد قناة الجزيرة، وأخبرتهم بما يحصل في اللاذقية. وقد نشروا المقاطع الخاصة بي، إضافة إلى أخرى قد أرسلها آخرون تم تصويرها بدقة واحترافية أكثر، فأنا كنت أستخدم هاتفي المحمول لتغطية الحراك.



يعتبر نظام الأسد من يحمل “كاميرا” هو أخطر شيء عليه، ويصفه بالمجرم، لأنه ينقل ما يحدث من عمليات قتل وإطلاق رصاص على المدنيين العزّل من قبل الجيش والأجهزة الأمنية.

بعد اعتقالي، بتاريخ 10- 06 – 2011، وجّهوا لي ثلاث تهم، وهي “مضلل إعلامي – أي أنني أزيد من أعداد الناس، وأصور بغير دولة، مثلاً: أقوم بتصوير مظاهرات في مصر، وأضع أصوات الناس السوريين، وقد فاتهم أن العلم السوري موجود ضمن الحراك!

التهمة الثانية هي نقل الجرحى، وأنا تساءلتُ مع نفسي دون أن أجرؤ بالبوح، من الذي جرح هؤلاء؟ وهم يتذرعون بين بعضهم بعضاً أن هناك تنظيماً خارجياً يقتل الناس.

وضعتُ في سجن البالوني بدايةً، مع التعذيب والضرب الشديدين، والإهانة المستمرة، ومن ثم نقلوني إلى الفرع 291 المخابرات العامة. وبعد 60 يوماً من التعذيب، إلى الفرع 248، التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية.

تم تحويلي إلى فرع الخطيب، لسبب تافه، وهو أنهم وجدوا في “هاتفي” 〈رموز دوائر وأقواس ونقاط〉، وهذه عبارة عن وجوه وتعابير تضاف للدردشة، ظنّاً منهم أنها شيفرة، حيث يعتبر فرع الخطيب مختصاً بالمعلومات، عذبتُ بشدة هناك لهذا السبب!

أخرجوني بتسجيل على”قناة الدنيا” لمدة دقيقتين، وكانوا كل فترة يعيدون التصوير، طالبين مني أن أعترف باستلامي مبالغ طائلة مقابل تصويري للمظاهرات.


“المعتقل بشير العبدو” مصدر الصورة: المعتقلون أولاً

بعد فترة طويلة، نقلوني إلى سجن السويداء، وبقيتُ هناك سنوات، خرجتُ وكان بحوزتي أوراق تثبت أنني سجين لمدة 8 سنوات ونصف، وعلى الحواجز كنت أسمع عبارات طائفية، ومضايقات، حتى وصلتُ إلى دمشق. كانت الشام بوجهٍ آخر، لا تشبه الوجه الذي عهدته. تزدحمُ بالجواجز والسيارات السوداء (المفيّمة) التي تصدح بأغانٍ طائفية!

يضيف العبدو عن وجوده في دمشق بعد خروجه من سجون الأسد” بعد استراحة قصيرة، توجهتُ نحو دمشق القديمة، وبعدها إلى سوق الحميدية، فرأيتُ أناساً غرباء، كأنهم ليسوا سوريين، بثيابهم ولغاتهم، ولهجاتهم، أغلبهم من الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين، وكانت الصدمة عندما وصلتُ إلى باب الجامع الأموي؛ أغلب الزوار معممين، وبأوجه غريبة، وأسلحة، ولطميات، وتطبير… كان المشهدُ قاسياً على قلبي”.

 

  • لا يعني أنني خرجتُ من السجن أصبحتُ حراً، قد اعتقل بأي لحظة مرة أخرى، طالما أنا موجود في الأراضي التي يسيطر عليها الأسد، فأنا ضمن دائرة الخطر.

بقيتُ فترة متوارياً، حتى تمكنتُ من الخروج عبر حلب، إلى مدينة منبج، ومن ثم إلى الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الحر، وهنا اعتبرتُ أن سراحي قد أطلق حينما خرجتُ بعيداً عن الأراضي التي يسيطر عليها النظام.

 

ويختم العبدو قائلاً: الوجع كبير، لم يبقَ شيء لم يتغير؛ كالحجر والبشر. ومن أكثر الأسئلة التي أخاف أسألها، أن أسأل على أحد، ويقولون لي إنه مات! ليس هو فقط، بل عائلته أيضاً.

أمنيتي الأخيرة أن تعود سوريا كما كانت، وترحل عنا عائلة الأسد، فنحن لا نريدهم، كما قلنا في بداية الثورة، هم والعصابة التي تتحكم بالبلد والشعب.