قامت قوات النظام بتدمير المستشفيات وبنوك الدم ومخابر التحاليل الطبية، بهدف مضاعفة الخسائر في صفوف المدنيين والتسريع في ظهور الأوبئة وانتشارها، وتم منع العاملين في صيانة شبكات المياه من الوصول إليها وإصلاحها وأقدمت قوات النظام على اعتقال أي مهندس حاول إصلاح تلك الشبكات
14 / نيسان / أبريل / 2019
*مع العدالة _ اللجنة القانونية
تُعرّف الأسلحة البيولوجية على أنها: “استخدام الكائنات التي تسبب الأمراض للتدمير أو قتل الشعوب وللضرر وتدمير المواد الغذائية والماشية، كالجراثيم العضوية الحية والمنتجات الثانوية من الكائنات الحية، مثل السموم التي تعتبر من أبرز عناصر الحرب الجرثومية”.
وبناء على ذلك التعريف؛ فإن الأسلحة البيولوجية تُعدّ أكثر فتكاً من العوامل الكيميائية، إذ إن 10 جرامات من “الجمرة الخبيثة” يمكن لها أن تقتل عدداً أكبر من الذين يقتلهم نصف طن من غاز الأعصاب. كما تتعدى عواقب الحروب البيولوجية عواقب الهجوم الكيميائي أو الإشعاعي، وذلك لأنها تهدف إلى نشر الجراثيم والفيروسات والبكتيريا وغيرها من الكائنات الحية وسمومها التي تؤدي إلى نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات.
ويشمل السلاح البيولوجي كذلك: البكتيريا، والفيروسات، وسموم مصدرها البكتيريا، وتستهدف تلك الأسلحة بصورة خاصة البشر من المدنيين والعسكريين بالإضافة إلى النظام البيئي، ويكون الهدف من استخدامها هو القضاء على الخصم أو التسبب في إضعافه، أو ترويعه إلى الدرجة التي تدفعه للامتثال لمطالب المهاجم.
وتعتبر سورية من ضمن الدول التي يوجد لديها مخزون من الأسلحة البيولوجية، وذلك ضمن قائمة بالدول التي يُشتبه بوجود برامج لديها لتطوير تلك الأسلحة أبرزها: إيران، وكوبا، وتايوان، والصين، وإسرائيل، وكوريا الشمالية وروسيا، والولايات المتحدة واليابان.
وقد نصت اتفاقية عام 1972 على حظر وتدمير الأسلحة الجرثومية، وأكدت على الاستبعاد التام لإمكانية استخدام عوامل جرثومية (بيولوجية) أو مواد سامة كأسلحة.
وعلى الرغم من ذلك فقد أقدم النظام على استخدام تلك العوامل بصورة ممنهجة خلال السنوات السبع الماضية، حيث فرض على المدنيين أحوالاً معيشية صعبة بشكل متعمد أدت إلى تفشي الأمراض السارية والسريعة العدوى والانتقال بين السكان، وذلك من خلال: تدمير البنى التحتية وخاصة الصحية، والاستهداف المتعمد لشبكات المياه والصرف الصحي مما أدى إلى اختلاط مياه الشرب بالمياه المالحة، ولجوء المدنيين للشرب منها نتيجة عدم توفر البدائل، مما أدى إلى تفشي أمراض خطيرة كالكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة التي تمتد آثارها لسنوات عديدة وتنتقل بالعدوى وتؤدي للوفاة.
وللإمعان في زيادة حجم الخسائر والوفيات؛ عمد النظام إلى فرض حصار على المناطق المستهدفة، ومنع دخول المستلزمات الطبية الضرورية لعلاج المصابين، وخاصة المضادات الحيوية ومواد التعقيم والضمادات، وغيرها من المستلزمات الأساسية للحفاظ على حياة المحاصرين، بما في ذلك اللقاحات اللازمة للأطفال خاصة وغيرهم من المدنيين ضد الأوبئة والأمراض المعدية.
كما قامت قوات النظام بتدمير المستشفيات وبنوك الدم ومخابر التحاليل الطبية، بهدف مضاعفة الخسائر في صفوف المدنيين والتسريع في ظهور الأوبئة وانتشارها، وتم منع العاملين في صيانة شبكات المياه من الوصول إليها وإصلاحها وأقدمت قوات النظام على اعتقال أي مهندس حاول إصلاح تلك الشبكات.
وعلى الصعيد نفسه: قامت قوات النظام بتعطيل الطاقة ومنع نقل وإتلاف النفايات عمداً بهدف نشر الأوبئة والجراثيم الخطيرة المعدية، ومنع وصول المساعدات الطبية الطارئة القادمة من منظمة الصحة العالمية، حيث شملت إجراءات الحصار منع دخول الأكياس البلاستيكية لنفايات المستشفيات، والقفازات المعقمة، والمضادات الحيوية المصممة لمنع العدوى، ومضادات الالتهاب الرئوي، والمضادات الحيوية الأخرى.
كما منع النظام دخول مجموعات الطوارئ التي أرسلتها “منظمة الصحة العالمية” والقوافل التي أرسلتها منظمة “يونيسيف” إلى المناطق المحاصرة، والتي كانت كافية لعلاج 25,000 طفل يعانون من الالتهاب الرئوي وأمراض الإسهال والتهاب البلعوم العقدي وأمراض الكلى والجروح الناجمة عن الالتهابات، وفي إحدى الحالات قام النظام بمصادرة مشابك طبية معقمة تستخدم للحبل السري عند الولادة بهدف الحد من خطر الوفاة بسبب الإنتان الوليدي، من قوافل لجنة “الصليب الأحمر”.
وللإمعان في توسيع دائرة الضحايا؛ أقدم عناصر النظام على رمي المئات من جثث قتلى المواجهات في الأنهار والآباء والقنوات المائية مما أدى لتفسخها وانتشار الأمراض في محيطها وانتقالها بالعدوى للسكان، خاصة وأن هذا النوع من العوالم البيولوجية غير مرئي، وعديم الطعم والرائحة، مما يساعد على سرعة انتشاره.
وكان الهدف من فرض الحصار على المدنيين، ومنع وسائل الحياة عنهم من غذاء ودواء ولقاحات، وتلويث المياه عمداً لتنتشر الأمراض والأوبئة الخطيرة، ومنع المضادات الحيوية، وحصر السكان في رقع جغرافية ضيقة مع كثافة عددهم، هو إجبارهم على الاستسلام في حال بقوا على قيد الحياة، علماً بأن النظام لا يزال يمعن في ممارسة هذا النمط من الانتهاكات المروعة حتى الآن، حيث يخضع نحو 67000 مدني للحصار في مخيم الركبان الحدودي بين سورية والأردن، ويُجبرون على شرب المياه الملوثة بالبكتيريا والجراثيم والسموم، وعلى أكل الأطعمة الملوثة، في حين يمنع وصول الغذاء والدواء والمياه العذبة عنهم، ما أدى إلى مقتل عدد من النساء والأطفال والمسنين.
ولا شك في أن الانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق المدنيين من حصار وقصف للمستشفيات ومنع لدخول الأغذية والإمدادات الطبية، وتلويث المياه وخلط مواردها بمياه الصرف الصحي وغيرها من الانتهاكات الواسعة بحق المدنيين هي جرائم حرب، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها القانون الإنساني الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الإنساني، واتفاقية حظر الأسلحة الجرثومية، والقانون الدولي العرفي، بالإضافة إلى نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية الذي تنص المادة (6) منه على أن “الإبادة الجماعية” تعني : “إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً”، والمادة (7) التي تنص على أن “الإبادة وتشمل تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء بقصد إهلاك جزء من السكان” هي جرائم بحق الإنسانية، والمادة (8) التي صنفت “الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949” بأنها انتهاكات حرب، وتشمل: “تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، واستخدام السموم أو الأسلحة المسممة”
وبناء على ذلك فإنه من المتوجب محاكمة بشار الأسد وقادة نظامه الأمنيين والعسكريين على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك نشر البكتيريا والجراثيم والفيروسات، فضلاً عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين.