#########

العدالة والمساءلة

العدالة لتجاوز النزاع في سوريا


أسهمت انتهاكات حقوق الإنسان، وتراجع الأداء التنموي، وتدهور محددات حالة الإنسان إلى ظهور متلازمة من الظلم والنزاع؛ فتحوّل الحراك المجتمعي في وجه الظلم إلى نزاع مسلّح عنيف نقل المظالم السابقة إلى مستويات كارثية.

17 / شباط / فبراير / 2021


العدالة لتجاوز النزاع في سوريا

المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات 


تقرير آثار النزاع السوري

أيار 2020

هذا التقرير هو جزء من سلسلة من التقارير التي تناولت تحليلات متعددة الأبعاد لآثار النزاع المسلح في سوريا خلال الفترة الواقعة بين عامي 2011 و2019، في ضوء دراسة الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، والأداء المؤسساتي للبلاد. يشخّص هذا التقرير “العدالة لتجاوز النزاع” النزاع القائم بناء على إطار تحليلي مبتكر لحالة الإنسان، بحيث يقيّم الروابط بين العوامل المؤسسية والاجتماعية والاقتصادية على المستوى الكلي، وعلى المستويين القطاعي والمحلي. ويضع التقرير أيضاً إطاراً للنزاع من منظور العدالة الاجتماعية، ويقدم بدائل قائمة على مناهج تشاركية طورها الخبراء.

ضمن هذا التقرير، نعرّف العدالة على أنها الحقوق والاستحقاقات المتساوية للمواطنين التي تضمن قدرات وفرصاً ومخرجات سياسية واجتماعية واقتصادية منصفة كما يراها المجتمع. وهي تعني ضمناً عدالة إجرائية وتوزيعية، تتجنب التفاوتات الناتجة اجتماعياً بين المجموعات السكانية وضمن كل منها، أو تصحّح هذه التفاوتات أو تقوم بالأمرين معاً.

يتبنّى هذا التقرير طريقة عملية لمواجهة الجور والظلم من خلال التصحيحات الديناميكية لما يعتبره المجتمع قيوداً أو مخرجات غير عادلة. ويؤكد على الترابط العضوي بين العدالة والحرية والتضامن، بصفتها قيماً أساسية تعمل معًا للحفاظ على السلام والرفاهية.

يُعتبرُ تفاقم الظلم أحد الجذور الرئيسية للنزاع السوري، ولاسيما الإقصاء السياسي، وانتهاك الحقوق المدنية، وانعدام المساءلة، واستخدام القوة لإلغاء صوت المواطنين وتمثيلهم.

أدّى “الاختناق المؤسساتي” – الذي يعرّفه المركز السوري لبحوث السياسات على أنه التباعد بين المجتمع والمؤسسات الحاكمة دون وجود وسائل متاحة لتضييق الفجوة – إلى تفاقم حالة الظلم التي تطال السوريين. كما أدّت السياسات النيوليبرالية، التي وسمت “الإصلاحات” الاقتصادية إلى إيجاد نمو اقتصادي يعزز البطالة والفقر والتهميش، في العقد الأول من الألفية الجديدة، ما أدى إلى تفاقم التفاوتات الرأسية والأفقية. وارتبط ذلك بتقلّيص الفضاء العام وغياب السياسات الاجتماعية التي تعزز الثقة والتعاون في العلاقات الاجتماعية.

أسهمت انتهاكات حقوق الإنسان، وتراجع الأداء التنموي، وتدهور محددات حالة الإنسان إلى ظهور متلازمة من الظلم والنزاع؛ فتحوّل الحراك المجتمعي في وجه الظلم إلى نزاع مسلّح عنيف نقل المظالم السابقة إلى مستويات كارثية.

وأوجد النزاع ثلاثة أنواع من الظلم: الأول هو ظلم ذو أثر رجعي، يتجلى في تدهور ما تراكم من الثروة الحضارية، المادية واللامادية وتدميرها. والثاني هو الظلم الحالي، الذي يمثل إنتاج الظلم الآن، ومن أبرز مظاهره تحويل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنتجة إلى أنشطة مدمرة (اقتصاديات النزاع واستقطاب اجتماعي وتدهور ثقافي)؛ والظلم المستقبلي، حيث تضفي قوى التسلط الطابع المؤسسي على البنى والعلاقات والاقتصادات المتمركزة على النزاع، فتصنع هذه القوى مقومات الظلم المستقبلي عبر السياسات والتشريعات والتدخلات لتضاف إلى المظالم التي نشأت خلال النزاع.

استخدم التقرير دليلاً مركباً لقياس آثار النزاع “دليل حالة الإنسان” يتألف من خمسة مكونات فرعية تقيس الأداء الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي وأداء التنمية البشرية والمؤسسات. تدهور دليل حالة الإنسان بنسبة 42% بين عامي 2010 و2019، على مستوى جميع المؤشرات الفرعية مدفوعاً بانهيار الأداء المؤسساتي الذي انخفض بنسبة 67%. ويتفاوت مدى التدهور في دليل حالة الإنسان بحسب الزمن، والمناطق، والمجتمعات المحلية. وأسهمت عوامل رئيسية في التدهور من بينها العنف، وانعدام الأمن، وسياسات الجهات المسيطرة عسكرياً، واقتصاد النزاع، والتصدع الاجتماعي، والتدخل الخارجي.


لتحميل التقرير باللغة العربية:

اضغط هنا