#########

بيانات وتقارير

“ميدل إيست آي-Middle East Eye”: الخبز والدقيق ينفدان داخل مخيم الركبان في سورية


السكان يقولون إنهم يائسون بعد توقف في جميع طرق التهريب تقريباً إلى المخيم، الأمر الذي يخلق أزمة في الغذاء

24 / حزيران / يونيو / 2019


“ميدل إيست آي-Middle East Eye”: الخبز والدقيق ينفدان داخل مخيم الركبان في سورية

 

*مع العدالة 

 

نشرت شبكة “ميدل إيست آي-Middle East Eye” الإخبارية تقريراً اليوم حول معاناة السوريين المُهجّرين في مخيّم الركبان على الحدود الأردنية السورية، منها أزمة الغذاء والنقص الحادّ في المواد الأولية، والخبز والدقيق. 

 

يقول “أبو أحمد” للشبكة وهو أب شاب يعيش في مخيم الركبان  السوري للمهجرين:” ذهبتُ إلى سوق المخيّم يوم الجمعة، وكنتُ أريد شراء مكونات العشاء لإطعام زوجتي وابني الرضيع ووالدتي وشقيقي وزوجته، لكنني فوجئت بالأسعار في أحد المتاجر المكتظ بالمواد الغذائية، وهي أسعار لا أستطيع تحملها. يبلغ كيلو الخضراوات 750 ليرة، أي ما يعادل ( 1.45 دولار)، أما لتر الوقود يصل إلى 1200_( 2.23 دولار). 

  • تعيش العائلة في أحد المنازل الطينية المؤقتة في مخيم الركبان بعد فرارها من محافظة حمص منذ أربع سنوات.

 

 

ما تبقى هناك القليل من الدقيق، وهو عنصر أساسي في سورية، حيث غالباً ما تعتمد الوجبات الغذائية على الخبز. ولقد ذهب أبو أحمد إلى المنزل خالي اليدين؛ حيث إن عائلة مكوّنة سبعة أفراد من دون الخبز في تلك الليلة.

يوم الأحد، قال أبو أحمد وسكان آخرون إنه لم يبق طحين في المخيم للشراء، حتى بأسعار اليوم المرتفعة.

في السوق المؤقت الذي يمر عبر جزء من مخيم الركبان ، يقال إن الرفوف خالية من الخبز. ويقول السكان إن أكياس الدقيق لا يمكن العثور عليها في أي مكان، كما يضيف خباز محلي إن فرنه “خارج الخدمة” لعدة أيام بسبب نقص الإمدادات.

لقد مرت ثلاثة أيام منذ أن كان الخبز والدقيق متاحين في المخيّم الصحراوي البعيد، وبحسب سكان المنطقة لــ” ميدل ايست آي” أن النقص الكلي في معظم الإمدادات الغذائية الأساسية يعني أن أسعار المواد الغذائية الأساسية الأخرى مثل الخضروات والأرز والسكر ترتفع.

ويعزى هذا النقص إلى توقف جميع طرق التهريب تقريباً إلى المخيم، من قبل القوات الموالية للنظام. فيما يطلق عليه سكان المخيم “حصار” الركبان.

 

وبحسب التقرير أنه ” امتدت طرق التهريب من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية في دمشق والسويداء، حيث جلبت شاحنات محملة بالخضروات والدقيق والصابون والأدوية التي سيتم بيعها بعد ذلك بأسعار مرتفعة للغاية في سوق الركبان. لكن هذه الطرق توقفت في أكتوبر الماضي.

  • في هذه الأيام، فقط بضع شاحنات تدخل المخيم من الخارج، والأسعار أعلى من أي وقت مضى.

 

 

وعن أحوال السوريين في المخيم جاء في التقرير أن المخيم لم يحافظ لم على حيوات اللاجئين؛ حيث يعيش سكان المخيم الذين يقدر عددهم بـ 30 ألف نسمة في جغرافيا قاحلة من الصحراء، التي تسيطر عليها (المعارضة اسمياً) على طول الحدود السورية الأردنية الشرقية.

وقد فرّ معظمهم إلى المخيم من محافظة حمص في السنوات الأولى من الحرب هرباً من الاقتتال هناك. 

لم يخططوا للبقاء طويلاً. كان الكثيرون يأملون في العبور إلى الأردن، لكن عمّان أغلقت الحدود في عام 2016 بعد أن قُتل سبعة أشخاص أردنيين في موقع قريب بالقرب من تفجير سيارة مزعوم من (تنظيم الدولة الإسلامية).

 

في السنوات التي تلت بعد أن تقطعت بهم السبل في الصحراء، قام سكان مخيم الركبان المشردون ببناء منازل ومتاجر طينية من البداية للنهاية، وأقاموا خياماً مدرسية ومخابز على الرغم من الظروف القاسية.

بعد أن استولت قوات النظام والميليشيات الموالية لها على مناطقهم، يخشى الكثير من سكان المخيم العودة إلى ديارهم لما في ذلك من مخاطر عليهم وعلى أبنائهم. 

وتعتبر عمليات تسليم المعونة المنظمة إلى المخيم نادرة، حيث دخلت آخر عملية تسليم في فبراير/شباط من منظمة الإغاثة السورية التابعة للأمم المتحدة. وعندما تنفد هذه الإمدادات، يتم ترك سكان المخيم وحدهم لشراء الإمدادات الغذائية غالية الثمن في كثير من الأحيان.

 

 

وعلى الرغم من أن إحدى منظمات الإغاثة سلمت أطنان عديدة من الطحين إلى المخيم عبر الأردن الشهر الماضي، إلا أن السكان يقولون إنه لا يكفي تجنب الأزمة.

وكما قام الناشط الإعلامي “عماد غالي” بزيارة السوق في مخيم الركبان الأسبوع الماضي، قبل فتح أكياس الدقيق، كما يقول، لتسجيل أسعار المواد الغذائية الأساسية للآخرين في المخيم؛ كان سعر كيلو واحد من الخبز 0.97 دولار ، بحسب غالي وسكان المخيم الآخرين – وهو ما يقرب من 50 في المائة من السعر المذكور في دمشق، ومكلف بشكل باهظ لسكان الركبان المشردين.

يقول غالي: “مثل أي شخص آخر في المخيم، أنا شخص مشرد”. “أواجه أيضاً مشكلة في الدفع مقابل الطعام.”

تقول ديما، التي طلبت _اسماً مستعاراً لحماية خصوصيتها_ وهي أم لستة أطفال تعيش في الركبان: “إذا أردنا شراء أي شيء، فسيكون هذا مكلفاً للغاية”.  

 

 

ولدعم أسرتها، قامت”ديما” بإدارة مشغل صغير للخياطة في المخيم العام الماضي، حيث كانت تكسب 13.50 دولار شهرياً كحد أقصى لصناعة الملابس النسائية. وكان زوجها يكسب المال من خلال إصلاح معدّات الطبخ الصغيرة والمعروفة باسم “بوابير”.

وتقول إن العمل قد انتهى منذ فترة طويلة، ولم يكن لديهم أي زبائن أو دخل منذ العام الماضي. وهي الآن تزور السوق مرتين أو ثلاث مرات شهرياً لتخزين اللوازم.

  • وتضيف ديما: “حتى لو كان هناك دقيق متوفر في المخيم، فليس لدينا أي دخل لشرائه”.

 

سوء التغذية

بدأت أزمة الغذاء في الركبان في التسبب بخسائر فادحة. حيث فقدت امرأة حامل توأميها بسبب الإجهاض يوم الجمعة، وذلك لنقص الغذاء والمواد الغذائية، وفقاً لشكري شهاب، ممرض في المخيم.

يقول شهاب: “لم يكن لديها فيتامينات. “كانت تعاني من سوء التغذية”.

شهاب، الذي يدير عيادة مؤقتة، يقول إنه يشهد زيادة في مرضى سوء التغذية، بعد أشهر من النقص في المواد الغذائية الأساسية. معظمهم من الأطفال والنساء.

“يراجعني الآن خمسة أطفال يعانون من سوء التغذية في الأسبوع؛ قبل النقص في المواد اعتدتُ أن أعاين واحداً فقط”.

شهاب يستقبل الآن “أربع أو خمس” نساء مصابات بسوء التغذية كل أسبوع، وكثير منهم مراهقات حاملات، كما يقول. وقد أثر هذا النقص على عائلته. منذ أن ولدت حفيدته “ماريا” قبل شهرين، بحث شهاب في الركبان عن حليب الأطفال للحفاظ على تغذية لها. لم يجد أي شيء في سوق المخيم البدائي.

وعلى الرغم من أن “ماريا” تتمتع بصحة جيدة في الوقت الحالي، إلا أن شكري يقول إنه لا يزال يأمل في العثور على حليب الأطفال للحفاظ على التغذية. ويضيف: “لبن أمها، هذا ليس كافياً”.

 


الضغط للمغادرة

يأتي نقص الغذاء في الوقت الذي يضغط فيه النظام السوري وروسيا على سكان الركبان لمغادرة المخيم عبر “ممر إنساني” إلى محافظة حمص التي تسيطر قوات النظام وميليشياته.

  • تم فتح الممر المزعوم منذ شباط/ فبراير لسكان الركبان الذين يرغبون في العودة إلى مسقط رأسهم.

 

وفقاً لآخر إحصاء للأمم المتحدة، دخل أكثر من 14000 من السكان إلى نقطة تفتيش تديرها قوات النظام السوري وميليشياته في الصحراء قبل أن تنقلهم الحافلات إلى مراكز اعتقال في مدينة حمص. ولا يُعرف عن مصائرهم  لغاية الآن بعد عودتهم إلى الأراضي (الحكومية).
 
يقول بعض سكان المخيم إنهم يخشون التجنيد العسكري الإجباري أو الاعتقال بسبب تأييدهم للثورة في حال عودتهم. ولكن البقاء داخل مخيم الركبان يعني استمرار البقاء في صحراء جرداء تتضاءل فيها الإمدادات.

 

  • وتقول ديما: “الناس يعودون إلى النظام لعدم وجود طعام هنا، ولا إمدادات، ولا شيء”.

 

محمية عسكرية تديرها الولايات المتحدة

الممر المزعوم هو جزء من التوازن الجيوسياسي الحساس الذي يلعب دوراً هاماً في المنطقة المحيطة بمخيم الركبان.

وتوجد بالقرب من المخيم محمية عسكرية تديرها الولايات المتحدة وقوات مسلحة معارضة، يُفترض أنها تساعد في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي فقد آخر موطئ قدم له على الأراضي السورية في وقت سابق من هذا العام.

تسيطر القوات المدعومة من الولايات المتحدة على منطقة طولها 55 كم تحيط مباشرة بمحمية الصحراء. خارج تلك المنطقة مباشرة تقع الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري وميليشياته، حيث تتفوق الميليشيات الموالية للحكومة على المشهد.

ومن خلال منطقتي السيطرة، يمر طريق سريع وحيد عبر الصحراء، وهو جزء من طريق دولي يربط بغداد بدمشق.

  • سكان الركبان عالقون في المنتصف ولديهم خيارات قليلة.

لم تتمكن الأمم المتحدة من إيصال مساعدات أخرى في الأشهر التي تلت قافلة شباط/ فبراير. ولم تنتهِ بعد الشائعات عن وجود ممر آمن إلى شمال سوريا الذي تسيطر عليها المعارضة.

 


لا سبيل للخروج 

وبالنسبة لأبي أحمد، الأب الشاب، لن يغادر المخيم إلى مسقط رأسه في حمص التي تسيطر عليها قوات النظام وميليشاته، فالطريق محفوف بالمخاطر للغاية – وهو منشق عسكري ويخشى من العواقب.

كما استبعد دفع المال لمهربي البشر لإرشاده شمالاً عبر الصحراء إلى أراضي المعارضة في إدلب.

وقال إن الرحلة التي تتضمن ركوب دراجة نارية لمئات الكيلومترات ليلاً لتجنب اكتشافها من قبل الفصائل الموالية للحكومة، ستكلفه 780 دولاراً. إنه مخرج، لكن ببساطة لا يستطيع تحمل تكاليفه؛ وهكذا قرر البقاء في مخيم الركبان مع عائلته.

ومع بقاء القليل من المال، يطعم أبو أحمد وزوجته ابنهما الرضيع الماء والسُكّر، إضافة حليب أمه إن توفر. والكبار يأكلون حساء العدس.

  •  يختم أبو أحمد: “نحن نعيش هنا على أعتاب الموت – الظروف في الركبان أسوأ من درجة الصفر”.  

 

 

المادة من المصدر