بتاريخ 4 آذار/ مارس 2018 لم تسمح قوات النظام بدخول القافلة التي ضمّت نحو 40 شاحنة كان من المقرر لها أن تتجه نحو دوما.. حيث واصل النظام قصفه للمدينة دون توقف
21 / تشرين ثاني / نوفمبر / 2018
*أحمد طلب الناصر- مع العدالة
يعتبر تجويع المدنيين جريمة من الجرائم ضد الإنسانية وفقاً لمبادئ وتشريعات المحكمة الجنائية الدولية، وتنص الفقرة 25 من المادة الثامنة للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للعام 1998 على أن “التجويع المتعمّد للمدنيين، كأسلوب من أساليب الحرب، وحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة وعرقلة الإمدادات الإغاثية جريمة بحقّ الإنسانية”.
وفي الحالة السورية، إذا ما أجرينا تصنيفاً بسيطاً بين أشكال وأساليب الجرائم المرتكبة من قبل نظام الأسد منذ آذار/ مارس 2011، سنلاحظ أن أسلوب التجويع الذي اتّبعه الأخير بحق المدنيين المحاصرين يحتلّ المرتبة الدنيا من درجات الانتهاك الصارخة مقارنة بالكيماوي والبراميل والقنابل العنقودية والفسفورية والسكاكين وجميع أشكال الإبادة بالأسلحة المحلّلة والمحرّمة دولياً، ورغم ذلك، فهو جريمة ضد الإنسانية!
وقد مارس النظام السوري أسلوب التجويع على المدن والبلدات المأهولة بالسكان كآلية من آليات العقاب الجماعي الانتقامي، ووسيلة ضغط على المدنيين العزّل لإجبارهم على الخضوع وتقديم التنازلات التي لم يتمكّن من انتزاعها بالنار والبارود والسلاح الأبيض؛ ولم يكتفِ النظام بذلك بل منع إدخال الدواء والبضائع، وقطع الماء والكهرباء والاتصالات عن تلك المناطق ليتمكّن من خنقها وعزلها كاملاً عن العالم الخارجي.
وقد سُجّل العديد من حالات الوفاة بسبب نقص التغذية؛ وكذلك أدّى فقدان الدواء، وعدم حصول المرضى على أدويتهم والخدمات الطبية اللازمة، إلى وفاة العديد منهم، لا سيما أولئك المصابين بأمراض القصور الكلوي والسرطانات.
أما الأطفال الرُضّع، فقد شكلوا أشدّ حالات المعاناة الإنسانية في فترات الحصار، حيث حرص النظام على منع وصول حليب الأطفال إلى من هم بحاجته ما أدّى لانتشار حالات الجفاف الشديد وسوء التغذية المؤديان للوفاة.
وتزامنت حالات التجويع والانتهاكات الناجمة عنه مع تنفيذ خطط الحصار العسكرية التي طبّقها النظام والميليشيات الطائفية الموالية على عدد من المدن المحررة منذ العام 2012، فكانت البداية مع مدينة “داريا” المتاخمة للعاصمة دمشق، والتي أرهقت قوات النظام طيلة خمس سنوات رغم القصف اليومي المتواصل عليها وعلى من تبقّى من المدنيين المحاصرين بداخلها.
فداريا، مدينة العنب والدم، من أولى المدن المشاركة في الاحتجاجات ضد نظام الأسد، وشهدت أكبر وأعنف المجازر عقب اقتحامها من قبل جيش النظام في آب/ أغسطس 2012 لتغدو المدينة بعد ذلك رأس الحربة في مقاومة النظام..
ومنذ إطباق الحصار عليها في نهاية العام 2012، بقيت دون أي مساعدة أممية أو أهلية تُذكر، فحرمت من الغذاء والدواء وحليب الأطفال إلى أن أُجبر أهلها على تسليم ما تبقّى من ركام المدينة والتوجّه نحو الشمال السوري عام 2016.
وقوع تلك المدينة عند مدخل العاصمة دمشق، وصمود أهلها الأسطوري اليومي في وجه الطيران الحربي والبراميل ونيران المدفعية، دفع النظام لاتّباع سياسة التجويع، مع استمرار القصف، لاستعادة السيطرة عليها مهما كلّفه من ثمن.
وبرغم المطالبات المتواصلة لم تتمكن المنظمات الدولية من إيصال المساعدات لداريا طيلة أربع سنوات من الحصار، في الوقت الذي وصلت فيه إلى عدة مدن محاصرة أخرى تحت ضغط المجتمع الدولي، ما دفع الأهالي المحاصرين (وعددهم نحو 12 ألف) لتناول الأعشاب ولحاء الشجر؛ بل ووصل الأمر ببعضهم إلى تناول لحوم القطط الميتة حديثاً نتيجة جوعها أيضاً!
وبعد اتفاق “وقف الأعمال العدائية في سوريا” الموقّع من قبل الولايات المتحدة وروسيا في شباط/ فبراير 2016، والذي شمل الأراضي السورية عدا الخاضعة لتنظيم “داعش” و”النصرة”، تم استثناء داريا من ذلك الاتفاق من قِبل الروس بحجّة تواجد عناصر لـ “جبهة النصرة” فيها، رغم معرفة الجميع بخلو داريا بالذات من كافة أصناف الفصائل المتشددة، واقتصارها على مقاتلين تابعين للجيش الحر من أبنائها.
وكلما حاولت الأمم المتحدة الدخول إليها كانت تصطدم برفض النظام الذي يتذرّع كل مرة بحجج واهية لمنع وصول المساعدات الغذائية وحليب الأطفال، إلى أن جاء يوم 12 أيار/ مايو 2016، وبعد طول انتظار المحاصرين في المدينة، وصلت قافلة أممية محمّلة بالأغذية وحليب الأطفال لتقف عند مداخل المدينة وقد حصلت على موافقة الجهات الحكومية على دخولها، إلا أن النظام رفض إفراغ حمولتها وأمرها بالعودة.
ولم تمضِ أكثر من ثلاثة أشهر حتى تمكّن الجوع من أهالي داريا فسلموها للروس ونظام الأسد في آب/ أغسطس 2016، بعد أن حصد الحصار أرواح 240 شخصاً لنقص في المواد الغذائية والطبية، بينهم 9 أطفال بسبب فقدان الحليب.
- المعضمية.. أطفال بين فكّي الجوع
بدأ إطباق الحصار على المعضمية، جارة داريا وشريكة الدم بالغوطة الغربية، في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بواسطة 20 حاجزاً تحيط بجميع جهات المدينة، يشرف عليها عناصر من الفرقة الرابعة، التابعة لـ”ماهر الأسد”، والمخابرات الجوية.
تعرّضت المدينة لأسوأ أصناف التجويع بسبب منع دخول الأغذية والدواء وحليب الأطفال، بالتزامن مع القصف المتواصل المشابه لما حصل في داريا؛ وقد فشلت جهود المنظمات الإنسانية بالحصول على قرار لإدخال المواد الغذائية بسبب العرقلة الروسية في مجلس الأمن، وكذلك رفض النظام إجلاء المدنيين المحاصرين داخلها، ومنع دخول مراقبين مستقلين لتسهيل الإجلاء.
وتم توثيق وفاة 11 شخصاً بسبب الجوع، 10 أطفال وامرأة واحدة خلال العام الأول من الحصار الذي طال 12 ألف مدني بينهم 7 آلاف طفل وامرأة. وقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من صور لأطفال جوعى يعانون من سوء تغذية، من الصعب التصديق بأنها تعود لأطفال يعيشون بقرب العاصمة دمشق!
وبحسب شهود خرجوا من الحصار بواسطة الهلال الأحمر، بعد اتفاق وقف العمليات القتالية 2014، أكّدوا بأن المحاصرين كانوا يتعاملون بطريقة “المقايضة” بعد نفاد النقود من المدينة واستهلاك جميع المواد الغذائية داخلها بعد أسابيع قليلة من إطباق الحصار، ما أجبر الناس على تناول أوراق الشجر والحشائش بعد انتهاء كميات الخس والكزبرة والبقدونس التي يزرعها البعض في حدائق المنازل؛ وكان الناس يبحثون تحت أنقاض المدينة عن أثر لطعام بعد أن دُمّر منها ما يقرب من 70%. ورغم الوعود التي تلقاها الأهالي بإدخال المواد الغذائية إلا أنهم كانوا يفاجؤون كل مرة بدخول الصليب الأحمر مع ممثلين من (وزارة المصالحة) لإجراء الإخلاء فقط.
وفي نهاية عام2015 عاد حصار الجوع ليخيّم مرة أخرى على المدينة بعد ما يقرب من عام على الهدنة، ولكن هذه المرة كان عدد المحاصرين يناهز 45 ألف مدني؛ وبأقل من 20 يوماً كانت الأسواق قد فرغت تماماً من المواد الغذائية، وكذلك فُقد حليب الأطفال ما أدى لإصابة العديد منهم بسوء التغذية، كما تم تسجيل 5 حالات وفاة، وهم 4 أطفال وشابة في الـ25 من عمرها جراء سوء التغذية.
بقي الحال كما هو عليه حتى نجحت سياسة “التجويع للتركيع” في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016. وقد تعرض أهل المعضمية خلال سنوات الحصار للذبح بالسكاكين وللقصف بالغازات السامة ولجميع أنواع القصف الأخرى.. وللتجويع.
- الزبداني و مضايا.. التجويع لقاء اتفاق “المدن الأربع”
في شهر كانون الأول من العام 2012، قام النظام بسحب قواته من حواجز مدينة “الزبداني” لتشهد بعدها مرحلة الحصار التدريجي إلى أن وصل لحصار كامل في شهر أيار/ مايو 2013، مع استمرار القصف اليومي من الجو والبرّ، وبكافة أنواع الأسلحة.
وكما شكّلت “داريا” شوكة في خاصرة النظام السوري، مثّلت الزبداني والمدن المحيطة بها رأس الحربة المهدّد لميليشيا “حزب الله” نتيجة موقعها الحساس على الحدود والمطلّ على مناطق سيطرة الحزب في الأراضي اللبنانية؛ ما دفع ميليشيا الحزب لإطباق الحصار على المدينة بشكلٍ رئيس تشاركها عناصر لقوات نظام الأسد، فأحاطتها بأكثر من مئة نقطة عسكرية مغلقة كل الجهات المحيطة بها ولتمنع دخول أي نوع من الغذاء أو الدواء، إلى جانب اشتراك أكثر من 20 نقطة عسكرية في استهداف المدينة بشكل مباشر.
عانت المدينة من التجويع ونقص الأدوية والمواد الأساسية والمحروقات كما حصل في داريا وأكثر، كما وأن القصف الذي سبّب بدمار أكثر من 95% من معالمها لم يمنح فرصة للمدنيين بالتحرك داخلها أو الخروج طلباً للنجاة من الجوع على الإطلاق، فقذائف “الهاون” والدبابات وراجمات الصواريخ تلاحقهم في كل خطوة يخطونها.
ووثّقت صور لأهالي الزبداني آثار سياسة الحصار والتجويع التي انتهجها النظام وميليشيا حزب الله وأدت إلى وفاة العديد منهم، كما أجبر الحصار الخانق سكانها على أكل القطط والحشائش، وازداد الوضع سوءًا بعد احتجاز العوائل النازحة من الزبداني في مدينة “مضايا” لتسجّل 59 حالة وفاة بسبب الجوع، معظمها من الأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى أكثر من 400 حالة تعاني من سوء التغذية.
استُغلّ ذلك الحصار المميت لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في المدن الأربع (الزبداني ومضايا المحاصرتان من النظام، وكفريا والفوعة المحاصرتان من قبل جبهة النصرة وفصائل تأتمر بأمرها) وذلك في 24 أيلول/ سبتمبر 2015، وقد قضى الاتفاق بإجلاء ما يقرب من 500 من الجرحى والثوار وعائلاتهم من الزبداني ومضايا، بالتزامن مع إخراج المئات من عوائل بلدتي “الفوعة” و”كفريا” بريف إدلب، وإدخال المواد الغذائية لتلك المدن؛ إلا أن النظام وحزب الله لم يُخرجا كامل عائلات الجرحى، كما لم يسمح بدخول المواد الغذائية وحليب الأطفال، وقام بسرقة الأدوية المخصصة للمدنيين المحاصرين، بالتزامن مع الدخول المتواصل للإغاثات لبلدتي الفوعة وكفريا من قبل إيران والنظام السوري عن طريق الجو.
في نهاية المطاف، وبعد استمرار سياسة التجويع، تم توقيع ما سمي آنذاك باتفاق “المدن الأربع” بين ممثلين لـ “جبهة النصرة” و”إيران” في العاصمة القطرية “الدوحة” ببداية نيسان/ أبريل 2017؛ وأثار ذلك الاتفاق استهجان وغضب الثوار، إذ تمّ بموجبه إخراج قرابة 3000 شخص من الزبداني ومضايا وبلودان إلى الشمال، وإخراج كامل “كفريا” و”الفوعة” على دفعتين، وإطلاق سراح 1500 أسير وأسيرة من سجون الأسد تبيّن لاحقاً بأنهم حديثو الاعتقال ولا صلة لهم بمعتقلي الثورة والتظاهرات!
- الغوطة الشرقية.. حصار الجوع والكيماوي
بدأ حصار الغوطة في أيار/ مايو 2013، ويعتبر من أطول فترات الحصار التي شهدها التاريخ (حسب ويكيبيديا) واستهدف أكثر من 400 ألف مدني ضمن مساحة لا تزيد عن 100 كم2.
إذ أغلق النظام كافة المعابر التي تربط الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق فارضاً ذلك الحصار الوحشي الظالم على أهلها، مانعاً دخول الغذاء إلى المحاصرين من أهلها وسط صمت المجتمع الدولي إزاء الموت البطيء الذي تعرضوا له خلال ما يقرب من 5 سنوات.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الغوطة الشرقية تقبع تحت حصار جزئي في بداية الأمر، بســبب قدرة المعارضــة على إدخال بعض المواد الغذائية من حي برزة الدمشــقي عن طريق الأنفاق، حيث يتم إدخال الغذاء إلى حي برزة بموجب اتفاقية مبرمة بين الفصائل العسكرية التي تتبع للمعارضــة والمســيطرة على هذا الحي وبين النظام الســوري، ثم يتم إدخال جزء قليل من هذه المواد الغذائية عبر أنفاق في حي القابون الذي يفصل غوطة دمشق الشرقية عن حي برزة .. كما يتم إدخال بعض المواد الغذائية عن طريق تجار محسوبين على النظام السوري عبر معبر مخيم الوافدين، للغوطة الشرقية، وتكون أسعار المواد الغذائية التي يدخلها التجار للغوطة الشــرقية مرتفعة جداً، وحسب رغبة النظام.
وفي شباط/ فبراير 2017، بدأ النظام حملة عسكرية للسيطرة على حي “جوبر” ليتمكن من فصل حي برزة عن الغوطة الشرقية، مما سهل عليه دخول برزة والسيطرة عليه، كما طبّق الحصار على الغوطة الشــرقية بشــكل كامل ومنع إدخال كافة المواد إليها، إلا أن محاولاته باءت بالفشــل مما دفعه لاقتحام حي برزة والسيطرة عليه بشكل كامل ومنع دخول أي مواد غذائية للغوطة الشرقية عن طريق الأنفاق.
عانت مدن وبلدات الغوطة بعد السيطرة على برزة ومعابر الأنفاق، كما عانت سابقاتها وأكثر، وقد ضجّت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بصور ومشاهد الأطفال والمسنين الذين عانوا الجوع، ووصل حال البعض منهم بأن يأكل من القمامة، وغالباً ما كان الأطفال يفقدون وعيهم بسبب الجوع؛ كما وتم تسجيل وفاة 13 طفلاً بسبب الجوع ونقص الحليب، وتعرض 25% لسوء التغذية من عدد الأطفال البالغ نحو 9100 طفل دون عمر 5 سنوات.
وبتاريخ 14 شباط/ فبراير 2018، تم إدخال قافلة غذائية لم تغطّ سوى 5 % فقط من احتياج المدنيين المحاصرين ولمدة شهر واحد فقط. وقد سمح النظام بإدخال هذه الكمية من المساعدات قبيل عقد جلسـة للأمم المتحدة بشـأن حصـاره المفروض على المنطقة بهدف إفشال تلك الجلسة.
وبتاريخ 4 آذار/ مارس 2018 لم تسمح قوات النظام بدخول القافلة التي ضمّت نحو 40 شاحنة كان من المقرر لها أن تتجه نحو دوما.. حيث واصل النظام قصفه للمدينة دون توقف، كما أن نحو 70% من الأغذية التي نقلت من مخازن منظمة الصحة العالمية إلى شاحناتها استبعدت خلال عملية التفتيش، ثم قامت قوات الأمن بخلط المواد الغذائية المتبقية من حبوب وغيرها كي لا يتمكن المدنيون المحاصرون من الاستفادة منها بالشكل المطلوب.
ومع بدء العملية العسكرية الأخيرة على الغوطة، تجسدت معاناة الجوع بشكل مؤلم داخل الملاجئ التي احتمى بداخلها الأطفال والنساء من قصف النظام، ما أدى لوفاة 3 أطفال بسبب نقص الطعام والحليب بالتزامن مع البرد القارس آنذاك.
وحين لم يرضخ محاصرو الغوطة لتجويع النظام، لجأ الأخير إلى السلاح الكيماوي ليقتل من لم يقتله الجوع من أطفال الغوطة، ثم ليكرّر مسلسل التسليم والتهجير كما حصل مع سابقاتها.
وقبل أن نختتم الحديث عن جحيم التجويع الأسدي، بقي أن نشير إلى أن أعلى نسبة مسجّلة لضحايا الجوع لم تسجّل داخل تلك المدن التي ذكرناها، والمنفصلة إدارياً عن العاصمة دمشق، وإنما شهدها حيٌّ في قلب العاصمة السورية.. إنه مخيّم اليرموك الدمشقي، الذي سُجّلت فيه 147 حالة وفاة بسبب الجوع، خلال أقل من 9 أشهر فقط بين عامي 2013- 2014!
كل ذلك الموت بسبب التجويع وما تزال بعض من الأطراف الدولية تردّد مقولة: (ربما) يكون الأسد قد ارتكب جرائم ضد الإنسانية!
المزيد للكاتب
⇓