#########

الضحايا

قتَل طفلا تحت التعذيب وروع السجينات.. تعرف على “أبو بلال جنائية”


في فرع الأمن العسكري بمحافظة حماه هددوني بإحضار أطفالي الثلاثة وزجّهم في السجن وتعذيبهم أمامي، تجنّباً لذلك وقّعت على ما يريدون من اعترافات، فوضعوني وأختي الأصغر إيداعاً في "الأمن الجنائي" ريثما يتمّ نقلنا إلى العاصمة دمشق

24 / كانون الثاني / يناير / 2019


قتَل طفلا تحت التعذيب وروع السجينات.. تعرف على “أبو بلال جنائية”

 

 

*المصدر : زمان الوصل 

 

تروي هذه الأحداث السجينة السابقة عائدة الحاج يوسف، لتعرف المزيد عنها (اضغط هنا)

 

في أحد أيّام القهر بجناح الإرهاب في سجن عدرا المركزي استيقظنا على أخبار تفجيرات كثيفة في محافظة حماه “المنطقة التي كان يعيش فيها أطفالي الثلاثة”، حينها لم أستطع التواصل معهم والاطمئنان عليهم لفترة، وكنت أنتظر أيّة سيدة معتقلة جديدة من محافظة حماه لأسمع منها الأخبار، فربما يخرج من فمها ما يُثلج صدري.

أحضر عناصر النظام مساءً عددا كبيرا من السيّدات اللواتي كنّ معتقلات في الفروع الأمنيّة، كان بينهن سيّدة من محافظة حماه، أخبرتنا بإيجاز قصّتها ورحلتها بدءا من اعتقالها في مدينتها وزجّها في فرع الأمن العسكري بحماه وصولاً إلى قسم شرطة كفر سوسة في العاصمة دمشق، ثمّ إلى سجن عدرا، وقالت إنّها لم تُشارك إطلاقاً في أيّة أنشطة مناهضة لنظام بشار الأسد الإجرامي، ومع ذلك تلقّت نصيبها من التعذيب القاسي والاضطهاد.

كانت تتكلم وكأنّها أمام ضابط يُحقّق معها لدرجة استفزازنا كثيراً بسبب إساءاتها للثوار وعائلاتهم وتحميلهم مسؤولية رحلة العذاب خاصّتها متجاهلةً كُلّ مساوئ النظام وعصاباته.

سألتني تلك السيّدة عن كيفية إجراء مكالمة هاتفية مع عائلتها، فوراً قدمت لها بطاقة الهاتف خاصّتي، أخرجت من جيبها ورقةً مكتوبا عليها أرقاما هاتفية، طلبت منّي قراءة رقم “أبو بلال، جنائية”، سألتها من يكون، قالت زوج أختي، انتفضت حواسي، سألتها أهو محقّق في القسم الجنائي، قالت مُبتسمةً نعم هو، أتعرفينه، طابقت أوصافه من كلامها، وعدت إلى سريري غاضبةً.

أنين طفلٍ صغيرٍ في سن الحادية عشر يدوي بلا توقّف، رجلٌ ضخمٌ مرعبٌ وحشٌ يفتقد للرحمة يظهر أمام عيني.

في فرع الأمن العسكري بمحافظة حماه هددوني بإحضار أطفالي الثلاثة وزجّهم في السجن وتعذيبهم أمامي، تجنّباً لذلك وقّعت على ما يريدون من اعترافات، فوضعوني وأختي الأصغر إيداعاً في “الأمن الجنائي” ريثما يتمّ نقلنا إلى العاصمة دمشق.

ثلاث ليالي سوداء قاتمة، عشناها على وقع صراخ طفلٍ، في المرة الأولى نظرت لأختي، وضعت أصابع يديّ في أذني وصرخت غالب، يعذّبون طفلي “غالب”، أختي تبكي وتقول ليس “غالب”، وأنا أُكرّر “غالب”، إنّه “غالب”، حتّى فتح السجّان “أبو بلال” باب الزنزانة حاملاً العصا بيده سائلاً بغضب لماذا تصرخين، أجابته أختي، صوت الطفل يُشبه صوت طفلها، فقال مُستهزئاً: نعم هو ابنها فلتأتِ لتراه.

ساعدتني أختي بالنهوض، أتحسس الجدار حتى لا أقع، وصلت لغرفة التعذيب، شاهدت طفلاً صغيراً داخل إطار سيارة، مسلوخ الجلد، مقلوع الأظافر، متشقّق الجسد، لا يقوى على الكلام ليتوسل أو يعترف أو يطلب رأفةً ورحمة، ليس ابني، لكنّه طفل صغير، كيف يتحمّل ما يلقاه من تعذيب.

عدت لزنزانتي، أغمضت عيني، وسدّدت أذني بقطعة قماش حتى لا أسمع صراخ الطفل وأنينه، غفوت قليلاً حتّى أيقظتني أختي لتخبرني بموت الطفل، شاهدت السيّدات المعتقلات من الشبك الحديدي للزنزانة الصغيرة لحظات موته، ضربه السجّان “أبو بلال” بقدمه على صدره دون رحمة، نزف كثيراً حتّى فارق الحياة.

ببساطة أخبر السجّان “بعبارات سيّئة” طبيب السجن بوفاة الطفل، وطلب أن يخبروا ذويه ليحضروه ويأخذوه، مُنوّهاً بأنه هكذا تكون نهاية من يشارك في المظاهرات ضد أسدهم المجرم.

مات الطفل ذو الحادية عشر عاماً تحت التعذيب، تاركاً خلفه رحمةً معدومةً وإنسانيةً مفقودة.

 

الرابط الأصلي للمادة 

.

.