سألته القاضية عن مصدر معلوماته فأجاب بأن “عمه” هو من أخبره بذلك.
23 / آب / أغسطس / 2021
*المصدر: المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
من تاريخ 23/07/2021 وحتى 17/08/2021 ستتوقف جلسات محاكمة المتهم أنور رسلان ضمن استراحة الصيف القضائية، وبذلك كانت جلسة 22/07/2021 آخر جلسة قبل الاستراحة، ولأول مرة مع أحد أقارب المتهم والذي استُدعي للشهادة من قِبل المتهم ذاته.
الشاهد خ.ر بدأ الجلسة بالإفصاح عن رغبته بعدم ذكر معلوماته الشخصية في قاعة المحكمة، ولأجل ذلك وضحَّت له القاضية كيربر أن ذلك أحد حقوق الشاهد في حال ثبت لهيئة القضاة أن هناك تهديداً على حياته هو أو أحد أفراد أسرته. وبما أن هيئة القضاة لم ترَ ذلك في حالته، أخبرته أنه مُلزم بأن يدلي بمعلوماته الشخصية في القاعة، وهو ما حدث.
بعد ذلك ذكر الشاهد أنه صهر المتهم و قريبٌ له أيضاً، لأن والدة المتهم تكون عمَّة الشاهد، عند ذلك أخبرته هيئة القضاة أنه بحكم القرابة المثبتة وبحسب القانون يحق له الامتناع عن الشهادة، إلا أن الشاهد أعرب عن رغبته في أن يدلي بأقواله وأن ويجيب عن كل الأسئلة التي ستُطرح عليه.
بدأ الشاهد بالقول أنه ومنذ أن كان بعمر الخامسة يعرف المتهم لأنه أحد أقاربه وأنه خلال خدمته العسكرية في دمشق التقى بالمتهم عدة مرات، وبعد انتهاء خدمته تقدم بطلب يد ابنة المتهم ووافق الأخير. وعن عمل المتهم قال الشاهد أنه يعلم بأن “عمه” – كما لقبه هو طيلة مدة الجلسة – عمل منذ أكثر من عشرين سنة كمساعد أولاً ومن ثم درس الحقوق وبعدها انتقل إلى المخابرات، ولكن أول وظيفة له كان فيها شرطياً.
سُئل الشاهد عن مدى معرفته بطبيعة عمل المتهم مع المخابرات، فأجاب بأن “عمه” أخبره أن عمله كان متعلقاً بحماية الدبلوماسيين، وأن العمل الرئيسي لفرع الخطيب هو الدراسات الأمنية للدولة والدراسات الداخلية وأمن الدولة، ثم أضاف: “أحيانا كان في هجمات لمتطرفين قبل الأحداث، وهدف العاملين في الفرع كان محاربة الإرهاب”.
سُئل عمّا يقصده بقوله “قبل الأحداث”؟ فأجاب: منذ عام 2000 وحتى عام 2011.
بعد ذلك سأله القضاة عن معرفته بما حدث بعد عام 2011، فأخبرهم بأنه قام بكتابة عدة ملاحظات على أوراقه وطلب منهم أن يقرأ منها؛ الأمر الذي سمحت له القاضية به. بدأ الشاهد بقراءة ما يلي: “منذ اندلاع الثورة في درعا 2011 ومن ثم حمص ومن ثم دمشق وباقي المحافظات، كان عمي يخبرني ببعض الأمور بحكم القرابة. في إحدى مظاهرات دمشق، بداية الشهر الرابع أو الخامس عام 2011، قام رئيس فرع الأربعين حافظ مخلوف باعتقال عدد كبير من المتظاهرين ومن ثم نقلهم إلى فرع الخطيب، لقد كان عدداً كبيراً، من ثم تم إطلاق سراحهم من قبل عمي بعد التحقيق معهم وعدم وجود أدلة ضدهم. بعد هذه الحادثة وُجهت له اتهامات مباشرة بمساعدة المعتقلين والتعاطف معهم”. أعادت القاضية سؤالها عن مصدر معلوماته فأجاب بأن “عمه” هو من أخبره بذلك، ثم أكمل: “من هالوقت قلي أنه صار مراقب بكل حياته الخاصة والعامة وحتى معارفه وحتى موبايله، لأنه تم اعتباره خلية نائمة. تم تجميد عمله وسحب صلاحياته. استدعاه بعد ذلك رئيس الفرع توفيق يونس وخبره عن مظاهرات الحولة ووصف المتظاهرين بالخونة، أدرك عمي بهالوقت أنه هاد تهديد مباشر له لأنه هو ابن منطقة الحولة الثائرة. استمر طبعاً بممارسة عمله وبعدها قرر أن يترك العمل وفكر جدياً بالانشقاق لكن هالشي كان صعب كتير وخاصة في وجود المراقبة الدائمة له ولعائلته. خبرني عن قرار الإنشقاق وكنت من المساعدين والمساندين له، التقيت بشخص بالزبداني لترتيب عملية الانشقاق وسار كلشي بشكل جيد، ولكن المشكلة الرئيسية كانت أنه حيقدروا يأمنوا خروجه هو بس بدون عائلته وهالشي رفضه عمي رفضاً قاطعاً وبالتالي فشلت المحاولة. عام 2012 في الشهر التاسع تقريباً، خبرني عمي أني لازم غادر البلد مع زوجتي وأطفالي بأسرع وقت ممكن لأنه قدر يأمن طريقة للانشقاق، فسافرت فوراً على اللبنان”.
بعد عدة أسئلة تفصيلية، سُئل الشاهد عمَّا إذا تعرض هو لصعوبات بسبب طبيعة عمل المتهم لأنه عمه؟ فأجاب بأنه كان يعمل كمدرس رياضة وبسبب الأحداث فقد عمله وبالتالي افتتح محل سوبر ماركت صغير. في الشهر الحادي عشر أو الثاني عشر لعام 2011 تعرض لمحاولة اختطاف عندما كان خارجاً من محل عمله، بقي ثلاثة أيام مخطوفاً واتهم خلالها أنه فتح هذا المحل ليستطيع مراقبة تحركات الجيش الحر لأن المنطقة كانت تحت سيطرته، بعد 3 أيام أخرجوه وقالوا له: “نحن منعتذر منك” جاء ذلك بحسب كلام الشاهد بعد أن تقصُّوا عنه خلال مدة وجوده عندهم. ثم قالوا له: “بعد ما سألنا عنك وعن عمك خاصة تبين لنا أنه عمك منيح وعم يساعد الناس لهيك منعتذر منك”.
اختلفت قليلاً رواية الشاهد في مسألة الخطف عمَّا قاله للشرطة الجنائية وعن تلك التي قدمها للمحكمة، ولذلك أعادت هيئة القضاة أقوال الشاهد للشرطة في المحكمة فأكد صحتها، ومن ثم انتهت أسئلة القضاة له لتبدأ بعد ذلك جولة طويلة من الأسئلة من أطراف الدعوى.
سُئل الشاهد من قبل الادعاء بالحق العام عن أول مرة قال فيها المتهم أنه يرغب بالانشقاق عن النظام، فأجاب بأن عمه كان ضد سياسة الظلم وأصبح مراقباً فلم يستطع تقديم الكثير من المساعدة بعد ذلك، وفي سوريا لا يستطيع أي شخص أن يختار الحياد ويكون مجبراً على اختيار طرف إما مع النظام أو مع الجيش الحر، لكن عمه كان يقول دائماً أنه ضد السلاح لأي طرف كان ولذلك قرر الانشقاق حتى لا تتلطخ يداه بالدم. قال له المدعي العام حينها أن ذلك لم يكن جواباً عن سؤاله! فأجاب مرة أخرى الشاهد: بداية الشهر الرابع أو الخامس 2011.
سُئل بعدها عن المواجهات المسلحة بين الطرفين في حمص ومتى بدأت، فأجاب بأن أول مظاهرة في حمص حدثت عند الساعة وبأنه شاهدها على التلفاز وسمع باشتباكات حدثت حينها، فسأله الادعاء العام متى بدأ الجيش الحر يهاجم الجيش النظامي هناك؟ فأجاب بأنه لم يشارك في المظاهرات، وبأنه بسبب المظاهرات وأعمال الشغب أنهى عقده كمدرب رياضة وبدأ عمله بالسوبر ماركت. فأعاد الادعاء العام سؤاله عن الفترة التي سيطر الجيش الحر فيها على المنطقة، فقال الشاهد أنها ومنذ بداية الثورة كانت تحت سيطرة الجيش الحر حتى تاريخ 13/02/2012 حيث استعادها النظام.
وعن اختطافه قال بأنه كان متعاطفاً مع الثورة ولكنه كان مع الحل السلمي وليس العسكري، فسأله الادعاء العام إن كان قد أخبر الخاطفين بأن عمه يريد الانشقاق؟ فأجاب بأنه لم يخبرهم بذلك بل فقط أخبرهم بأنه يساعد المعتقلين. أكد الادعاء العام عدة مرات على هذه النقطة وقال للشاهد أنه لا يفهم لماذا لم يخبرهم بنية المتهم بالانشقاق إن كانوا قد أثنوا على المتهم وأطلقوا سراحه بعد سؤالهم عنه؟ بيد أن الشاهد لم يعطي جواباً واضحاً لذلك. أجاب مرة أخرى أن الاختطاف حدث نهاية عام 2011 وانشقاق عمه حدث عام 2012، إلا أن ذلك لم يكن جواباً مقنعاً أيضاً لأنه سبق وقال بأن نيَّة الانشقاق لدى عمه كانت منذ الشهر الرابع أو الخامس عام 2011 وبأنه تحدث عن ذلك معه، بعد عدة أسئلة قال الشاهد أخيراً أنه لم يكن يستطع الوثوق بهم لإعطائهم مثل هذه المعلومة.
سُئل بعدها عن أسباب مغادرته حمص، فقال أنه غادرها بعد مجزرة كرم الزيتون وأنه خرج دون أن يستطع حتى أخذ أغراضه معه وأن الجميع غادر بسبب قصف الدبابات. سُئل كيف حدثت المجزرة، فأجاب بأنه لم يكن موجوداً ولكن بدأ قصف دبابات من النظام وربما كان هناك مقاومة من الجيش الحر ولكن كان هناك طريقاً سالكاً للمدنين، بعد 3 أيام تقريباً سيطر النظام على المنطقة.
عاد محامو الدفاع عن المتهم بعدها لمسألة انشقاق موكلهم، فقال الشاهد بأن عمه في شهر كانون الأول/ديسمبر استطاع الوصول إلى الغوطة ومن ثم بداية عام 2013 غادر إلى الأردن، وقال بأن النظام بعد ذلك بحث عنه ودمَّر ممتلكاته في حمص. في فترة وجود المتهم في الأردن كان وضعه سيئاً جداً كما قال الشاهد لأنه رفض الانضمام للجيش الحر بسبب رفضه للسلاح وأيضاً انشق عن النظام، كما اضطر أطفاله لترك المدرسة واضطر هو أن يدفع الآجار. سُئل بعدها عن كيفية مغادرة المتهم للأردن باتجاه ألمانيا؟ فأجاب: ” لقد قدم طلب للسفارة الألمانية وكان هناك شخص في ألمانيا ساعده بذلك يدعى رياض سيف، وبذلك استطاع الوصول إلى ألمانيا عام 2014″. تحدث أيضاً عن مشاركة عمه في مؤتمر جنيف وانضمامه للإئتلاف وأنه كان يأمل بإيجاد حل سلمي في سوريا.
حضرت الجلسة الشاهدة والمدعية بالحق المدني التي كانت في الجلسة التي سبقت هذه بيوم واحد أي بتاريخ 21/07/2021، وبصفتها مدعية بالحق المدني يحق لها أيضاً توجيه أسئلة للشاهد، ولهذا سألته عن استخدامه لكلمة “أحداث” وهي ما اعتاد النظام استخدامها، ومن ثم قوله “ثورة” عندما بدأ يقرأ من ملاحظاته المكتوبة، وطلبت منه توضيحاً لاستخدامه الكلمتين، أجاب الشاهد بأنه قصد بالأحداث كل ما هو جديد وبالتالي ما بعد عام 2011 هو الحدث الجديد في سوريا، وبالطبع هو يقصد الثورة السورية كما قال.
بعد عدة أسئلة من الادعاء بالحق المدني بخصوص تضارب بين ما قاله المتهم عن عدم معرفته بأحد الأسماء التي سُئل عنها في المحكمة، وبين ما ورد في بيان دفاع المتهم بذاته وذكر هذا الإسم تحديداً وقول المتهم حينها أنه أرسل صهره خ.ر -أي الشاهد- إلى هذا الشخص لترتيب عملية الانشقاق، قال الشاهد بأنه لا يوجد تضارب، لأنه حاول مساعدة عمه بالانشقاق ولكن ذلك لم يُفلح عن طريق هذا الشخص لأنه لن يستطيع تأمين عائلة المتهم بالكامل وإنما فقط المتهم، لكنه لم يذكر شيء عن جوابه في المحكمة أنه لا يعرف هذا الإسم.
نهايةً أراد الشاهد أن يدلي ببيان خاص به فقال: “نحن بألمانيا دولة قانون ودولة عدل، في شي عم بيصير هلأ، نحن كعيلة أنور موجودين بألمانيا وفي دعوات عالى السوشال ميديا دائماً لقتل أنور وعائلته مع أطفاله كباراً وصغاراً، بالإضافة لتسمية أنور بالصهيوني ويلي سماه هيك كان شاهد هون بالمحكمة، بدي قول أنه أي متهم ليس مذنب حتى تتم إدانته!”.
سُئل الشاهد عن اسم الشاهد الآخر الذي وصف المتهم بهذا الوصف فقام بتقديمه على ورقة مكتوبة ووضع الاسم في ملف الدعوى.
في نهاية الجلسة قدَّم الادعاء بالحق المدني طلباً مطولاً موضحاً فيه التهم الرئيسية الموجهة للمتهم بناءً على شهادات الشهود وهي القتل والتعذيب وسلب الحريات، ووضح الإدعاء بأنه طالب سابقاً بإضافة التعذيب الجنسي كتهمة ضد المتهم، وهو الأمر الذي وافقت عليه المحكمة منذ عدة جلسات، وبأنه في هذا الطلب الجديد يطلب من المحكمة إصدار إشارة قانونية إضافية تشمل تهمة جديدة وهي الاختفاء القسري والذي حدث دون معرفة المختفين لمصيرهم أو ماذا سيحدث معهم ولم يتم إبلاغ ذويهم بأماكنهم، مستشهدين على ذلك بالطبيب المختفي حيَّان محمود شقيق الشاهد والمدعي بالحق المدني حسَّان محمود وأيضاً بشهود آخرين وأدلة أخرى كثيرة. ستبتُّ المحكمة في هذا الطلب خلال الأشهر القادمة.