قطاع الاتصالات في سوريا شهد انهياراً قوياً بعد الخلاف الذي نشب بين رأس النظام السوري بشار الأسد، ورامي مخلوف، الذي كان يملك شركة “سيريتل-Syriatel” المنافس الوحيد لشركة “MTN” في سورية.
09 / آب / أغسطس / 2020
*مع العدالة | شمس الحسيني
أعلنت مجموعة “MTN” في إفريقيا، أنها ستنسحب من منطقة الشرق الأوسط للتركيز على إفريقيا، وأشارت أنها سوف تُلغي توزيع أرباح الأسهم التي كانت قيد الدراسة للتمكن من تجاوز جائحة كورونا.
ونقلت وكالة “رويترز” عن “روب شوتر” الرئيس التنفيذي لمجموعة MTN قوله: “إن بيع الحصة في سورية البالغة 75 في المائة يأتي في إطار مراجعة ميزانيتنا، ونرى أن من الأفضل للمجموعة أن تركز على استراتيجيتها في إفريقيا، وتبسيط الميزانية، بالخروج من الدول المأزومة في منطقة الشرق الأوسط، مثل اليمن وأفغانستان وإيران، وسوريا”.
حيث بدأت مجموعة “MTN” تنفيذ هذا القرار بدءاً ببيع حصتها في سورية، وذكر “روب شوتر” خلال مؤتمر صحفي، عبر الهاتف، أثناء إعلان الشركة نتائجها للنصف الأول من العام، أن الشركة في مرحلة متقدمة من المناقشات لبيع حصتها في “أم تي أن” سوريا، إلى “تيلي إنفست” التي تملك حصة أقلية تبلغ 25 بالمئة في الشركة نفسها.
وبالنظر إلى من يملك شركة “تيلي إنفست” يبدو واضحاً أن الحصة المباعة ذاهبة إلى “آل الأسد” بطريقة غير مباشرة، فالشركة مملوكة من قِبل “يسار حسين إبراهيم” وشقيقته ” نسرين” ، وعرف عنهما سابقاً أنهما إحدى الواجهات الاقتصادية الجديدة للعائلة الحاكمة، حيث بدأ يسار وبرفقته نسرين، خلال العامين المنصرمين، بالتحضير لتسلم جزء من الأعمال الموكلة لعائلة مخلوف.
وتدير شركة “MTN” التي أسست في العام 1994، العمليات في سورية والسودان واليمن وإيران ضمن منطقة الشرق الأوسط وتشمل أيضاً أفغانستان.
ويذكر أن قطاع الاتصالات في سوريا شهد انهياراً قوياً بعد الخلاف الذي نشب بين رأس النظام السوري بشار الأسد، ورامي مخلوف، الذي كان يملك شركة “سيريتل-Syriatel” المنافس الوحيد لشركة “MTN” في سورية. وكانت وزارة الاتصالات السورية قد طالبت الشركتين المشغلتين للخليوي، بدفع مبالغ تعادل 233.8 مليار ليرة “لإعادة التوازن للترخيص الممنوح لهما” في أيار الماضي.
ورفضت شركة “سيريتل-Syriatel” دفع الضرائب، مما صعد الخلاف بين مخلوف والأسد، دون أن تغيب أسماء الأسد عن واجهته، وصدرت قرارات كثيرة عن النظام عرقلت عمل سيريتل، ووصل الأمر لاعتقال عدد كبير من موظفيها وبعض الإداريين فيها.
بالمقابل أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات أنها تبلغت من “تيلي إنفست”، أحد الشركاء الرئيسيين في شركة ” أم تي أن” سوريا، استعدادها لدفع ما يترتب عليها؛ إلا أنها لم تنجُ من الوقوع في فخ آل الأسد، إذ أعقبت تلك الإجراءات المالية المفاجئة، استقالات عديدة، وخاصة من قِبل الخبراء الاقتصاديين والفنيين في مجلس إدارة الشركة، وفي مقدمتهم رئيس مجلس إدارتها ووزير الاتصالات الأسبق، “محمد بشير المنجد” إضافة إلى “نصير سبح” و”جورج فاكياني”.
وبعد هذه الاستقالات لم يبقَ في مجلس إدارة “أم تي أن” سوريا سوى الشقيقين يسار ونسرين إبراهيم، اللذين بدأت عائلة الأسد بالتمهيد لهما لتسلم ملف حصص العائلة واستثماراتها في قطاع الاتصالات قبل عامين، وكانت الخطوة الأهم على هذا الصعيد شراء أسهم “تيلي إنفست” التي كانت مملوكة لمجموعة “صالح كامل” التجارية السعودية.
ومن الجدير بالذكر أن “يسار ونسرين إبراهيم” هما ابنا “حسين إبراهيم” المدير العام السابق لهيئة الاستشعار عن بعد في سوريا.
وبدأ اسم يسار إبراهيم وشقيقته نسرين بالظهور إلى الساحة الإعلامية في منتصف عام 2018، عندما تم تعيين يسار مسؤولاً عن متابعة مكتب الشهداء في وزارة الدفاع، والذي يقدم مساعدات لذوي المقاتلين في صفوف جيش النظام.
ويملك يسار عشرات الشركات باسمه بالتشارك مع شقيقته نسرين، ويعرف منها شركة “البرج للاستثمار”، وشركة “زيارة للسياحة” والشركة “المركزية لصناعة الإسمنت” و “كاسل انفستمنت” القابضة و”مؤسسة بازار” و”شركة وفا للاتصالات” و”العهد للتجارة والاستثمار” وغيرها.
ومع بداية قرار رأس النظام بسحب البساط من تحت أقدام “آل مخلوف”، وقبل ظهور الخلافات الدائرة في الظلام إلى العلن، تم تعيين يسار إبراهيم مديراً للمكتب المالي والاقتصادي في رئاسة الجمهورية، خلال عام 2019 تمهيداً ليصبح الوريث الاقتصادي لتركة مخلوف، وبهذا المنصب الهام بات يسار مشرفاً بشكل مباشر على كامل حركة الأموال والاقتصاد في سورية.
وليس جديداً القول بأن هؤلاء العاملين تحت مسمى ” رجال أعمال” هم عبارة عن مافيات تحرس خزينة الأسد الخاصة، وتساهم في تدوير أمواله، وتدعم آلة الحرب الموجهة ضد الشعب السوري، بكل ما تمتلك من تحايل على العقوبات الدولية، ومن طرق وأساليب لحصد المزيد من المكاسب لصالح هذا النظام الديكتاتوري.