ما زال هذا النظام يتصرف على أنه صاحب الشرعية، متغاضياً عن كل العقوبات التي تفرض عليه، ومتناسياً أن المحاكم الدولية التي أمسكت ببعض الجلادين، من عناصره، تنتظر القبض على ما تبقى من أعمدته وأولهم المجرم بشار الأسد
10 / تموز / يوليو / 2020
*مع العدالة | شمس الحسيني
أصدر النظام قراراً جديداً أعلنه مجلس الوزراء اليوم، ينص على إجبار كل سوري عائد إلى الأراضي السورية من الخارج، على تصريف مبلغ مئة دولار أميركي (100$)، أو ما يعادله بإحدى العملات الأجنبية، مع اشتراط قبول المصرف المركزي بالعملة البديلة، ويستثنى من هذا القرار فقط الأشخاص الذين لم يبلغوا الــ 18 وسائقي السيارات والشاحنات العامة.
وينطبق ذلك على كافة المعابر الحدودية، البرية والبحرية والجوية، بهدف استقطاب المزيد من العملات الأجنبية وتخزينها في المصرف المركزي، بعد أن بات من الصعب على النظام تأمينها بطرق أخرى، وذلك مع اشتداد العقوبات الدولية عليه والتي كان آخرها “قانون قيصر لحماية المدنيين”، إضافةً إلى الرغبة في اقتصاص المزيد من المال من كل العائدين إلى سورية، وذلك باحتساب الفارق الكبير لسعر تصريف الدولار الأميركي وغيره من العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية بين المصرف المركزي وما يسمى السوق السوداء، وعليه، يستطيع النظام شراء الدولار بسعر بخس ويقوم بتدويره في السوق السوداء بثلاثة أضعاف ذلك السعر.
وبالعودة إلى المغتربين، الذين يدفعون مبالغ طائلة لدعم عائلاتهم في الداخل، كي لا يجرفهم تيار الفقر، لم يكتفِ النظام بالأموال المحولة إلى سوريا من قبلهم في كل يوم، بل يبتدع في كل فترة مسألة جديدة ليفرض مزيداً من شروط التضييق عليهم، منها عبر سفاراته المزروعة في الخارج والتي لا تقدم للسوريين أي خدمات سوى أنها تسرق أموالهم؛ والآن يفرض ضريبة على دخول الوطن!
مع ذكر أن العائد إلى البلاد هو غالباً عائد لأمر شديد الأهمية، ولا يوجد حتى الآن من يزور سوريا من المغتربين بقصد الزيارة فقط، فبعد كل الجرائم التي باتت قوتاً يومياً للسوريين صارت البلاد تلفظ ساكنيها خارجاً.
ورغم ذلك، ما زال هذا النظام يتصرف على أنه صاحب الشرعية، متغاضياً عن كل العقوبات التي تفرض عليه، ومتناسياً أن المحاكم الدولية التي أمسكت ببعض الجلادين، من عناصره، تنتظر القبض على ما تبقى من أعمدته وأولهم المجرم بشار الأسد، وكل من اعتمد عليهم لإنجاز حربه المسعورة ضد الشعب السوري.
ولم يغب عن الأذهان بعد الحرب الاقتصادية الكبرى التي شنها بشار الأسد ضد رامي مخلوف، وقام بانتزاع صلاحياته جميعاً منه دفعة واحدة وسرق إمبراطوريته التي سمح له بداية ببنائها عبر سرقة الأموال والموارد السورية.
وتدل هذه المؤشرات كلها على شيء واحد، وهو الاستنزاف الداخلي لخزينة الدولة خدمةً لآلة الحرب الموجهة ضد أجساد السوريين، إضافةً إلى أن حليفه الأول روسيا بدأ ينظم الاجتماعات مؤخراً مع المعارضة السورية ويطرح حلولاً خارج الصندوق بالنسبة لآل الأسد، مما جعله يخشى بشكل أكبر على نفسه في المستقبل القريب وما يمكن أن تؤول إليه الأحوال فيما بعد.
وبنظرة عميقة لهذا القرار نرى أن النظام يدخل في حالة من التخبط والقيام بمحاولات أخيرة وحلول بائدة لإنقاذ نفسه؛ فهذا القرار قد تم استخدامه في عام 1964 من قبل ألمانيا الشرقية التي كانت تفرض على كل من يدخل أراضيها من الألمان الغربيين أو الأجانب أن يصرف مبلغ 25 ماركاً غربياً بسعر الصرف الذي تحدده هي، وكان الهدف حينها هو سد العجز من العملات الأجنبية في ميزانية الحكومة الشرقية، وعلى هذا النهج الذي عفا عليه الزمن يسير النظام اليوم نحو حتفه دولياً وشعبياً وتاريخياً بشكل مؤكد.