لقد أصبح اعتقال وابتزاز السكان السوريين مصدراً رئيسياً لتمويل نظام الأسد.
07 / كانون الثاني / يناير / 2021
*مع العدالة| ترجمة- تقارير – The Guardian
نشرت صحيفة “الغارديان-The Guardian” البريطانية تقريراً حول ابتزاز نظام الأسد وأجهزته الأمنية، والمشرفين على السجون لأهالي المعتقلين السوريين. حيث تجبر عائلات المعتقلين وأقربائهم بشكل روتيني على رشوة المسؤولين الكبار كي يسمحوا لهم زيارة أبنائهم أو ذويهم، أو حتى الإفراج عنهم.. وذلك بحسب تقرير يكشف نطاقاً واسعاً من الابتزاز داخل إدارة سجون ومعتقلات النظام السوري.
وكما جاء في التقرير أن دراسة استقصائية شملت أكثر من 1200 سجين سابق وأفراد عائلاتهم، أشارت إلى أن المبالغ المتضمنة – التي تصل إلى مليوني جنيه إسترليني في سجن واحد – من المرجح أن تساعد كبار أعضاء نظام الأسد على تجنب العقوبات.
وجاء في تقرير صادر عن رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أن آلية الرشى تشمل حراس السجن، والقضاة، وقادة في الجيش.. وأحياناً هنالك وسطاء “سماسرة” يحصلون على نسبة من الأموال المدفوعة ضمن شبكة فساد تدر أموال طائلة على أجهزة الأمن في نظام الأسد.
وأشار التقرير إلى أن نحو ربع الذين شملهم الاستطلاع، قد طلب منهم مبالغ مالية عن طريق الابتزاز. وقد دفع بعضهم بضعة آلاف من الدولارات، بينما دفع آخرون – ولا سيما الأسر التي تعيش في المنفى – ما يصل إلى 30 ألف دولار (22 ألف جنيه إسترليني). وأكد التقرير أن مسؤولين في أحد السجون قد حصلوا من أموال الابتزاز حوالي 2.7 مليون دولار.
وقال “دياب سرية“، معدّ التقرير والمؤسس المشارك في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، إن الأموال انتهت في جيوب المسؤولين الفاسدين وأمراء الحرب، وما أسماه “الحكومة العميقة التي تحكم سوريا من وراء الكواليس“.
وأضاف”إنها صناعة اعتقال” .. “فالنظام السوري تم بناؤه على فروع أمنية ومخابرات؛ فهم يدفعون رواتب قليلة لتشجيع الفساد والرشاوى، التي تموّل البنية التحتية للاعتقال.
وزعم سرية أن النظام السوري يحظى بتأييد شخصيات من داخله، يخضع الكثير منها للعقوبات ولا يتمكن من الاحتفاظ بحسابات مصرفية في الخارج. ومن المرجح أن يكون المبلغ الإجمالي للرشاوى أعلى بكثير من المبلغ الذي كشف عنه التقرير.
“معتقلون في إحدى القاعات في دمشق في سبتمبر/ أيلول 2012”-إنترنت.
ووفقاً لتقديرات منظمات حقوق الإنسان، أنه تم اعتقال ما بين 100,000 و250,000 شخص أو أدرج معظمهم كـ”مختفين قسراً“، بدءاً من انطلاق الانتفاضة ضد “بشار الأسد” في عام 2011. وقد تصاعد هذا العدد بشكل حاد بحلول نهاية عام 2012.
يُعتقد أن عشرات الآلاف من الأشخاص قد تعرضوا للتعذيب أو القتل في السجون السورية منذ بدء الربيع العربي.
- سجن صيدنايا، وهو منشأة عسكرية في ضواحي دمشق، يُعتبر منذ فترة طويلة أحد أكثر السجون رعباً في سورية.
اعتُقل سرية في عام 2006 بعد تشكيل جماعة معارضة شبابية وأمضى خمس سنوات سجيناً سياسياً قبل إطلاق سراحه في عام 2011، حيث أخلى النظام السجون من المعارضين لإفساح المجال لتدفق النشطاء والمتظاهرين. لقد أمضى سرية طفولته في منطقة صيدنايا قبل أن ينتقل إلى دمشق. وعقب ذلك فرّ إلى تركيا، وهو يعيش الآن في هولندا.
إن الاختفاء القسري هو استراتيجية رئيسية للنظام السوري، تهدف إلى السيطرة على الناس وترهيبهم. كما أشار التقرير إلى أن “الاعتقال والابتزاز المالي للسكان يشكلان مصدراً كبيراً لتمويل أركان “الدولة” وأجهزتها القمعية على وجه التحديد”.
يدعو التقرير المجتمع الدولي إلى الضغط على مؤيدي النظام، ولا سيما روسيا، للكشف عن مصير المختفين والسماح للعائلات بزيارة من لا يزالون على قيد الحياة. كما يطالب بأن يكشف المسؤولون عن مكان دفن الموتى والسماح باختبار الحمض النووي للرفات حتى يمكن إعادة الضحايا إلى أسرهم.
“أحمد” هو سجين سابق ظن أنه لن يرى عائلته مرة أخرى. وقد احتُجز في تسعة سجون مختلفة في ثلاث سنوات ودفعت أسرته 30 ألف دولار على شكل رشاوى لإخراجه.
وقال” مثل العديد من الأسر، واصلت عائلتي دفع 1000 دولار هنا و 1000 هناك، على أمل أن يقدموها لشخص يمكنه الحصول على معلومات “. وفي النهاية دفعوا مبلغاً كبيراً لمحامي قال لهم إن بعضاً منه سيذهب إلى قاضٍ والبعض إلى قوات الأمن”.
“عبد الله” في التاسعة عشرة من عمره ويخطط للانشقاق عن الجيش، حيث كان يقضي خدمته العسكرية الإلزامية، عندما أوقف عند نقطة تفتيش في أكتوبر/تشرين الأول 2012.. واقتيد إلى السجن وتعرض للتعذيب والتحقيق.
ويضيف: “كل يوم يموت أربعة أو خمسة أشخاص ويُخرجون من الزنزانة“. “-معظمهم يموتون من الجوع. وكان الحراس يدخلون الزنزانة ويقومون بضرب المعتقلين بشكل همجي، مما يترك السجناء في حالة من الرعب والأذى النفسي.
في المحكمة، أدين بسرقة أسلحة وتهم الإرهاب، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً في صيدنايا. حيث قال إن الطعام كان يعطى للسجناء في بعض الأحيان، ولكن ليس إذا كان الحراس في مزاج سيئ. الحديث والقراءة ممنوعان، والذين كانوا يتعرضون للتعذيب هم من أهل “السنة“، إنما أولئك الذين ينتمون إلى طائفة الأسد “العلويّة“، لا يخضعون للتعذيب.
يقول عبد الله: “عيّنَ والداي محامياً لخفض عقوبتي إلى ست سنوات. “دفع المحامي 10،000 دولار على شكل رشاوى. أنا وإخوتي الثلاثة ما زلنا نعمل على سداد الدين”.
وقد أنفقت العديد من العائلات آلاف الدولارات في محاولة للحصول على أخبار عن أحبائها ولكنها لم تتلقَ أي شيء في المقابل.
تقول نادية، وهي لاجئة سورية في لبنان، إنها رأت زوجها آخر مرة عندما سافر إلى دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2012 لتجديد أوراق الهوية. وتضيف: ” لقد كان فى سيارة مع والده وسبعة آخرين “. “آخر ما سمعناه هو أنهم وصلوا إلى حمص؛ واختفى التسعة جميعهم، بعدها“.
في 2016، قالت إحدى الجارات لنادية إن ابن أخيها في الجيش يمكنه المساعدة في إطلاق سراح زوجها ووالدها مقابل المال. ولجمع المال، باعت أرضاً ومنزلاً في سورية، واقترضت أموال أخرى من أقاربها، بل وباعت مجوهراتها أيضاً.
قالت نادية: “لقد دفعنا 5000 دولار“. وفي وقت لاحق، قيل لنا إن الإفراج عنهم بات وشيكاً، لكن هناك حاجة إلى مبلغ آخر وهو 5000 دولار. بعد أن تم الدفع من خلال تحويل “ويسترن يونيون”، اختفوا. لقد كانت عملية احتيال.
– “شعرت أن الفرصة كانت قريبة جداً، والأمور أصبحت بين يديّ، وعندما لم يحدث ذلك، أصبتُ بالانهيار وقتها”.