حكومة "بشار الأسد" تطرح مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية المربحة للغاية، التي يملكها نازحون، للبيع بالمزاد العلني.
14 / كانون الثاني / يناير / 2021
*مع العدالة| تقارير – ترجمة |المصدر: Middle East Eye
بدأ النازحون في جميع أنحاء سورية يشاهدون بيع ممتلكاتهم بالمزاد العلني من قبل النظام السوري. حيث يشعر الكثير منهم بالعجز، وعدم القدرة على مواجهة سرقة الأراضي، وهم في خيامهم، بعيداً عن منازلهم.
يقول “أبو ريان الحموي“، وهو مدني نازح من بلدة التمانعة، “أراضينا التي أمضينا حياتنا في فلاحتها وإصلاحها، تُسرق الآن، لكن لا يمكننا فعل أي شيء“.
“قبل أربعة أشهر، تلقينا معلومات تفيد بأن قوات النظام استولت على أرضنا، وأجّرتها لأشخاص موالين لها في المنطقة. تم تأجير دونم واحد (1000 متر مربع) من أرضنا بـ 80 ألف ليرة سورية كجزء من مزاد علني من قبل مجلس المدينة”.
وصادرت السلطات المحلية في المناطق التي استعادتها قوات النظام في شمال غرب سوريا، الأراضي الزراعية، بذريعة أن لها الحق في بيع الأراضي الخاصة التي “لا يقيم أصحابها في مناطق تسيطر عليها الحكومة“.
يعيش الحموي، وهو أب لأربعة أطفال، وأشقاؤه، الآن في مخيم “أطمة” بالقرب من الحدود السورية التركية، بعد فرارهم من حملة عسكرية شنّتها قوات الأسد في عام 2017.
- نعم، لقد تركوا وراءهم أرضيهم ومنازلهم..!
وقال الحموي في تصريح لـ “ميدل إيست آي-Middle East Eye“: “لدي 22 دونماً من الأراضي الزراعية، التي زرعت فيها جميع أنواع الخضروات، في حين تم زرع جزء آخر من الأرض بأشجار الزيتون والرمان”.
“تمكنت من تأمين جميع ضرورياتي المعيشية. والآن أعمل في كل ما هو متاح لي لتأمين قوت عائلتي اليومي”.
في صيف 2019، اجتاحت قوات النظام، بدعم من روسيا والميليشيات المدعومة من إيران، المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي، حيث سيطرت على كامل المنطقة.
وبعد بضعة أشهر، أوقفَ اتفاق تم توقيعه بين روسيا وتركيا في مدينة “سوتشي” إلى حد كبير القتال في شمال غرب سوريا. في تلك المرحلة، كانت قوات الأسد قد سيطرت بالفعل على ريف حماة الشمالي، بأكمله، ومعظم القرى في ريف إدلب الجنوبي، والريف الشرقي بأكمله.
“مزارعو بطاطا سوريون يستخدمون جراراً لزراعة البذار بالقرب من بلدة بنش في محافظة إدلب شمال غرب سوريا”- 12 كانون الثاني / يناير 2021 (AFP / عمر الحاج قدور)
الأراضي الخصبة
قالت لجنة القانونيين السوريين إن “الحكومة السورية” قسّمت المنطقة إلى قطاعات، وكلفت إدارة كل منها إلى أفرع استخبارات مختلفة، مثل: شعبة المخابرات العسكرية، و إدارة المخابرات الجوية، و إدارة المخابرات العامة، و فرع الأمن السياسي. إضافة إلى “الشبيحة“؛ عصابات من العناصر المسلحة تدعمها حكومة النظام، والتي تعمل تحت قيادة اللجنة الأمنية في محافظتي حماة وإدلب.
وقال “عبد الناصر الحوشان“، المحامي وعضو لجنة القانونيين السوريين، إن المناطق التي استولت عليها القوات الحكومية في ريف حماة الشمالي والشرقي والغربي، تقدر بنحو 60 ألف دونم.
في غضون ذلك، قال الحوشان، إن الاستيلاء على الأراضي كان أكبر بثلاث مرات تقريباً في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وريف حلب الجنوبي والغربي.
“نازح سوري في العراء بعد تدمير منزله في ريف دمشق”-إنترنت.
ومن بين الأراضي التي استولت عليها قوات النظام، بعض المزارع السمكية الرئيسية في سهل الغاب؛ الأراضي المزروعة بالفاكهة في مورك، كفر زيتا، واللطامة.. شمال حماة؛ وبلدتي خان شيخون والتمانعة في جنوب إدلب، وأراضي القمح والشعير في معرة النعمان وسراقب، جنوب غرب إدلب.
كما صادرت “الحكومة” أغلب الأراضي المزروعة بخضروات متنوعة، وآلاف الفدادين من أشجار الزيتون التي يمكن أن تدرَ مواسمها أرباحاً بمليارات الدولارات.
وبعد خلافات، بين ضباط المخابرات حول توزيع المحاصيل، أُمر “سيمون الوكيل“، قائد الدفاع الوطني في مدينة محردة، و “نابل العبد الله”، قائد الدفاع الوطني في مدينة السقيلبية، وكلاهما متمركزان على الطريق التي تربط بين المدينتين، بحرق حصاد القمح المجاور لحاجز “كفر هود” العسكري.
وامتدت النيران شرقاً، والتهمت حصادَ أراضي –الجبين، والزكاة والأربعين، وكفر زيتا، واللطامنة، واللطمين، ومورك، بريف حماة الشمالي. وقدجاء الأمر من قائد المخابرات الجوية.
الأمر جاء عبر قائد المخابرات الجوية
أوضح الحوشان أن “المنطقة المحترقة غطت 17 ألف دونم؛ 7 آلاف دونم منها بالفستق الحلبي وأشجار الزيتون، والباقي مزروعة بالحبوب”.
القانون 10
في بداية شهر أيلول/ سبتمبر 2019، اتخذت اللجان الأمنية الحكومية قراراً، بتولي مواسم الفستق والزيتون في المناطق التي تم الاستيلاء عليها حديثاً، حيث نظمت مزادات لبيع المحصول. في غضون ذلك، شكّلوا لجاناً تنفيذية في كل مدينة، وكل قرية لعدّ وفرض شروط المشاركة في المزادات، لصالح التجار، الذين يتعاملون مع أفرع المخابرات.
وقال الحوشان إن الحكومة أقامت حتى الآن أكثر من 70 مزاداً علنياً في إدلب وحماة وحلب، معظمها أقيم في ريف حماة بسبب سقوط مناطقه الشمالية قبل المناطق الأخرى بأشهر.
وأضاف “تأتي هذه الخطوة في إطار خطة نظام الأسد لتجريد السوريين من ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، سواءً من البنوك أو في العقارات”.
بدأت حكومة النظام في تطبيق “قانون مكافحة الإرهاب“، ثم القانون “رقم 10” عام 2018، الذي حرمَ السوريين من حقوقهم في الإيجار والزراعة والحصاد، في حين نهبت قواتها المحاصيل، وعرضتها على الميليشيات كمكافأة على جرائمهم ضد الشعب السوري”.
- القانون 10 هو قانون مثير للجدل، يسمح للسلطات المحلية بالاستيلاء على الممتلكات في المناطق الأكثر تضرراً من الحرب.
“عبد الرحمن الأحمد” وهو مواطن سوري، نازح، فقد أرضه في كفر زيتا، وهي بلدة في ريف حماة. أرضه تحتوي على 20 دونماً من أشجار الفستق، و 4 دونمات من أشجار الزيتون.
أرسل أقارب أحمد إنذاراً إليه بأن أرضه عُرضت خلال مزاد علني في بلدة “محردة“، شمال حماة، والتي تسيطر عليها ميليشيا الدفاع الوطني بقيادة سيمون الوكيل.
أُبلغ أحمد، بأن الأرض مؤجرة، لشخص يقيم في المناطق الخاضعة لسيطرة “الحكومة السورية”، بمبلغ 200 ألف ليرة سورية للدونم الواحد، لمدة موسم.
فأجاب: “والدتي توفيت قبل بضعة أشهر، بسبب القمع، في أراضينا ومنازلنا، التي استولت عليها قوات الأسد”.
-تم تدمير بعض منازل عائلة أحمد المتواجدة في أماكن عديدة، بينما تعرّض بعضها الآخر للنهب.
يقول أحمد: إنه يأمل في العودة إلى منزله، مع أسرته، وإلى الأرض التي حُرم من العمل فيها، واستعادة كل هذه المناطق من حكومة النظام السوري. ويعقّب: “العودة إلى أرضي، تعني أنني سأتخلص من الجحيم الذي أعيش فيه مع أطفالي في هذه الخيمة”.