يعاني السجناء في كافة المعتقلات السورية من انتشار الأمراض وسوء أحوالهم الصحية ويتميز وضع المعتقلين في مطار المزة بتفاقم السوء من هذه الناحية بسبب القرار المتخذ بحقهم مسبقاً بالتصفية والقتل بأبشع الأساليب والطرق
08 / نيسان / أبريل / 2020
*مع العدالة | شمس الحسيني
يحيط مطار المزة العسكري أبنية محصنة بقناصة محترفين مدربين على الأسلحة الروسية الصنع التي يجري اختبارها عادةً بأجساد السوريين.
خُصّصَ المطار لتدريب الضباط في جيش النظام وأجهزته المخابراتية بالإضافة إلى هبوط الطائرات المروحية والطائرة الخاصة ببشار الأسد، لكنه في الحقيقة يستخدم كمعتقل ضخم يستغل لتعذيب المعتقلين السياسيين بشكل خاص منذ نشبت أحداث الإخوان المسلمين، ثم استخدمه النظام مع بداية الثورة في 2011 لحجز المعتقلين المتهمين بالانضمام للثورة ضده، والجنود المنشقين عنه والذين تقع عليهم أشد العقوبات صرامة ويتلقون أعنف أنواع التعذيب لأنهم يعتبرون الأكثر خطراً على أسرار النظام، رغم أنه في الحقيقة لا يكشف الأسرار العسكرية إلا لجهات معينة تتحكم في مسار عملياته جميعاً لسنوات عدة إلى الأمام، ويخطئ كثيراً من يظن أنّ النظام يعمل بشكل عشوائي حتى في سياساته قريبة المدى لأنه يتبع حكماً لمخططات مقررة مسبقاً من أنظمة ديكتاتورية حليفة، وأسراره لا ترتبط فقط بجغرافية الأرض السورية بل إنها تضم فظاعة دول أخرى تعتمد عليه في تنفيذ شرورها.
- كما يضم المطار سجناً مخصصاً للنساء ليس فقط الفاعلات في الثورة بل هن من أخوات وزوجات المعتقلين والثوار للضغط عليهم.
والأشد بشاعة وجود المقابر الجماعية التي بدأ طمر الجثث فيها منذ الثمانينات وأغلقت في السنوات التي نام بها الشعب السوري على جرحه صامتاً، يلحقُ لقمة العيش التي لم يصل أبداً للحصول عليها دون أن تهان كرامته.
“صورة لغارة إسرائيلية تدك مطار المزة العسكري في دمشق” – أنترنت
ثم تم فتح المقابر الجماعية مجدداً لدفن المعتقلين خلال الثورة وخاصة الذين يقتلون تحت التعذيب أو بحقن ومركبات (طبية) كما تسمى على اعتبار أنها تستخدم في أماكن أخرى كعقاقير لشفاء الأمراض، أما دهاء النظام وخبثه جعله يستخدمها للقتل كي يقوم –بحسب رأيه- بحماية وجوده، رغم يقين كل من يراقب المشهد وحتى يقينه الخاص أنه حتى لو قتل جميع السوريين وأبادهم عن بكرة أبيهم لن يكون وجوده شرعياً يوماً ما.
وقد عُرف أحد أقسام المطار باسم “مركز الدراسات والبحوث” وكم يوحي هذا الاسم برقي المكان ورفعته ونزاهة مهامه واستناده إلى العلم والمعرفة، بينما يعتبر من أشد الأماكن خطورة على الشعب السوري دون أية مبالغة، تجري داخله كل عمليات التصفية والتعذيب، بالإضافة لتخصصه بتطوير الأسلحة المحرمة دولياً.
الضباط المسؤولون عن المطار وبالتالي هم المشرفون على تعذيب المعتقلين ومنهم ” عبد السلام فجر محمود ” “نزيه ملحم ” “قحطان خليل ” “حسن عبدو العيسى” “محمد الإبراهيم”، وآخرون طارئون بحسب مهامهم مثل الشهير بالنمر “سهيل الحسن” وغيره كثر.
يعاني السجناء في كافة المعتقلات السورية من انتشار الأمراض وسوء أحوالهم الصحية ويتميز وضع المعتقلين في مطار المزة بتفاقم السوء من هذه الناحية بسبب القرار المتخذ بحقهم مسبقاً بالتصفية والقتل بأبشع الأساليب والطرق، لذلك لا يتلقون العلاج اللازم مهما فتكت بهم الأمراض والأوبئة، أو تحولت جروحهم إلى قروح ملتهبة أو إن خرجت عظامهم من جلدهم المتفسخ.
“صورة أرشيفية لسجن مطار المزة العسكري في دمشق” – أنترنت
والمضحك المبكي، تلك الوفود الروسية التي تزور السجون والمعتقلات ومن بينها معتقل مطار المزة، للاطلاع على حالات السجناء واستقصاء أعدادهم وتقييم أوضاعهم المعيشية، والغريب، أنّ النظام خلال هذه الزيارات ينقل بعضاً من المعتقلين إلى السراديب السرية أو إلى سجون أخرى خارج المطار، على أنّ النظام الروسي لا يعرف الوضع الحقيقي للمعتقلين، وليس لديه دراية بالجرائم المريعة التي يرتكبها النظام السوري بحق الشعب الذي لم يعد يدري إن كان سوريّاً حقاً أو أن هذه الأرض حُرمت عليه وكأنه استوطنها عنوة.