#########

الضحايا

أبناء الشهداء وأسر المعتقلين عندما يتخلى الداعم


قد تراجعت كفالات أغلب الجمعيات والمنظمات السورية لتوقف الدعم من الجهات التي كانت تقدم الدعم لها، أي من جهات مانحة مثل دول الخليج، بشكل خاص

11 / آذار / مارس / 2019


أبناء الشهداء وأسر المعتقلين عندما يتخلى الداعم

 

 

*أحمد مظهر سعدو – مع العدالة 

 

 

تتفاقم وتتعاظم معاناة أبناء الشهداء وأسر المعتقلين السوريين  في ظل تخلي الداعم عن كفالات الأيتام وأسر المعتقلين، حيث يُترك هؤلاء في الهواء فجأة، دون سابق إنذار، نتيجة انسحاب الكثير من الداعمين الذين كانوا يقومون على تمويل الجمعيات المدنية السورية ، التي قامت وتقوم كصلة وصل بين الداعم وأسر المعتقلين، وأيضًا أسر وأبناء الشهداء والأيتام، ويبدو أن ذلك قد جاء في معظم حالاته فجائيًا، لتترك الآلاف من هذه الأسر في مهب الريح ، بعد أن كانت قد اعتمدت على هذه الكفالات المالية المتواضعة، والتي تختلف من جمعية إلى أخرى وتبدأ من 100 ليرة تركية شهريًا، وحتى 100 دولار. والتي كانت تسد بها الرمق، وسط ظروف غاية في الصعوبة، بفقدان المعيل ورب الأسرة اعتقالاً أو استشهادًا. وفي ظل عجز كلي للمعارضة السورية على امتداد الطيف وتنوعه السياسي أو العسكري، للقيام بأي عمل لإنقاذهم، أو مساعدتهم على مجابهة الواقع المعاشي الصعب جدًا.

تسجل بعض الهيئات والمنظمات المختصة  منها منظمة (أطفال عالم واحد)  أن العدد التقديري للأيتام السوريين في المناطق خارج سيطرة النظام شمال وشمال غرب سوريا بلغ ٢٠٠,٠٠٠ لا يتجاوز عدد المكفولين منها ٧,٠٠٠ فقط، وهذا الرقم تقريبي طبعًا لأن عدد الكفالات يتغير شهريًا بحسب توفر واستمرار الدعم المتحرك دائمًا. حيث توقف الدعم عن كبرى هذه المنظمات التي كانت معنية بكفالة ما يزيد عن 16800 طفل يتيم من أبناء الشهداء، وكذلك أكثر من 1000 أسرة معتقل مكفولة من قبلها. ويشير القائمين على هذه المنظمات إلى أن توقيف الدعم يرتبط بالسياسة وبحالة التخلي الواضحة عن قضية الشعب السوري إقليميًا ودوليًا، تحت ذرائع خطر وصول الدعم المالي إلى الإرهاب المفترض. وهي حجة وذريعة طالما تمسك بها بعض الداعمين الخليجيين، مع أن حلها أصبح ناجزًا عبر إرسال الكفالات المشار إليها من خلال شركات نقل وتوصيل تركية مرخصة ومراقبة محليًا ودوليًا ومعترف عليها أصولًا، وهي ال btt حيث التزمت الجمعيات السورية جميعها بالإرسال عبرها حصرًا إلى الداخل السوري خارج سيطرة النظام.

(هيثم عثمان) مختص حماية طفل، ويعمل لدى منظمة (أطفال عالم واحد) تحدث قائلًا ” كفالة الأيتام وكما هو معروف فإن أهم مصدر لهذا الدعم هي الدول العربية والإسلامية وتحديدًا دول الخليج، وقد قامت هذه الدول مؤخرًا باتخاذ إجراءات صارمة جدًا في هذا المجال، وصل لحد اعتقال عدد من الناشطين في الترويج لكفالات الأيتام وجمع الكفالات هناك. وذلك أولًا لعدم وجود آليات لنقل ومراقبة الأموال داخل سورية، وعدم قدرة الجهات المتبرعة الإشراف مباشرة على عملية توزيع هذه الأموال، وتحديد المستفيدين منها بشكل شفاف وآمن. ” وقد أشار عثمان إلى أنه قد ” ساعد مؤخرًا وجود أفرع البريد PTT داخل سورية على حل هذه المشكلة جزئيًا، حيث لدينا تجربة في هذا الصدد من خلال كفالة ١٠٠ يتيم قمنا وبالتنسيق مع PTT بفتح حسابات شخصية لهم، بحيث تحول الكفالات من حساب المتبرع البنكي لحساب المجلس المحلي المعتمد، ومنها لحساباتهم البنكية الشخصية مباشرة، ولكن للأسف هذا لم يكن كافيًا  من أجل عودة زخم هذا الدعم الإغاثي والإنساني النبيل، والمهم جدًا للأسر التي فقدت معيلها، والأشد حاجة في ظل هذه الظروف، وقد كان هناك بعض المبادرات في إنشاء دور للأيتام داخل سورية”. ويرى عثمان أن ذلك ” هو الأسلوب الذي نعتبره غير صحي وغير ملائم لسلامة الطفل النفسية والاجتماعية والعقلية، لأن الحل الأمثل هو وجود الطفل مع أحد والديه، أو أقاربه مع إمكانية توفير سبل رعاية هذا الطفل ومستلزماته وتمكين الأسرة الحاضنة.”

 

 

والحقيقة أن هناك معاناة واضحة تعيشها الجمعيات المعنية.  ووفق الدكتور زكريا ملاحفجي رئيس مجلس إدارة جمعية السلام الإنسانية فإن ” عدد الأيتام في تزايد وتغير دائم نتيجة القصف وحالة الحرب المستمرة. وعدد الأيتام المكفولين في جمعية السلام الإنسانية هو ٧٠٠ يتيم في الشمال السوري، وقسم في الجنوب، وهناك ٢٢٦ يتيماً في دار الإيواء التابع للجمعية، حيث يعيش الأيتام مع أمهاتهم، أما الصعوبات التي تواجه مشاريع الأيتام فتتمثل في تضاؤل الدعم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، والنزوح المستمر للناس، وتغير أماكن السكن وانتقال العوائل لأماكن يصعب الوصول إليها مثل مناطق النظام أو PYD.” وينبه ملاحفجي إلى أن ” هناك توجها لدى بعض المنظمات للعمل في تركيا فقط، أو التوجه لمشاريع لها علاقة بجوانب أخرى مجتمعية، فموضوع كفالة الأيتام ورعايتهم يحتاج إلى جهود كبيرة، وتحرك وتحمل كبير، وخاصة في مناطق الاشتباك والتي لا تهدأ من القصف، أما أسر المعتقلين فهو الأصعب، ذلك أنه لا يمكن إثبات اعتقال الزوج، فالنظام لا يعترف بالاعتقال، وبالتالي يصعب تحديد حالة الأب، هل هو معتقل أو متوفٍ. ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد الأيتام، فهو متعذر، ولكن حسب المشتغلين بإحصاء الأيتام أي هم منسقو الاستجابة، يبلغ عددهم ١٨٩ ألف يتيم في الشمال السوري من مختلف المحافظات.”

أما محمد العتر مدير سابق في إحدى المنظمات الإنسانية التي تعنى بالأيتام وأسر المعتقلين فأكد أن ” ملف الأيتام والمعتقلين من الملفات الحساسة والمهمة في الثورة السورية ولقي دعماً لافتاً في بداية الثورة، وحتى وقت قريب، وقد تراجعت كفالات أغلب الجمعيات والمنظمات السورية لتوقف الدعم من الجهات التي كانت تقدم الدعم لها، أي من جهات مانحة مثل دول الخليج، بشكل خاص، أو بعض الجمعيات في الدول العربية والإسلامية الأخرى”.  وعن الإحصائيات فقد أشار إلى عدم دقة ذلك ” وحالياً لا توجد احصاءات دقيقة عن تراجع أو توقف الكفالات ولكنها في معظمها توقفت بكل أسف”.

تُتّهم المعارضة وعلى رأسها الائتلاف بالتقصير في قضية المعتقلين وأسر الشهداء ولا أحد يعرف لماذا كل هذا الإهمال والتخلي علمًا أنها من أهم القضايا الوطنية السورية اليوم، وفي جميع منعرجات وأحوال الثورة السورية والشعب السوري. ويزداد الوضع سوءاً بعد تخلي الكثير من المنظمات عن كفالة أبناء الشهداء وأسر المعتقلين. وقد حاولنا سؤال أكثر من شخصية قيادية ائتلافية دون جدوى، حيث تهربوا من الإجابة على هذه القضية تحت ذرائع شتى. ويبقى السؤال قائمًا ما دور المعارضة في قضية دعم أسر المعتقلين وأسر الشهداء ولماذا لم يولوا هذه القضية الإنسانية والوطنية الاهتمام اللازم   وماذا يفعلون سوى ذلك إن لم تكن هذه المسألة أولوية لهم؟

 

المزيد للكاتب