رأيتُ خلال فترة اعتقالي الطويلة، كل أنواع التعذيب الجسدي، والعذاب النفسي، ولم يبقَ لدي أي أمل بالحياة. هنالك الجحيم، نعم، لا توجد أي مقومات للحياة.
24 / كانون الثاني / يناير / 2021
*مع العدالة | ضحايا
المحامي السوري علي الخطيب.. يسرد قصة اعتقاله من قبل أجهزة أمن النظام السوري، والتعذيب الذي تعرض له قائلاً: المكان الأشد ضراوة وتعذيباً، للمعتقلين، وأنا شخصياً رأيتُ فيه كافة أصناف التعذيب والوحشية هو مطار حماه العسكري “فرع المخابرات الجوية“، حيث يعتبرُ مسلخاً بشرياً، وليس أي شيء آخر غير ذلك.
اعتقل الخطيب في سبتمبر/ أيلول 2012، من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب. ثم نقلوه إلى مطار حماه ليبقى 90 يوماً ويتم نقله بعدها إلى سجن تحت الأرض في منطقة “الجميلية” بمدينة حلب.
يقول الخطيب: “بقيت في حلب لمدة 3 سنوات، وبعدها، تم نقلي إلى سجن “عدرا” المركزي حتى وقت خروجي عام 2019.”
هناك في المطار “بلوكوزات” أي حظائر للطائرات، قاموا بإغلاقها وتحويلها إلى سجون قاسية. كانوا “يشبحونا” (نعلّق) من أيدينا إلى الأبواب الحديدية، لفترات طويلة، أسبوعاً .. عشرة أيام، وأحياناً أكثر!
بالنسبة إلي، بقيت معلّقاً 19 يوماً، بعدها، قاموا بفكِّ قيودي، وإنزالي إلى التحقيق، ومن ثم أعود من جديد إلى ذات الحال.
ويضيف الخطيب عقب إغلاق ضبطه الأمني (ملف التحقيق) الذي استمر 40 يوماً – كنتُ على استعداد أن أرشدهم إلى ما يرغبون به، وأعترف بأي تهمة تنسب إليّ.
كنا يومياً صباحاً، حينما يجيءُ السجّان، ويقوم بالضرب بالهراوة على الأبواب، والجدران، كي يرهبنا، ويأمرنا بالاصطفاف جميعاً.. نقفُ متجمعين بخوف، بسرعة؛ ويبقى وقتها على الأرض أكثر من عشرين جثة، هم كانوا البارحة حذونا، نائمين، – لقد مات أغلبهم من الجوع أو التعذيب!
سبع سنوات من الاعتقال:
رأيتُ خلال فترة اعتقالي الطويلة، كل أنواع التعذيب الجسدي، والعذاب النفسي، ولم يبقَ لدي أي أمل بالحياة. هنالك الجحيم، نعم، لا توجد أي مقومات للحياة؛ القتل، الجوع، الإهانات، الوحشية -نحن كنا عبارة عن مخلوقات بلا إرادة بين أيديهم !
وقت الطعام، كنا نصطف، بالعشرات، ويعطون كل واحدٍ منا “حبة زيتون” واحدة، يضعونها في كفوفنا!
- هذا ما كنتُ أحصل عليه خلال كل فترة توقيفي في فرع المخابرات الجوية؛ من الطعام، والعذاب!
*قتلوا 50 فرداً من عائلتي وأقاربي، دون رحمة ولا شفقة، ولا حتى تهمة..
قبل أن أخرج من جحيم الأسد، وسجونه البشعة، اقتادوني إلى القاضي، ليحكم في نهاية قضيتي؛ “لقد كنتُ بلا أظافر؛ اقتلعوها، وكسروا أصابعي، وشوّهوا جسدي بسبب التعذيب المستمر!
خرجتُ من المعتقل مكسور الروح. لقد كان وزني قبل اعتقالي ما يقرب من 90 كليوغرام، لكن، بعد اعتقالي، وخروجي، صرتُ هزيلاً جداً، إذ أصبح وزني تحت الــ 50، وازدتُ شحوباً ومرضاً.
الموتُ .. كان يرافقني كل لحظة، ولم أرَ سواه حتى عقب خروجي من تلك المجزرة اليومية!