#########

الضحايا

سوريا: اعتقالات ومضايقات في المناطق المستعادة


استهداف الإعلامين وعمال الإغاثة والنشطاء والأسر

21 / أيار / مايو / 2019


سوريا: اعتقالات ومضايقات في المناطق المستعادة
المصدر: هيومن رايتس ووتش

(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن أفرع المخابرات السورية تحتجز وتُخفي وتُضايق الناس تعسفيا في المناطق المستعادة من الجماعات المناهضة للحكومة. تحدث الانتهاكات حتى عند إبرام الحكومة اتفاقيات مصالحة مع الأشخاص المعنيين.


وثقت هيومن رايتس ووتش 11 حالة احتجاز عسفي واختفاء في درعا والغوطة الشرقية وجنوب دمشق. استعادت الحكومة هذه المناطق من الجماعات المناهضة للحكومة بين فبراير/شباط وأغسطس/آب 2018. في جميع الحالات، وقّع المستهدفون – قادة المعارضة المسلحة والسياسية السابقون، نشطاء إعلاميون، عمال إغاثة، منشقون، وأفراد أسر النشطاء والمقاتلين السابقين المناهضين للحكومة – اتفاقيات مصالحة مع الحكومة. وثّقت منظمات محلية، منها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” و”مكتب توثيق الشهداء في درعا”، 500 حالة اعتقال على الأقل في هذه المناطق منذ أغسطس/آب.

قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “انتهى القتال الفعلي في معظم أنحاء سوريا، لكن لم يتغير شيء في طريقة انتهاك أفرع المخابرات لحقوق المعارضين المحتملين لحكم الأسد. حتى في مناطق المصالحة المزعومة، يطغى عدم مراعاة الأصول القانونية الواجبة، والاعتقالات التعسفية، والمضايقات، على وعود الحكومة الفارغة بالعودة والإصلاح والمصالحة”.

قابلت هيومن رايتس ووتش 16 من السكان السابقين في محافظتي درعا والقنيطرة، والغوطة الشرقية، وبلدات في جنوب دمشق. قالوا إن أفرع المخابرات السورية احتجزت وضايقت أشخاص لهم صلة بالنشطاء المناهضين للحكومة أو مقاتلين سابقين، بالإضافة لمنشقين، أو أعضاء الجماعات المناهضة للحكومة، أو نشطاء. كما تعرض العاملون الإنسانيون، وقادة المجتمع، والنشطاء الإعلاميون، الذين بقوا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة للاحتجاز والمضايقة. قال أقارب وشهود إن الأشخاص اعتُقلوا من منازلهم ومكاتبهم، وعند نقاط التفتيش وفي الشوارع.

وتشمل هذه المواقع: داعل، ابطع، نوى، اليادودة، وعتمان في محافظة درعا؛ وبلدة في محافظة القنيطرة حُجب اسمها بسبب مخاوف من الانتقام؛ دوما في الغوطة الشرقية؛ وببيلا في جنوب دمشق. قال السكان، استنادا إلى نقاط التفتيش والأفراد الذين يُجرون المداهمات، إن داعل وابطع تخضعان لسيطرة “المخابرات الجوية”، في حين تخضع اليادودة وعتمان لسيطرة “المخابرات العسكرية”.

في جنوب دمشق، اعتقل “فرع الدوريات التابع للمخابرات العسكرية” أشخاصا ونقلهم إلى “فرع فلسطين”، التابع أيضا للمخابرات العسكرية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة فرع المخابرات المسؤول عن الاعتقالات في الغوطة.

يبدو أن معظم المحتجزين لم توجه إليهم تهم قط. في 3 حالات، اعتقلت أفرع المخابرات على ما يبدو أشخاصا لأن شخصا ما قدم شكوى ضدهم. في معظم الحالات، احتُجز الأشخاص بمعزل عن العالم الخارجي طوال فترة احتجازهم أو لجزء منها وحُرموا من الاتصال بمحام. بحسب أقاربهم وزملائهم، لم تُبلغ السلطات عائلاتهم بأماكن وجودهم ولم تعرضهم فورا أمام قاض. في إحدى الحالات، أخبر محتجز أصدقاءه أن المخابرات العسكرية ضربتهم قبل نقلهم إلى المحكمة العسكرية، رغم توقيفهم في دعوى مدنية.

في حالة واحدة على الأقل، نقلت السلطات المعتقل إلى سجن صيدنايا، المعروف بالتعذيب والإعدامات خارج نطاق القضاء. في 3 حالات، اعتُقل الأقارب و/أو تعرضوا لمضايقات من أعضاء فرع المخابرات للحصول على معلومات حول قريبهم المطلوب أو لإجباره على العودة.

قال أقارب وأصدقاء اشخاص محتجزين إنهم أُخلي سبيلهم فقط بعدما دفعت عائلاتهم رشوة، وفي بعض الحالات، بعد طلب تدخل أعضاء رفيعي المستوى من لجان المصالحة أو الشرطة العسكرية الروسية. قال شخص أثناء مقابلته إنه استطاع إخلاء سبيل قريبه بعد تواصله مع الشرطة العسكرية الروسية. قال اثنان آخران إنهما توسطا لإخلاء سبيل أقاربهم عبر “الفيلق الخامس”، ميليشيا تابعة للحكومة. في حالتين أخريين على الأقل، قال أقارب إنهم حاولوا الوصول إلى الشرطة العسكرية الروسية أو لجان المصالحة المحلية لكنهم فشلوا.

قال الذين قوبلوا إن قدرة الحكومة الروسية على المساعدة اعتمدت على منطقة اعتقال الشخص وما إذا كان الشخص الذي يطلب هو قائد مجتمعي مهم أو لديه صلات. قال سكان سابقون إنه في حالتين أخريين، أدت احتجاجات في المدن التي يعيش فيها المحتجزون إلى إطلاق سراحهم.

ينبغي للحكومة السورية الإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفيا، أو توضيح أسباب وجيهة لاحتجازهم إذا وُجدت. على السلطات عرض المحتجزين على قاض خلال 48 ساعة من اعتقالهم، وتمكينهم من الاتصال بمحام، وإبلاغ عائلاتهم بمكان وجودهم.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على روسيا استخدام نفوذها مع حليفتها سوريا لوقف الاحتجاز التعسفي والمضايقات. ينبغي لروسيا توسيع تدخلها الظرفي ليشمل الإفراج عن المحتجزين تعسفيا والمعلومات المرتبطة بالمختفين. على روسيا أيضا دعم عمل المنظمات الدولية المحايدة لجمع المعلومات حول أماكن المختفين، ومراقبة مواقع الاحتجاز، وتسهيل التواصل مع العائلات. على روسيا الضغط على الحكومة السورية للتعاون الكامل مع هذه المنظمات لضمان وصولها الكامل إلى مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.

ينبغي للجان المصالحة المحلية مواصلة مراقبة ومعالجة الاحتجاز التعسفي، والمضايقات، والاختفاء ورفع القضايا الفردية للشرطة العسكرية الروسية، وللحكومة السورية. ينبغي للمنظمات الدولية المحايدة العاملة على هذه القضايا تقديم الدعم للجان المحلية.

على الرغم من خطر الاضطهاد المستمر في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، تتعرض البلدان المُضيفة اللاجئين، بما في ذلك لبنان والدنمارك وألمانيا، لضغوط سياسية داخلية لتشجيع العودة. في بعض الحالات، نظمت البلدان عمليات العودة، وأوجدت حوافز للاجئين للعودة، وصعبت الظروف في البلدان المضيفة بشكل متزايد، حتى أنها رحّلت لاجئين إلى سوريا.

قال عامل إنساني من درعا لـ هيومن رايتس ووتش: “الذين يخبرونك بوجود استقرار أو أمن في الجنوب يكذبون. لا تزال هناك اغتيالات واعتقالات تعسفية، ولا زال السكان يعانون من الاضطهاد”.

دعت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” جميع الحكومات لعدم إعادة أي شخص قسرا إلى سوريا.

قالت فقيه: “تأثير غياب ضمانات الحماية أكثر حدة في المناطق التي استعادتها الحكومة. تُشكل المضايقات والانتهاكات التي ترتكبها أفرع المخابرات رادعا كبيرا للذين يفكرون في العودة وأجبرت الراغبين في البقاء على الرحيل. إذا كانت روسيا جادة بشأن تشجيع عودة اللاجئين، فعليها الضغط على الحكومة لإنهاء انتهاكات الاحتجاز وتهيئة ظروف ملائمة لعودة آمنة وكريمة”.


القانون الدولي المطبّق

بموجب القانون الدولي، يكون الاحتجاز تعسفيا عندما تنتهك سلطة الاحتجاز الحقوق الأساسية للأصول القانونية الواجبة، بما في ذلك العرض الفوري أمام قاض. ينص المبدأ 11 من “مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن” الصادر عن “الأمم المتحدة” على أن الشخص المحتجز يجب أن ” تتاح له فرصة حقيقة للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى”، وتكون لسلطة قضائية أو سلطة أخرى صلاحية إعادة النظر حسب الاقتضاء في استمرار الاحتجاز.

يعتبر الاحتجاز المطوّل دون تهمة أو محاكمة أو دون مثول أمام القاضي تعسفيا وينتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان. يكون الاحتجاز تعسفيا أيضا إذا كان يفتقر إلى أساس واضح في القانون المحلي أو إذا كان الشخص محتجزا لممارسة حق أساسي مثل حرية التجمع.

العقاب الجماعي محظور أيضا بموجب القانون الدولي، ويشمل جميع أشكال العقوبات التأديبية والمضايقات، منها مثلا العقوبات القضائية المفروضة على الأسر أو المجموعات المستهدفة الأخرى بسبب أفعال لم يرتكبوها شخصيا. يتعارض ذلك مع المبادئ الأساسية لـ “القانون الدولي لحقوق الإنسان” و”القانون الدولي الإنساني”، التي تنص على أنه لا يجوز معاقبة أي شخص على جريمة لم يرتكبها شخصيا. يشمل ذلك “العقوبات أو المضايقات من أي نوع، سواء كانت إدارية أو على يد الشرطة أو غير ذلك”.

بموجب القانون الدولي، يُحظر على الحكومات مبدئيا استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين طالما يمكن للمحاكم المدنية تأدية الوظيفة. تضمن المادة 14 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” (العهد) حق كل متهم بأن يحاكم دون تأخير أمام محكمة مختصة، مستقلة، وحيادية. نصّت “اللجنة المعنية بحقوق الإنسان”، وهي الهيئة الدولية المخولة بمراقبة الامتثال للعهد، على محاكمة المدنيين عسكريا فقط في حالات استثنائية وفي ظل ظروف تقدم جميع الإجراءات الواجبة.

بموجب “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”، يُقصد بـ “الاختفاء القسري”:

“الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.


عمليات استعادة السيطرة الحكومية في 2018

حُددت مناطق الغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة كمناطق “خفض التصعيد” كجزء من عملية أستانة، وهي مسار مفاوضات تضمنه تركيا وروسيا وسوريا. مع ذلك، بين فبراير/شباط وأغسطس/آب 2018، هاجم التحالف العسكري السوري الروسي هذه المناطق، واستعاد السيطرة عليها في بضعة أشهر. لم تشمل مناطق خفض التصعيد جنوب دمشق، حيث كان يسيطر عليها متشددون من “تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ’داعش‘)، ولكنها تعرضت أيضا لهجوم انتهى في مايو/أيار.

بعد كلّ من عمليات استعادة السيطرة، خُيّر السكان بين الإجلاء إلى مناطق خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة في شمال غرب سوريا أو البقاء في هذه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. بالنسبة للكثيرين، لم يكن البقاء تحت تهديد الاعتقال والانتهاكات من قبل الحكومة السورية خيارا، وقرروا المغادرة. اختار آخرون البقاء.

كانت استعادة الحكومة السورية لدرعا والقنيطرة أسرع وأسفرت عن ضحايا مدنيين وتدمير أقل بالمقارنة مع ما حدث في مناطق أخرى، بما في ذلك حلب والغوطة. في هذه المناطق، كان هناك انتشار لاتفاقات مصالحة بوساطة روسية، واتفاقيات مضمونة بين الحكومة السورية وقادة المعارضة. سمحت هذه الاتفاقيات لغالبية المقاتلين بالحفاظ على أسلحتهم الخفيفة، ووفّرت عملية تدقيق لتبرئة الأشخاص من تهم أفرع المخابرات، وأتاحت هدنة لـ 6 أشهر قبل تجنيد أولئك الذين لا زالوا مطلوبين للخدمة في الجيش. في المقابل، كان على الأشخاص الذين اختاروا البقاء توقيع وثيقة تشير إلى أنهم لن يشاركوا في أنشطة مناهضة للحكومة.

قال سكان سابقون وخبراء إن هذه الاتفاقيات أدّت إلى تقسيم محافظتي درعا والقنيطرة بين قوات الأمن المختلفة، بما في ذلك القوات المسلحة و”قوات الدفاع الوطني”، وأفرع المخابرات المختلفة، والفيلق الخامس الذي أُنشئ حديثا. يتكوّن الفيلق الخامس من أعضاء سابقين في “الجيش السوري الحر”، وهي مجموعة شاملة للقوات المناهضة للحكومة. قال أعضاء سابقون لـ هيومن رايتس ووتش إن الفيلق الخامس، بقيادة أحمد العودة الذين كان قائدا لجماعة معارضة للحكومة، والمدعوم من روسيا، يسيطر على بعض البلدات في محافظة درعا.

في الغوطة وجنوب دمشق، لم تحافظ الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة على أي سلطة حتى لو وقّعت اتفاقيات المصالحة، واستعادت أفرع المخابرات السيطرة الكاملة على المنطقة. شملت الهجمات لاستعادة هذه المناطق أساليب غير قانونية مثل الهجمات العشوائية واستخدام أسلحة محظورة.


المنهجية

أجرت هيومن رايتس ووتش جميع المقابلات الـ16، باستثناء واحدة، عن بعد مع أشخاص تمكنوا من مغادرة المناطق المعنية بعد أن استعادت الحكومة المنطقة، أو مع أشخاص كانوا على اتصال وثيق ومنتظم بأقاربهم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

غادر 6 من الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش المنطقة، لأن قوات الأمن قد ضايقتهم أو لأن السلطات أصدرت مذكرات اعتقال ضدهم أو اعتقلت أقاربهم. في العديد من الحالات، ساهم الوضع الإنساني والقيود الحكومية على قدرتهم على الحركة بحرية، في قرار المغادرة.

لم تُدرج هيومن رايتس ووتش سوى الحالات التي كان فيها الشخص الذي تمت مقابلته على علاقة وثيقة أو شهد أو تعرض للمضايقة. نظرا للقيود المفروضة على الوصول إلى سوريا والمخاوف الأمنية المرتبطة به، من المحتمل أن يكون العدد الإجمالي للأشخاص الذين تعرضوا للتوقيف والمضايقة في هذه المناطق أكبر بكثير من الحالات المذكورة.


اعتقال ومضايقة عمال الإغاثة والناشطين وقادة المجتمع

في 6 من الحالات الـ11 الموثقة، ضايقت قوات الأمن، احتجزت تعسفا، أخفت، أو وضعت على قوائم المطلوبين عمال الإغاثة والناشطين وقادة المجتمع، على ما يبدو نتيجة لعملهم المشروع.


“ياسر” و”طارق”

“ياسر” و”طارق”، فلسطينيان مولودان في سوريا وعملا في منظمة إغاثة فلسطينية، اعتقلا من قبل فرع الدوريات التابع للاستخبارات العسكرية في ببيلا، بلدة تقع جنوب دمشق، في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان 2019، بحسب 3 من زملائهم. استعادت الحكومة البلدة في الأسبوع الأول من مايو/أيار 2018.

كانا من بين 15 فلسطينيا قُبض عليهم في موجة من الاعتقالات في ببيلا، قدسيا، ويلدا، وجميعها بلدات استعادتها الحكومة في مايو/أيار 2018 وكان سكانها فلسطينيين بالدرجة الأولى. قال زملاؤهما إن ياسر وطارق قد وقعا اتفاقات مصالحة، ولم يكن أي منهما مطلوبا للخدمة العسكرية أو شارك في أي عمل مسلح مناهض للحكومة.

قال زملاؤهما إن فرع الدوريات استدعى الرجلين من مقر المنظمة وسبب احتجازهما ليس واضحا. تمكن زملاؤهما من زيارة ياسر مرة أثناء وجوده في فرع الدوريات، بعد يوم من اعتقاله. منذ نقل الرجلين إلى فرع فلسطين التابع للمخابرات العسكرية، لم يعرف زملاؤهما ولا أفراد عائلاتهما عنهما شيئا، ولم يتم الكشف عن مكان وجودهما.


“وائل” و”فريد”

قال “هيثم”، وهو إعلامي يعمل مع جماعات مناهضة للحكومة، إنه بعد المصالحة في درعا في أغسطس/آب تقريبا، قُبض على اثنين من أصدقائه في داعل: “وائل” و”فريد”، الأخوين الذين يرتبطان بشكل وثيق بالمعارضة. قالت أختهما إن المخابرات العسكرية داهمت منزلهم في الساعة الواحدة صباحا، ونهبت وتسببت بأضرار، وضربت النساء. اتصلت أختهما بهيثم مباشرة بعد الاعتقالات وقالت إن الرجلين أُخذا دون إخبارهما بالسبب أو مكان نقلهما.

عندما تابعت الأخت الموضوع بزيارة أفرع الأمن المحلية، قيل لها إن هناك دعوى ضدهما، لكن لم يتم إخبار الأسرة بمكان وجودهما أو السماح لهم بالوصول إليهما.

أُطلق سراحهما في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني وأخبرا هيثم إنه تم تسليمهما إلى المخابرات الجوية في السويداء ثم نُقلا إلى دمشق. قالا إنهما حرما من التواصل مع محام أو الاتصال بعائلاتهما. كما أنهما لم يمثلا على وجه السرعة أمام قاضٍ، وعندما أُحيلا إلى المحكمة، مثلا أمام محكمة عسكرية بالرغم من أنهما مدنيين.

أخبر الشقيقان هيثم أن عناصر فرع المخابرات الجوية ضربوهما بشدة، لكنهما لم يعترفا بأي شيء. بعد 4 أو 5 أشهر من حبسهما، مثلا أمام القاضي العسكري الذي أمر بالإفراج عنهما.


“سمير”

عمل “سمير” في منظمات إنسانية بارزة، بما في ذلك “المجلس النرويجي للاجئين” و”وزارة الخارجية السويسرية”، في اليادودة، بمحافظة درعا. غادر درعا في يناير/كانون الثاني 2019 بعد أن اكتشف أنه مطلوب من قبل إدارة الأمن الجنائي بسبب عمله مع مؤسسات الإغاثة وتلقي التمويل من جهات أجنبية لعمله بما يخالف قانون مكافحة الإرهاب لعام 2012.

قال إنه بعد توقيع اتفاق المصالحة، سألته شعبة الأمن السياسي والمخابرات العسكرية عن آخرين وقعوا الاتفاق. بعد بضعة أيام، أخبره شخص من داخل شعبة المخابرات العسكرية أنهم سيأتون إليه. غادر على الفور. أخبرته عائلته بوصول مذكرة تبليغ من السلطات بعد بضعة أيام.


“سحر”

قال “جميل”، ناشط إعلامي من داعل ومحتجز سابق غادر سوريا إلى الأردن في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لـ هيومن رايتس ووتش إن المخابرات العسكرية اعتقلت “سحر”، وهي قائدة محلية، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عند حاجز “منكت الحطب”. عندما كانت درعا تحت سيطرة الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، كانت سحر عضوة في المجلس المحلي ورئيسة لمكتب شؤون المرأة. توفي زوجها في احتجاجات في 2012 وتوفي ابنها في النزاع. وقّعت اتفاق المصالحة على أمل أن تتمكن من البقاء في درعا، لكنها احتجزت رغم ذلك. قال جميل إنه وأحد أشقائها استخدما عدة صلات شخصية لإطلاق سراحها.


احتجاز ومعاقبة الأقارب

في 3 من الحالات الموثقة، اعتقلت أفرع المخابرات أو ضايقت أقارب ناشطين إعلاميين ومقاتلين سابقين وأشخاص فروا من سوريا، في محاولة للحصول على معلومات حول أفراد أسرهم المطلوبين أو إجبارهم على العودة.


“منال”

قال الناشط الإعلامي “جميل” إن المخابرات العسكرية اعتقلت شقيقته “منال” في 16 نوفمبر/تشرين الثاني عند نفس الحاجز الذي اعتقلت عنده سحر. كانت في طريقها من داعل إلى دمشق لزيارة زوجها الذي خضع لعملية جراحية في القلب. قال إن صديقا كان معها أخبره حينها. قال جميل إنه لجأ إلى أحد أعضاء لجنة المصالحة في درعا، الذي تواصل مع الشرطة العسكرية الروسية التي ساعدت في إطلاق سراحها بعد بضعة أيام. وأشار أيضا إلى أنهم دفعوا 300 ألف ليرة سورية (582 دولارا أمريكيا) لمسؤولي المخابرات العسكرية لإطلاق سراحها.

قال جميل إن شقيقته أخبرته أنها أثناء الاستجواب سُئلت عنه وعن أحد أشقائها الآخرين الذي قاتل مع الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة في درعا قبل أن تستعيدها الحكومة. عندما اختارت البقاء في داعل، وقعت على اتفاق مصالحة، لكن تم القبض عليها رغم ذلك. كما قال جميل: “بمصالحة أو دون مصالحة – الأمر سيان”.


عائلة “إياد”

غادر “إياد”، ناشط إعلامي، الذي كان يعيش في عتمان في درعا، سوريا في فبراير/شباط لأنه كان يحتاج إلى علاج طبي لم يستطع الحصول عليه في دمشق بسبب مخاوف من اعتقاله عند الحواجز في الطريق إلى هناك.

قال إنه بعد مغادرته، ذهبت المخابرات العسكرية إلى منزله واحتجزت والده ووالدته وزوجته. احتجز مسؤولو المخابرات الأسرة لمدة يوم واستجوبوهم بشأن مكان إياد. قال أفراد الأسرة إنهم لا يعرفون. قال إنه بناء على الاستجواب، لم يكن متأكدا مما إذا كانت السلطات احتجزت أقاربه بسبب عمله كناشط إعلامي أو لأنه كان مطلوبا للخدمة العسكرية.

قال إنه بعد الاعتقالات اتصل به جاره على الفور، وأخبره أن يعود. ثم تواصل إياد مع عمه الذي كان مقربا من ضباط المخابرات العسكرية في المنطقة. تدخل العم وتمكّن من تأمين إطلاق سراحهم في غضون يومين، ولكن اضطر إلى دفع 700 ألف ليرة سورية (1,359 دولارا أمريكيا) للضباط.

قال إن المخابرات العسكرية زارت أسرته 4 مرات بعد إطلاق سراحهم، وكان آخرها في 12 أبريل/نيسان، أي قبل أسبوع واحد فقط من حديثه لـ هيومن رايتس ووتش، وهددوا بإعادة اعتقال زوجته ووالدته ووالده ما لم يدفعوا لهم 50 ألف ليرة سورية (97 دولار أمريكي). وقال إياد إن والديه نادرا ما يغادران المنزل الآن.


“هاشم”

كان “هاشم” ناشطا إعلاميا في اليادودة بمحافظة درعا في سوريا، لكنه غادر في ديسمبر/كانون الثاني عندما اكتشف أنه مطلوب للمخابرات الجوية والمخابرات العسكرية بسبب عمله الإعلامي. قال إنه اكتشف أنه مطلوب عندما اتصلت المخابرات العسكرية بأحد أقاربه الذي يعمل لدى الحكومة، وسألوه عن هاشم ومكان وجوده.

بعد ذلك، زار عناصر من شعبة المخابرات الجوية منزله 3 مرات للسؤال عنه. قال: “لم أكن هناك، لكن هل يمكنك أن تتخيل لو كنت موجودا؟ لكان انتهى أمري”. في اليوم التالي استعديت للمغادرة. منذ مغادرتي، زاروا المنزل مرتين”.


احتجاز واختفاء المنشقين

وثقت هيومن رايتس ووتش احتجاز أو اختفاء 3 منشقين على يد المخابرات العسكرية وقوات الأمن الأخرى على الرغم من أن الرجال قد وقعوا اتفاقات مصالحة مع الحكومة.


“ليث”

قال رجل غادر القنيطرة في أغسطس/آب في عمليات الإجلاء بعد أن استعادت الحكومة المنطقة، إن المخابرات العسكرية أخذت ابنه في فبراير/شباط. وقال الأب إن “ليث”، الذي انشق عن الجيش في 2012، اختار البقاء في القنيطرة عقب سيطرة الحكومة عليها، ووقع اتفاق مصالحة في أغسطس/آب. في فبراير/شباط، طلبت المخابرات العسكرية من ليث الحضور إلى مقرها واحتجزته. والده لا يعرف مكان وجوده.


“خالد”

قال “إياد” إنه بعد 20 يوما من استعادة الحكومة السورية لعتمان في محافظة درعا، بين 10 و15 أغسطس/آب، حاول هو و3 رجال آخرين الدخول إلى المنطقة لتفقد منازلهم. أوقفهم رجال المخابرات العسكرية عند حاجز عند مدخل البلدة وطلبوا منهم بطاقات الهوية والتسوية، التي دققوا فيها على الكمبيوتر. كان إياد وأحد الأشخاص الآخرين مطلوبين للخدمة العسكرية، لكن قيل لهما إن بإمكانهما الانتظار حتى انتهاء فترة السماح البالغة 6 أشهر. لكن “خالد”، المنشق، احتُجز رغم أنه وقع اتفاق مصالحة.

قال إياد إنه خشي أن يطرح أسئلة على ضباط المخابرات العسكرية خوفا من الاعتقال، لكنه أثار قضية خالد أمام لجنة المصالحة في عتمان، التي وعدت بالإفراج عنه. ولكن حتى 14 أبريل/نيسان، لم يُكشف عن مكان خالد، بحسب إياد.


“عمر”

اعتقلت الأجهزة الأمنية “عمر”، المنشق البالغ من العمر 27 أو 28 عاما والذي فقد ساقيه في حادث لغم أرضي، في فبراير/شباط أو مارس/آذار في نوى، بمحافظة درعا، بحسب ابن عمه. قالت زوجة عمر إنه رغم توقيعه اتفاق مصالحة، قُبض عليه بعد أن قدم شخص ما شكوى ضده.

قال ابن عمه إن زوجة عمر تمكنت من تعقبه إلى سجن صيدنايا، حيث تمكنت من زيارته. أخبرت الزوجة ابن عم عمر أن وضع زوجها صعب للغاية، ويبدو أنه تعرض للضرب والتعذيب.


المادة من المصدر