إضافة إلى تعذيبي، حقنوني بإبر وريدية وأجبروني على تناول حبوب "الترامادول Tramadol " المخدرة.
11 / شباط / فبراير / 2020
*مع العدالة
عائدة الحاج يوسف ـ الملقبة بـ “زينة” معتقلة سابقة من مواليد 1982- حمص/ الرستن، تروي لــ”مع العدالة” قصة اعتقالها والتعذيب الذي تعرضت له داخل سجون عديدة، في سورية، ومنها فرع فلسطين المعروف باسم فرع “235” .
*تقول السيدة عائدة عن هذه التجربة المريرة حسب وصفها: ” كان والدي ضابطاً، وأخي كذلك، ووضعنا المادي والاجتماعي جيدان، وحينما بدأت الثورة، تواجهت مع عائلتي واصطدمنا، بسبب خلافنا حول الثورة، حيث إنهم مؤيدون جميعاً للنظام ولم يعترفوا بالحراك السلمي؛ فاضطررت إلى مغادرة منزلنا، نحو دمشق، بعد أن شاركتُ في المظاهرات المدنية في مدينتي الرستن مرات كثيرة.
*تضيف “اليوسف”: في مناطق الشام، وهي الغوطة والقابون وبرزة وعين ترما، كان جلّ تواجدي. عملتُ مع التنسيقيات والثوار، بالشأن المدني والإغاثي، وتنسيق المظاهرات، إلى أن غادرتُ دمشق إلى محافظة حماه، بعد أن جاء اسمي على أساس “تسوية” من قبل أجهزة النظام السوري بعدم ملاحقتي أو اعتقالي؛ وعقب ذلك، سكنتُ في “ضاحية الباسل” التي تقع على طريق سلميّة حماه، حيث أهلي وأقربائي كانوا يقطنون هناك، في هذه المنطقة التي تسيطر عليها اللجان الشعبية (الشبيحة) وأمن الدولة.
تم اعتقالي بتاريخ 27/1/2016 بعد أن طلبني فرع الأمن العسكري في حماه، عن طريق خديعة، بذريعة أن هناك مشكلة في (بطاقة Sim) الخاصة بهاتفي الشخصي.
*وعن طريقة الاعتقال تقول السيدة عائدة: حينما ذهبنا إلى فرع الأمن العسكري، أنا وأمي وأختي، أدخلوني بشكل مباشر إلى التحقيق بعد أن طردوا أمي وأختي.
في اليوم الثاني من اعتقالي جاءت أختي تسأل عني، فاعتقلوها، ووضعوها في منفردة كوسيلة للضغط عليّ كي أوقع على الاعترافات والتُهم التي قاموا بتلفيقها ضدي.
لم يكن هنالك تعذيب في فرع الأمن العسكري بشكل كبير، لكن على أثر الترهيب والقسوة والمعاملة السيئة دخلت المشفى لمدة 22 يوماً .. بعدها أعادوني إلى الفرع، كي أبصم على “الأضبارة – الأوراق”، التي فيها أقوالي الملفقة، وقد تم تهديدي بأختي، حيث قالوا لي” إن أختك سوف تبقى في السجن إن لم توقعي على الأضبارة، وسوف نجلب ابنتك في حال عدم التوقيع”. فأجبرت على ذلك، وقمتُ بالتوقيع كما أرادوا، فقاموا بتحويلي وأختي إلى القاضي العسكري “فراس دنيا“، وبدوره، أحالنا إلى “محكمة الإرهاب”.
تم إيداعنا أسبوعاً في الأمن الجنائي التابع لمحافظة حماه، وكان الوضع مزرياً هناك، وقد شهدنا على تعذيب الآخرين، ومن بينهم طفل تم قتله جراء التعذيب، عمره حوالي 11 عاماً، قتله شخص يدعى “أبو بلال” بسبب مشاركته في المظاهرات الشعبية.
بعد الأمن الجنائي، نقلونا إلى دمشق، “مخفر كفرسوسة”، لمدة أسبوع أيضاً بقينا هناك، إلى أن توجهوا بنا إلى “سجن عدرا المركزي”، وظللنا مدة 12 يوماً، وقاموا بتحويلنا بعدها إلى قاضي الإرهاب رقم 8.
تم إخلاء سبيل أختي، حيث لم يتم إثبات أي تهمة ضدها. وتم إيقافي تحت المحاكمة في سجن عدرا لمدة خمسة أشهر تقريباً .. وتم حكمي بــ 15 عاماً دون أن أذهب إلى محكمة، إذ جاء الحكم إلى السجن بتهمة معالجة المرضى والجرحى، الذين يتعرضون للقصف، وهذا بنظر النظام السوري وأجهزته الأمنية مساعدة في الأعمال الإرهابية.
بعد أن تم الحكم الجائر علي، خلال أيام جاء اسمي في صفقة تبادل أسرى من قبل ثوار الغوطة والفصائل العسكرية المعارضة هناك؛ فلم يطلقوا سراحي من سجن عدرا بشكل مباشر، لكن تم نقلي إلى فرع فلسطين، وفي الفرع، تم تعذيبي بشتى الوسائل لمدة 18 يوماً .. ومنها بـ”الأخضر الإبراهيمي” ( أنبوب بلاستيكي- متعارف عليه في أفرع وسجون النظام) إضافة إلى حرق بأعقاب السجائر، والصدم بالكهرباء، والضرب على كافة أنحاء الجسم.
*السيدة عائدة اليوسف شاهدة على الأساليب الإجرامية التي تقوم بها أجهزة مخابرات النظام، والطرائق البشعة التي يستخدمها العناصر والضبّاط بحق المعتقلين والمعتقلات، حيث تقول:”
خرجتُ من المعتقل مدمنة حبوب “ترامادول- Tramadol ” وهي حبوب مخدرة ومهدئة، كان يتم إجباري على تناولها، مع حقن وريدية أيضاً، وبتلك الحالة، أصبحتُ مدمنة عليها، مغيّبة عن الواقع، ووضعي النفسي سيئ جداً.
شاهدتُ حوادث تعذيب كثيرة… رأيتُ نساء وفتيات تعرضن للتعذيب والتشويه الجسدي، على الوجه والذراعين، والأصابع، وغيرها في مناطق أخرى.
وثمة عجائز هناك أيضاً، وأذكر سيدة عمرها يتجاوز الستين، اسمها “سعاد – أم محمد” وهي مريضة شلل رباعي، مع ابنتيها، تم اعتقالهن بسبب انتماء ابنها للجيش الحر. وفتاة أخرى اسمها “فاطمة الزهراء” من حلب، تعرضت للتعذيب بسجن عدرا، مع خلع ثيابها وحجابها، وتم ضربها وإهاتنها بشكل بشع جداً، والسبب هو أنها شتمت “حافظ الأسد “فضلاً عن تمزيق صورته في سجن عدرا أثناء تواجدها .
في فرع فلسطين رأيتُ عمليات تعذيب نساء وشباب، لم أكن أعرف أسماءهم، بسبب الحبوب المخدرة التي كنت أتجرعها رغماً عني مع الإبر الوريدية.
- ثمة شب من درعا حاول أن يأخذ حصة التعذيب عنا نحن النسوة، لكن كنا وإياه نتلقى التعذيب مضاعفاً!
تم نقلي إلى فرع الأمن القومي لمدة 3 أيام، ومن ثم الأمن السياسي، وتم إطلاق سراحي بعدها، بلا ما تسمّى “تسوية” ولا حتى أي شيء من قبيل صفقة ــ التبادل.
خرجت من السجن بتاريخ 29/10/2016 .. أي أنني اعتلقت تقريباً 9 أشهر، وأسوأ مرحلة كانت خلال اعتقالي، هي تلك التي قضيتها في فرع فلسطين.
إلى الآن أعاني من أعراض تلك التجربة، وأصبحت أخاف من أي صوت خارجي، ضجيج، أو صراخ أب على ابنه، وحتى صوت إغلاق الأبواب تشعرني بالفزع؛ وهذه الحالة ترافق كل من خرجوا من السجون والمعتقلات، وكلٌ حسب تجربته.
مواد شبيهة:
فرع فلسطين..أبرز وجوه إرهاب الدولة في سوريا
شيار خليل: كنتُ رقماً في “فرع فلسطين”.. لا اسم لي في جمهورية الرعب !