#########

الضحايا

كتاب “سجن صيدنايا خلال الثورة السورية”: شهادة عماد الدين شحود


أثناء النزيف لم نكن نملك سوى الماء فغسلنا وجهه وفمه. أطعمته قطعة برتقال فتقيأها وتوفي. رحمه الله.

11 / آب / أغسطس / 2020


كتاب “سجن صيدنايا خلال الثورة السورية”: شهادة عماد الدين شحود

*المصدر: رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا 


القاضي نايف الرفاعي

تعرّفت إلى القاضي الرفاعي في البناء الأحمر بسجن صيدنايا عام 2012، وبقينا سوياً حتى مقتله في نيسان 2014.

كانت أخلاقه ممتازة وكان محترماً جداً من عائلة كريمة من درعا. سُرّح والده فيصل من المخابرات الخارجية عام 1975. نايف من مواليد 1974 مثلي، ولذلك كنا مقرّبين. وحسب ما روى لي أنه حاز الثانوية العامة وسافر للعمل في دولة الإمارات. ثم عاد ودرس الحقوق ثم تقدم للعمل في القضاء العسكري. زوجته مدرّسة لغة إنكليزية في مدارس داريا، اسمها هند الحامد، من نازحي الجولان، وكان شقيقها فراس رئيساً لفرع أمن الدولة بحمص. ولهما ابنتان، جوليا ونورما. كان منزله في صحنايا، وقد استلم من إدارة القضاء العسكري سيارة جيب واز بحكم عمله.



لم يميزوه إيجابياً في السجن، بل ربما تعرض للضرب أكثر من سواه. كما سُجنت أخته لدى المخابرات الجوية بتهمة تهريب شاب مطلوب من درعا.

كان مع الثورة قلباً وقالباً. وكان متهماً بالتعامل مع الثوار بدمشق وتسريب أوراق سرية تتضمن أحكاماً بالإعدام أصدرها القاضي محمد كنجو حسن رئيس المحكمة الميدانية، وهو من خربة المعزة التابعة لبانياس. كما اتهم الرفاعي بتسريب عناوين هذا الأخير مما دفعه إلى الإقامة في نادي الفروسية بالديماس ليظل في مأمن. شملت التهمة ثلاثة قضاة وقتها، أحدهم نايف، والثاني نمر النمّور من قدسيا الذي تمكن من الفرار قبل القبض عليه، وثالث لم أعد أذكر اسمه. طُلب نايف إلى المحكمة مرة واحدة فقط في شهر تشرين الأول 2013. وهناك حاكمه تلميذه سامر معلا، وهو صهر ضابط الأمن الشهير اللواء عبد الفتاح قدسية من ابنته فتون، كما أخبرني الرفاعي نفسه.


بعد الزيارة الأخيرة التي تلقاها من زوجته أعاده عسكري يدعى عيسى محمد، من صافيتا، أعتقد أنه قتل وحده حوالي 1000 سجين. أدخله إلى المهجع وأجلسه أرضاً وأخذ يضربه ببورية من الحديد على معدته وخرج. بعد خمس دقائق بدأ القاضي ينزف من فمه ثم أصيب بالإغماء. كان معنا طالب في السنة الثانية بكلية الطب اسمه محمد القاسم، سيموت لاحقاً. سألته فقال إن هذه أعراض نزيف في المعدة. كان نايف في السابق ضخماً ممتلئ الجسم، طوله حوالي 190 سم، لكنه فقد الكثير من وزنه نتيجة الجوع والمرض والهم. كان مصاباً بمرض قلب ويتناول نوعين من الدواء أحدهما مميع للدم. كانوا يعطونه العلاج في البداية ثم قطعوه.


  • أثناء النزيف لم نكن نملك سوى الماء فغسلنا وجهه وفمه. أطعمته قطعة برتقال فتقيأها وتوفي. رحمه الله.

 

الوضع الطبي

إذا سجّلت أنك مريض فقد يعني هذا نهايتك، بسبب الضرب الذي تتعرض له ذهاباً وإياباً في الطريق إلى مشفى تشرين العسكري، وحتى من الطبيب. عندما يصحبك السجانون يعطونك رقماً وتمنع من ذكر اسمك. في إحدى المرّات سجلت أني مريض فأعطوني الرقم 2529. كنا حوالي 30 محالاً إلى المشفى، وعندما وصلنا كان أربعة منا قد توفوا. في اليوم التالي أخذوني لوضع جثث من قضوا في المشفى في أكياس. كانوا أكثر من 15 قتلوا على يد الشبيحة والأطباء. أعتقد أن عدد الذين لاقوا حتفهم في هذا المشفى أكثر من الذين ماتوا في سجن صيدنايا!


  


لقراءة مدخل وأجزاء الكتاب 

⇐ مدخل الكتاب

ج ج2  ج 3 ج4 ج5 ج6