#########

الضحايا

كتاب “سجن صيدنايا خلال الثورة السورية”: شهادة مهاب القطيني


يستطيع السجان ضربنا متى شاء ولأي سبب، كان يستمتع بذلك، عدا الشتائم والإهانات. وكنا نسمع أصوات الضرب من المهاجع التي لم أحوَّل إليها، بل قضيت هذين الشهرين تقريباً في المنفردة التي تشاركت فيها مع شخصين وكانت مساحتها ثلاثة أمتار في ثلاثة، وفيها مرحاض.

27 / آب / أغسطس / 2020


كتاب “سجن صيدنايا خلال الثورة السورية”: شهادة مهاب القطيني

*المصدر: رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا


اسمي مهاب صلاح الدين القطيني. اعتقلت في 3 كانون الثاني 2017 في فرع الأمن العسكري بحلب (290). بقيت في هذا الفرع مدة 33 يوماً. كانت أعداد المعتقلين فيه هائلة، وكان التعذيب يُمارس بشتى أنواعه كالضرب والشبح.

في 5 شباط حوّلوني إلى الفرع 248 بدمشق، وهو فرع التحقيق التابع لشعبة المخابرات العسكرية. هناك كان الوضع أفضل بقليل من حلب من ناحية الازدحام، وكان التعذيب أخف.

كانوا قد وضعوا كاميرات في المهاجع وساد نوع من الانضباط فلم يعد السجناء يموتون كما في السابق. أما أثناء التحقيق فيتعرض السجين لشتى أنواع التعذيب؛ كالشبح واقفاً، حين تبقى على قدميك لمدة 48 أو 72 ساعة، حسبما يقرر المحقق، وهناك الشبح المعروف وهو التعليق لمدة ساعة، والضرب بالأنبوب الشهير باسم “الأخضر الإبراهيمي”.

كان الطعام سيئاً جداً وقليلاً. كانت المدة المتعارف عليها للتحقيق 60 يوماً، تمدد إلى 90 إن حصلت تطورات فيه. لكنني قضيت أكثر من ذلك وقتها لأنهم احتفظوا بجميع المعتقلين المتحدرين من مناطق ساخنة لاستخدامهم في عملية تبادل أسرى مزمعة.



تم تحويلي إلى سجن صيدنايا بتاريخ 20 أيلول 2018. هناك بدأ الاستقبال بالضرب كما هو معروف بالنسبة لنزلاء المبنى الأحمر بالتحديد، ثم أودعوني في إحدى المنفردات حتى تاريخ 12 تشرين الثاني من العام نفسه.

كان الوضع سيئاً جداً، فالأكل قليل لا تتجاوز حصة الواحد منه رغيف خبز يومياً. يتوزع الطعام على ثلاث وجبات؛ في الصباح حبتا زيتون وشاي يرميه السجان في أرض المنفردة، أما الغداء فمن الرز أو البرغل مع سائل من شوربة العدس أو مرقة المعكرونة، لم يكن مقبولاً فكنا نرميه عادة. وكان العشاء بطاطا مسلوقة. لم يكن باب المنفردة يُفتح إلا مرتين في اليوم؛ الأولى لإدخال طعام الفطور، والثانية لطعام الغداء والعشاء سوياً ويوزعونه وقت الغداء.


يستطيع السجان ضربنا متى شاء ولأي سبب، كان يستمتع بذلك، عدا الشتائم والإهانات. وكنا نسمع أصوات الضرب من المهاجع التي لم أحوَّل إليها، بل قضيت هذين الشهرين تقريباً في المنفردة التي تشاركت فيها مع شخصين وكانت مساحتها ثلاثة أمتار في ثلاثة، وفيها مرحاض. لم يكن بمقدورنا فعل شيء سوى الأكل والنوم، لكن النوم في النهار كان ممنوعاً فكنا نتناوب عليه بسبب المساحة وكي ينتبه أحدنا إلى مجيء السجان فيوقظ النائم.


كان التعذيب يشمل الضرب والشبح كذلك. كنا نسمع أصوات المشبوحين ولكن لا نعرف أين هم، أما الضرب فحين يخطر للسجان فإنه يُخرج أي شخص من إحدى المنفردات ويأخذ بضربه كي يتسلى ليلاً. في المنفردة التي كنت فيها لم يخرج أحد منا للضرب ولا للشبح.

أفرج عن أحد رفيقيّ قبلي، وخرجت وتركت الثالث.

بعد صيدنايا حولوني إلى فرع الشرطة العسكرية لمدة خمسة أيام، ثم إلى سجن عدرا لستة عشر يوماً، ثم أُفرج عني.


  


لقراءة مدخل وأجزاء الكتاب 

⇐ مدخل الكتاب

ج ج2  ج 3 ج4 ج5 ج6 ج7 ج8 ج9 ج10 

ج11 ج12